أكد العديد من التجار والخبراء، أن اندلاع الحرب بن الهند وباكستان قد يرفع أسعار السلع في مصر، أو قد يكون لها تأثيرًا محدودًا على أسواق السلع المحلية في الوقت الحالي، إلا أنهم تخوفوا من اتساع رقعة الصراع، لتؤثر بشكل مباشر على المحاصيل الزراعية في منطقة شرق آسيا.

وتبادلت الهند وباكستان، الثلاثاء الماضي، قصفًا بالصواريخ، أسفر عن وقوع عدد من الضحايا والمصابين، بعدما أعلنت الهند شن هجمات جوية ضد البنية التحتية في باكستان وفي الجزء الخاضع لسيطرة إسلام آباد من كشمير.

وتُعدّ الضربات التي شنتها الهند ضد باكستان، الثلاثاء الماضي، هي أعمق قصف هندي داخل حدود باكستان غير المتنازع عليها منذ الحرب الهندية الباكستانية في 1971.

وتستحوذ الهند على أكثر من 40% من صادرات الأرز العالمية، فيما تُورّد كل من الهند وباكستان نحو 80% من التوابل والعطارة للأسواق العالمية، وفقًا لصحيفة "الشروق" المحلية.

 

ارتفاع الأسعار في هذه الحالة

في السياق، قال رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية متى بشاي، إنّ تصاعد التوترات بين الهند وباكستان يثير قلقًا مشروعًا بشأن تأثيرها المحتمل على حركة التجارة، لكنّه استبعد أن يكون لذلك أثر كبير على السوق المصرية، مرجعًا ذلك إلى تنوع مصادر التوريد التي تعتمد عليها القاهرة.

وأوضح بشاي أن الهند تُعد من أبرز الشركاء التجاريين لمصر، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 4.2 مليارات دولار خلال عام 2024. وتستورد مصر من نيودلهي سلعًا استراتيجية مثل اللحوم والحديد والآلات والأسمدة العضوية، فيما تصدر لها الأسمدة والقطن والملح وعددًا من المواد الخام، وفقًا لـ"العربي الجديد".

وأشار إلى أن اللحوم الهندية تمثل مكونًا مهمًا في السوق المصرية، نظرًا لجودتها وسعرها التنافسي، إلا أن هناك بدائل جاهزة مثل اللحوم البرازيلية، بما يتيح للمستوردين التحرك بمرونة في حال تأثرت الإمدادات من نيودلهي. لافتًا إلى أن أية اضطرابات في سلاسل التوريد قد تؤدي إلى ارتفاع مؤقت في الأسعار حال استمر الصراع أو تطور إلى مواجهة عسكرية مفتوحة.

وأضاف أنه منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، اتبعت مصر سياسات فاعلة لتنويع مصادر الاستيراد وتقليل الاعتماد على جهة واحدة، وهو ما وفّر قدرًا من الحماية ضد الاضطرابات الجيوسياسية. ونبه إلى ضرورة مراقبة تداعيات الأزمة بدقة، خاصة فيما يتعلق بالصادرات المصرية إلى الهند، التي قد تتأثر في حال تعرض الاقتصاد الهندي لانكماش أو ضعف في الطلب الداخلي. مشددًا على أهمية اتخاذ خطوات استباقية تضمن استمرار تدفق السلع إلى السوق المصرية دون انقطاع أو زيادات مفاجئة في الأسعار، داعيًا إلى دراسة كافة السيناريوهات المحتملة في جنوب آسيا.

 

ارتفاع أسعار الأرز والتوابل

ويقول عاصم عمر، محلل أسواق السلع، إن سلعة الأرز قد تكون الأبرز بين المتضررين، مرجعًا ذلك إلى أن دولة الهند هي أكبر مُصدر للسلعة الاستراتيجية في العالم.

ورغم أن مصر تحقق اكتفاءً ذاتيًا من الأرز، إلا أن عمر يتخوف من أن ارتفاع السعر العالمي المتوقع، قد يدفع الفلاح لزيادة أسعار توريد شعير الأرز وقت الحصاد، كما أنه قد يُشجع التجار على زيادة حجم الصادرات من السلعة الاستراتيجية، وهو ما سيؤثر سلبًا على السوق المحلية.

ويرى أنه من المفترض أن يكون التأثير محدودًا جدًا على سلعة الأرز الأبيض داخل السوق المحلية، نظرًا لارتفاع حجم المعروض، وانخفاض القوة الشرائية، مضيفًا أن الحكومة لا تستورد السلعة الاستراتيجية إلا في نطاق محدود بنهاية الموسم، وبكميات تتراوح بين 50 إلى 100 ألف طن فقط.

وارتفعت أسعار الأرز الهندي خلال تعاملات الخميس الماضي، بنسبة 1.2% ليصل إلى 1110 دولارًا للطن، فيما سجلت بعض الأصناف (البسمتي) نحو 1220 دولارًا للطن.

وتحدد حكومة السيسي مليون و70 ألف فدان لزراعة الأرز كل عام، ولكن يصل إجمالي المساحات المزروعة إلى أكثر من 1.5 مليون فدان سنويًا، حيث يتجه بعض الفلاحين إلى زراعة مساحة مخالفة مقابل دفع غرامة مالية والتنازل عن حقه في السماد المدعم، وفق حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين.

ومن ناحية أخرى، يرى مروان أبو الليل، سكرتير شعبة الحبوب والحاصلات الزراعية بغرفة القاهرة التجارية، أن الحرب الهندية الباكستانية سترفع أسعار التوابل في السوق العالمية بنسبة كبيرة جدًا، مرجعًا ذلك إلى أن البلدين هما الموردين الأساسيين للتوابل والعطارة للعالم كله.

ولكن أبو الليل يتوقع أن التأثير سيكون محدودًا جدًا على السوق المحلية، مرجعًا ذلك إلى انخفاض حجم المبيعات بنسبة قد تتجاوز الـ70% بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية لدى المواطنين.

وأكد أبوالليل أن أسعار التوابل والعطارة تراجعت في السوق المحلية بنسبة 5% خلال شهر أبريل المنقضي رغم زيادة التكلفة الناجمة عن ارتفاع أسعار الوقود بقيمة جنيهين لكل الأنواع.

وتوقع أبوالليل أن يشهد الأرز البسمتي ارتفاعات ملحوظة بالسوق العالمية نتيجة الحرب الهندية الباكستانية، ولكنه يرى أنه سلعة ترفيهية، ولن يكون لهذه الارتفاعات تأثيرًا على السوق المحلية مطلقًا.