أكد الخبير الاقتصادي، مصطفى عبد السلام، أن أزمة البنزين المغشوش في بعض محطات التزود بالوقود بمصر انتقلت، خلال أقل من أسبوع، من خانة النفي الحكومي القاطع والحاسم، بل ووصف ما يتردد حولها بأنه مجرد مزاعم وشائعات يطلقها أهل الشر، إلى خانة الاعتراف الرسمي بالأزمة الجماهيرية والتي أثارت القلق داخل الشارع خاصة بين سائقي المركبات وحائزي السيارات بكل أنواعها، بل وقرار حكومي بمنح تعويض للمتضررين منها.
وسرد الخبير الاقتصادي عبر موقع "العربي الجديد" الأحداث المأساوية التي تعرض لها الكثير من المواطنين، فقال: "خرجت علينا استغاثات من أصحاب السيارات بانتشار ظاهرة البنزين المغشوش، ووجود وقود غير مطابق للمواصفات في محطات التموين، وتصاعدت الشكاوى من حدوث تلف في "مضخة البنزين" بشكل مفاجئ، وارتفاع معدّلات الأعطال في محركات السيارات، وطالب هؤلاء كل من الحكومة والجهات الرسمية بالتحقيق في الأمر، وسحب عينات من محطات الوقود المنتشرة على مستوى الجمهورية لفحصها، ووضع حد لحالة الذعر المنتشرة في الأسواق، والتي دفعت بالبعض إلى التوقف عن تموين سياراتهم، والتعامل بريبة مع كل محطات الوقود بلا تفرقة".
وتابع أن حالة الذعر هذه صاحبها "حديث هامس حول دخول وقود منخفض الجودة يحتوي على نسب عالية من الشوائب والكبريت إلى مصر، مما تسبب في أعطال متكررة في طلمبات الوقود بالسيارات، مع حدوث تحول في سياسات استيراد الوقود، ولجوء الحكومة إلى أسواق بديلة مثل العراق وأذربيجان للحصول على شحنات وقود أقل جودة، بعد أن ألغت السعودية نظام الدفع الآجل واشتراط الدفع المقدم للشحنات".
وأرجع أزمة البنزين المغشوش في إحدى أسبابها إلى "انتقال ملف استيراد المشتقات النفطية إلى جهات سيادية بالدولة، مما أدى إلى استحواذ شركات غير متخصصة على حصة كبيرة في سوق استيراد الوقود، وأسهم في إدخال نوعيات منخفضة الجودة خلال الفترة السابقة لحصد مزيد من الأرباح السريعة".
نفي أزمة البنزين المغشوش
ونفى عبد السلام "تحرك الحكومة والوزارات التابعة لها مثل البترول والتجارة والتموين لوضع حد للأزمة"، لكنها "سارعت كعادتها إلى نفيها في بداية الأمر، وتأكيد أن جميع المنتجات البترولية، بما في ذلك البنزين، تخضع لرقابة وفحوصات دورية دقيقة ضمن عمليات الإنتاج والتوزيع المختلفة لضمان مطابقتها للمواصفات القياسية، وأن نتائج الفحص حتى الآن مطابقة، سواء من مستودعات شركات التوزيع أو شركات التكرير المنتجة، وعاودت الوزارة قبل أيام تأكيد خلو النتائج الأولية للعينات المفحوصة من أي مخالفات على لسان الناطق باسمها معتز عاطف الذي أكد التزام الوزارة الشفافية والحفاظ على جودة الوقود المقدم للمستهلكين."
وتناول الخبير الاقتصادي موقف وزارة التموين والتجارة الداخلية التي "سارت في اتجاه النفي حيث أكدت تنفيذها حملات تفتيش مباغتة يومية على محطات الوقود، وسحب عينات عشوائية لفحصها والتأكد من جودتها، ومطابقة كل العيّنات التي تم سحبها من محطات الوقود، بالمواصفات القياسية، وأنه لم يتم رصد أي مخالفات بها، وفق تصريحات أحمد أبوالغيط، معاون وزير التموين لشئون الرقابة على المواد البترولية."
وأضاف أن "الشعبة العامة للمواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية اتفقت مع ما ذهب إليه بيان وزارتي البترول والتموين قبل أيام، نافية صحة ما تردد عن الوقود المغشوش، وأكدت أنها لم تتلق أي شكاوى حول وجود بنزين مغشوش في الأسواق أو توزيع وقود غير مطابق للمواصفات. وقال رئيس الشعبة، حسن نصر، إنه اجتمع مع مسؤولي ثلاث شركات أكدوا عدم وجود وقود مغشوش، بل وأكد "صعوبة غش الوقود" خصوصاً في نطاق محافظات القاهرة الكبرى، نظراً إلى الإجراءات الصارمة المتبعة داخل شركات التكرير، حيث يتم تحليل ومطابقة العينات بدقة قبل توزيعها."
تعويضات مالية
ووفقًا لعبد السلام، فقد تراجعت "وزارة البترول أمس الأحد عن موقفها، واعترفت بوجود عينات من البنزين غير مطابقة للمواصفات في مناطق عدة بالقاهرة الكبرى والإسكندرية وصعيد مصر، في إطار ما سمته مبدأ الشفافية مع المواطنين. وأعلنت صرف تعويض مالي يصل إلى ألفي جنيه مصري، ما يعادل نحو 42 دولاراً، لأصحاب السيارات المتضررة من تعطل طلمبات الوقود، والناتجة عن وجود بنزين غير مطابق للمواصفات في الأسواق خلال الفترة من 4 إلى 9 مايو الجاري."
وأكد الخبير الاقتصادي أن أزمة البنزين المغشوش صارت "نموذجًا صارخًا لإدارة الحكومة ملف الأزمات المعيشية في مصر، التي تنكرها بداية وبقوة، وتنفي وقوعها بشكل قاطع، ثم تعترف بها في حال وجود ضغط جماهيري، وقد لا تعترف بها أصلاً، مكتفية بإلقاء اللوم على أهل الشر الذين لا نعرف بالضبط من هم وأين يقيمون؟!."
"فين الرقابة"
وفي وقت سابق، تصدّر هاشتاج "#البنزين_المغشوش" على مواقع التواصل الاجتماعي، وأحدث ضجة واسعة أثارتها شكاوى المواطنين حول تراجع جودة بنزين 92، مصحوبة بتحذيرات عن "رائحة غريبة" و"أداء ضعيف" و"تلف مفاجئ بالمحرك".
وتزايد شكاوى المواطنين من تعطل سياراتهم على الطرق، وتعرضها إلى أعطال شائعة منها، تلف مضخات الوقود وانخفاض أداء المحرك. حذرت الدعوات المواطنين من التزود بالوقود من محطات تموين سيارات بعينها، أبرزها محطات مملوكة لشركة مملوكة لوزارة الدفاع تملك نحو 120 محطة وقود على الطرق الرئيسة بالمحافظات.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، غرد المواطنون عن الحالة التي وصلت إليها سياراتهم، وجيوبهم، في الوقت ذاته، بعدما أصاب العطل سياراتهم، وأصب جيوبهم الإفلاس.
وقال د. راوي (ᏒᏗᎧᏇᎩ) :
طرمبة البنزين باظت عند نص الشعب يا حكومة 😡 يا وزارة البترول، يا وزارة التموين فين الرقابة علي المحطات وعربيات التوزيع؟؟ مين اللي هيدفعلنا تمن العطله في الشوارع والبهدلة عند الميكانيكيه والفلوس اللي اتصرفت دي كلها دلوقتي؟؟ #البنزين #البنزين_مغشوش".
وأضاف محمد عيسى ( @muhammedeissa14):
"لو انت متعرفش ف مشكله ع مستوى الجمهوريه كلها ف البنزين كله مغشوش غالبا وبيحرق قلب طرمبه البنزين ف لو معاك عربيه اركنها الايام دي واركب مواصلات".
وعقّب WESS (@Wesomania_):
قالوا للحرامي احلف ،قال جالك الفرج! هو احنا امتى صدقناكم ؟؟؟ انتوا نصابين وبتطرمخوا اي حاجة #البنزين_مغشوش".
وتحدث محمد حمدي (@mohhamdyEg) عن كذب الحكومة:
"الناس دي عائشة فى أيام عبدالناصر، يعنى كل الشكاوى اللي على الميديا والفيديوهات الموثوقة ويقولك لم نتلق شكوى! وفى نفس الوقت التموين تقولك هانضبط المتلاعبين اللي طبعا هايطلعوا اخوان، يعنى حنطتى اللي يسرق ويغش ما يكونش بالجهل والفجاجة المفضوحة دي".
وكانت حكومة الانقلاب قد رفعت أسعار الوقود 19 مرة منذ بدء عمل لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية في يوليو 2019، بزيادة إجمالية بلغت 181% للسولار الذي ارتفع من 5.50 جنيهات إلى 15.50 جنيهًا للتر، و186% للتر من بنزين 80 (من 5.50 جنيهات إلى 15.75 جنيهًا)، و155% للتر من بنزين 92 (من 6.75 جنيهات إلى 17.25 جنيهًا)، و145% للتر من بنزين 95 (من 7.75 جنيهات إلى 19 جنيهًا).