أوضح موقع ميدل إيست آي أن تونس شهدت في منتصف أبريل احتجاجات واسعة في مدينة المكناسي (ولاية سيدي بوزيد)، مهد ثورة 2011، عقب مقتل ثلاثة طلاب إثر انهيار جدار مدرسة، وسط غضب شعبي من الإهمال الرسمي. أغلقت المحال والمدارس، وأشعل المحتجون الإطارات، وواجهوا قمعاً أمنياً عنيفاً، استخدمت خلاله قوات الأمن الغاز المسيل للدموع حتى ضد المشيعين. كما قُطع التيار الكهربائي وشبكات الاتصال، وتعرض صحفيون للاعتداء والطرد.

رغم تصاعد الغضب، تجاهل الرئيس قيس سعيد الحادثة لأكثر من يوم، وحين ألقى خطاباً لم يُظهر تعاطفاً، بل عبّر عن استغرابه من توقيت انهيار الجدار، ثم أمر باعتقال مدير المدرسة، رغم تحذيره المسبق للسلطات من الخطر.

في العاصمة تونس، خرجت احتجاجات أخرى، لكن قوات الأمن منعت المتظاهرين من الوصول إلى وزارة الداخلية. ومع تزايد الاستبداد وانعدام المحاسبة منذ استيلاء سعيد على السلطة في يوليو 2021، شعر المواطنون بأن لا سلطة حقيقية لأي مسؤول، وأن القرار محصور في شخص واحد. الرئيس يعين ويقيل المسؤولين، ويقيد الأحزاب والمجتمع المدني والنقابات.

سعيد اعتاد تحميل الآخرين مسؤولية تدهور الأوضاع، من "العشرية السوداء" إلى المعارضة ورجال الأعمال الأجانب، لكن هذا الخطاب لم يعد يقنع التونسيين. وبدلاً من تقديم حلول للأزمات، ازداد الوضع سوءاً مع ارتفاع غير مسبوق في التضخم والفقر.

تزامن هذا القمع مع إصدار أحكام جماعية بحق أكثر من 40 معارضاً اتُّهموا بـ"التآمر على أمن الدولة"، بينهم أكاديميون وصحفيون وسياسيون. شملت الأدلة رسائل "واتساب" واجتماعات مع صحفيين ودبلوماسيين. نالت شقيقة كاتبة المقال يسرى الغنوشي حكما بالسجن 33 عامًا، رغم عدم انخراطها في أي نشاط سياسي. كما نال القيادي الاجتماعي خيام التركي حكماً بـ66 عاماً فقط لأنه حاول توحيد المعارضة.

حُكم على المعارضين في أقل من دقيقة، بعد عامين من الحبس الاحتياطي، وحُرموا من حضور الجلسات، بينما منع المراقبون والصحفيون من دخول القاعة. حتى المحامي والقاضي السابق أحمد الصواب تعرض للاعتقال بعد يومين من تنديده بالانتهاكات داخل المحكمة. كما وُجهت تهم فضفاضة إلى نحو 100 معارض آخر.

في ظل تدهور اقتصادي حاد، يعجز التونسيون عن تأمين حاجاتهم الأساسية، فيما تعاني الدولة من نقص غذائي وانقطاعات في الكهرباء والماء. تسجل البلاد أدنى نمو اقتصادي منذ عقد، باستثناء سنة الجائحة، ويزداد اعتماد الحكومة على الاقتراض الداخلي وسط نقص التمويل الخارجي.

أدت هذه الظروف إلى تصاعد الهجرة والكفاءات، حيث ارتفعت معدلات "هجرة الأدمغة" بنسبة 28٪ العام الماضي. ورغم القلق الأوروبي من انقلاب سعيد، تواصل بعض الدول الغربية دعمه سياسياً واقتصادياً.

يكتب أبو الكاتبة وكبير المعارضين بتونس راشد الغنوشي من سجنه: "لا حل سوى في الحرية المسؤولة، والعدالة الشاملة، والديمقراطية القائمة على المساواة". ويبقى التساؤل: هل تنجح المعارضة في تجاوز خلافاتها وتوحيد صفوفها لإعادة تونس إلى مسار الديمقراطية قبل فوات الأوان؟

https://www.middleeasteye.net/opinion/tunisia-repression-deepens-opposition-back-from-brink