وسط حالة اقتصادية متردية يوازيها تطبيل من الإعلام والمسؤلين، خاصة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي الذي لم يمر على تصريحاته الكاذبة سوى عدة ساعات، وهو يحتفل بمرور 10 سنوات على برنامج تكافل وكرامة: «وعدنا المواطنين بالتكافل والكرامة وألا نترك أحدا خلف الركب، ولقد أثبتت الدولة منذ 30 يونيو أنها دولة الحماية التي لا تدخر جهدا في صون مواطنيها من الوقوع في براثن الفقر والعوز»، فاجأنا الدكتور محمد العقبي، المتحدث الرسمي باسم وزارة التضامن الاجتماعي، بخروج 3 ملايين أسرة فقيرة رسميا من برنامج تكافل وكرامة، بحجة تحسن أوضاعهم المعيشية.
ولم تكن تلك التصريحات الرنانة إلا ويأتي بعدها كارثة، ففي عز احتياج ملايين الأسر الفقيرة لأي دعم حتى وإن كان قليلا، يصر السيسي ومدبولي على زيادة معانتهم ووقف الدعم لإرضاء صندوق النقد، على حساب أبناء جلدتهم من الذين تسببوا في إفقارهم.
دعم زهيد
وتصرف الحكومة مبلغ 826 جنيهاً شهرياً للأسر الفقيرة، و743 جنيهاً للمسنين والأشخاص من ذوي الإعاقة، و578 جنيهاً للأيتام، وسط متغيرات اقتصادية في انخفاض، ومعدلات تضخم في تصاعد وارتفاعات متتالية في أسعار السلع والخدمات.
12 مليون أسرة تحت خط الفقر
وبحسب وزيرة التضامن الاجتماعي مايا مرسي ، فإن هناك 12 مليون أسرة مصرية تحت خط الفقر، استفاد منها نحو 7.4 ملايين أسرة من برنامج الدعم النقدي المشروط، خلال السنوات السبع الأخيرة، وبخروج 3 مليون سيتبقى نحو 4.4 أسرة فقيرة تدعم بجنيهات قليلة، في حين أن 7.6 مليون أسرة لا يجدون من يحنو عليهم.
ويرى خبراء أن هذه المبالغ لا تكفي لتوفير الطعام اليومي للفقراء، في ظل تزايد معدلات التضخم، وتراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار من نحو 31 جنيهاً إلى أكثر من 50 جنيهاً في غضون عام.
وحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الحكومي في مصر، فإنّ خط الفقر القومي يبلغ 10279 جنيهاً في السنة، ما يعني أنه يخص من يقل دخلهم الشهري عن 856 جنيهاً تقريباً.
بينما يقدر البنك الدولي خط الفقر بـ2.15 دولار يومياً، بما يعادل نحو 107 جنيهات في اليوم.
شروط مجحفة
ونص المشروع على أن يُحدد الدعم النقدي الشهري، والحدان الأدنى والأقصى له، بقرار من رئيس الوزراء، بناءً على عرض وزيري المالية والتضامن الاجتماعي، ومراجعة قيمة الدعم كل ثلاث سنوات، بعد صدور نتائج بحث الدخل والإنفاق، وفقاً للضوابط والمعايير والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون.
كما أن التزام الأبناء بالحضور في المدارس والجامعات هو شرط أساسي لاستحقاق الأسر الفقيرة معاش "تكافل وكرامة"، مشيرة إلى إعادة دراسة الحالة التي يوقَف دعمها بعد مرور ستة أشهر من الإيقاف، على أن يكون الإيقاف نهائياً في حالة عدم التزام الأسرة للمرة الرابعة.
ونص المشروع على أنّ رصد المخالفة الأولى يترتب عليه خصم 30% من قيمة الدعم، و60% في المرة الثانية، و90% في المرة الثالثة.
كما تخرج الأسر من برامج الحماية الاجتماعية لأسباب أخرى مثل امتلاك «جرار» على سبيل المثال بعد 3 سنوات، أو شراء فدان أرض، أو تأسيس مشروع صغير، أو الحصول على سجل تجاري.
واعتمد البرلمان اتفاقاً بالتوسع في برنامج "تكافل وكرامة" مع البنك الدولي بقيمة 500 مليون دولار، يقضي بتقديم تحويلات نقدية مشروطة وغير مشروطة لدعم الفئات الأقل دخلاً، علماً بأن عدد الأسر المشمولة في البرنامج قليل، مقارنة بإجمالي عدد الأسر الواقعة تحت خط الفقر في البلاد.
ودفع التزام الحكومة بسياسات صندوق النقد الدولي، التي تركز على تحرير سعر صرف الجنيه، ورفع معدلات الفائدة للحد من التضخم، المزيد من المصريين تحت خط الفقر.
ويقدر عدد المصريين الذين يعانون من الفقر المدقع بنحو 60% من إجمالي تعداد السكان البالغ نحو 108 ملايين نسمة، بحسب تقديرات البنك الدولي، في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة، إثر تعويم الجنيه خمس مرات منذ عام 2016..