نفذت وحدة إسرائيلية خاصة، أمس الإثنين، عملية تسلل غرب مدينة خان يونس، جنوب القطاع، أسفرت عن استشهاد الصحفي الميداني تامر الزعانين، واختطاف الدكتور مروان الهمص، مدير مستشفى أبو يوسف النجار والمتحدث باسم وزارة الصحة، وسط حالة من الغضب الشعبي والإدانة الحقوقية الواسعة.
عملية تسلل دامية وسط حشد مدني
وقعت العملية في محيط مستشفى الصليب الأحمر الميداني الواقع في منطقة المواصي غرب خان يونس، حيث تسللت وحدة إسرائيلية خاصة إلى المكان في زيّ مدني، قبل أن تفتح النار بشكل مفاجئ وعنيف على مدنيين متواجدين في كافتيريا مقابلة للمستشفى، ما أدى إلى استشهاد الزعانين وإصابة المصور الصحفي إبراهيم عاطف أبو عشيبة وسائق سيارة إسعاف، إلى جانب اختطاف الدكتور مروان الهمص.
وبحسب شهود عيان، فقد نُقل الدكتور الهمص بعد اعتقاله إلى جهة مجهولة، قبل أن تؤكد مصادر مطلعة نقله إلى مركز تحقيق إسرائيلي في مدينة رفح، فيما انتشرت قوات الاحتلال في محيط المنطقة لعدة دقائق قبل انسحابها، مخلفة حالة من الذعر والدمار.
الزعانين... شهيد الكلمة في مواجهة الرصاص
الصحفي الشهيد تامر الزعانين لم يكن مجرد مراسل ميداني، بل كان أحد أبرز الأصوات الصحفية التي نقلت معاناة المدنيين في جنوب قطاع غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية الأخيرة. وقد عرف عنه التزامه المهني في تغطية المجازر والانتهاكات بحق المواطنين، ما جعله هدفًا مباشرًا – وفق مراقبين – في محاولة لإسكات الأصوات الحرة التي توثق جرائم الاحتلال.
وإلى جانب الزعانين، أصيب المصور الصحفي إبراهيم عاطف أبو عشيبة بجروح خطيرة، بينما لا تزال حالته الصحية غير مستقرة حتى اللحظة.
وزارة الصحة: استهداف مُتعمَّد ومحاولة لإسكات الحقيقة
في أول تعليق رسمي، أصدرت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة بيانًا شديد اللهجة، أدانت فيه جريمة الاغتيال والاختطاف، مؤكدة أن استهداف الدكتور مروان الهمص هو محاولة "متعمّدة لإسكات صوت الجوعى والمعذبين"، ووصفت العملية بأنها "ضربة مباشرة للعمل الإنساني والطبي والإعلامي، وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني".
وأضاف البيان: "اختطاف الدكتور الهمص يمثل اعتداءً على الحياد الطبي، وجريمة حرب مكتملة الأركان، تستوجب موقفًا دوليًا حازمًا"، داعية المؤسسات الدولية الصحية والحقوقية إلى التدخل العاجل والضغط على سلطات الاحتلال للإفراج الفوري عنه دون قيد أو شرط.
ردود فعل متصاعدة: صدمة وغضب واتهامات
من جانبه، اعتبر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن ما جرى "يعكس استخفاف الاحتلال بأرواح الفلسطينيين"، ويؤكد أن إسرائيل ماضية في سياسة استهداف الكوادر المدنية كجزء من حربها المفتوحة على القطاع.
كما أعربت نقابة الصحافيين الفلسطينيين عن "بالغ حزنها وصدمتها" إزاء اغتيال الزعانين، معتبرة ما حدث "جريمة موثقة بحق الصحافة"، ودعت إلى تحرك عاجل من قبل المنظمات الدولية وعلى رأسها "مراسلون بلا حدود" لفتح تحقيق ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة.
واقع ميداني يزداد خطورة
يأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه مناطق جنوب قطاع غزة، وخصوصًا محافظة خان يونس، ظروفًا إنسانية مأساوية، وسط استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، وتعطّل شبه كامل في عمل المستشفيات والمراكز الصحية، ونقص حاد في الإمدادات الطبية.
وتضيف هذه الجريمة إلى سجلٍ متزايد من الانتهاكات ضد الصحفيين في القطاع، إذ تجاوز عدد الصحفيين الذين قضوا نحبهم منذ بدء الحرب 130 صحفياً وصحفية، وفق نقابة الصحفيين الفلسطينيين، في واحدة من أسوأ فصول الحرب على الإعلام في العصر الحديث.