منذ أكثر من أسبوعين، يقبع أربعة طلاب مصريين داخل أحد السجون في قيرغيزستان بعد مشاجرة مع مواطن محلي "يُعتقد أن له نفوذًا"، وسط اتهامات بإثارة الشغب، وتعرض بعضهم للضرب والإهانة داخل الحبس، في ظل غياب أولي لدور السفارة المصرية، حسبما تؤكد شهادات من داخل الجالية في العاصمة بيشكيك.

ورغم أن وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج أصدرت بيانًا يوم الأربعاء 30 إبريل، أكدت فيه متابعتها للواقعة من خلال سفارتها غير المقيمة في كازاخستان، فإن روايات شهود وأهالي الطلاب تشير إلى تأخر واضح في التحرك، وتقصير في حماية المواطنين بالخارج، خاصة في بلد لا توجد فيه سفارة مصرية رغم وجود جالية تقدر بثلاثة آلاف شخص.

 

البداية: شجار بسيط.. ونفوذ غامض

في يوم 14 أبريل وقعت مشادة بين الطلاب الأربعة ومواطن قيرغيزي في أحد شوارع بيشكيك، وبحسب أمين القصبي، منسق الجالية المصرية في قيرغيزستان، فإن المواطن القيرغيزي "يبدو أن له سلطة في البلد"، وهو ما أدى إلى تصاعد الحادث بشكل سريع، وانتهى باعتقال الطلاب الأربعة واتهامهم بـ"إثارة الشغب".

يقول القصبي أن "الطلاب تم حبسهم 15 يومًا احتياطيًا، ومن المتوقع تمديد الحبس 10 أيام إضافية بسبب عطلة رسمية، أي أنهم سيبقون قيد الاحتجاز لأكثر من 25 يومًا قبل حتى أول جلسة محاكمة".

 

اتهامات بالتقصير.. "السفارة كانت تعلم ولم تتحرك"

يوجّه القصبي اتهامًا صريحًا إلى السفارة المصرية غير المقيمة في كازاخستان بأنها كانت على علم بالواقعة منذ اللحظة الأولى، لكنها لم تتدخل، ويقول: "لو تدخلت السفارة مبكرًا، ربما كان الأمر انتهى سريعًا دون تصعيد".

ويضيف: "لا يُعقل أن تكون السفارة المصرية في كازاخستان – التي لا يوجد بها سوى 500 مصري – هي المسؤولة عن متابعة شؤون أكثر من 3 آلاف مواطن مصري في قيرغيزستان، دون وجود أي تمثيل دبلوماسي مباشر هنا".

 

بلاغات ومحامٍ وشكاوى من الانتهاكات

خلال فترة الاحتجاز، كلّفت أسر الطلاب محاميًا محليًا لمتابعة القضية، وبحسب المعلومات التي تلقاها القصبي من زيارة المحامي، فإن بعض الطلاب اشتكوا من تعرضهم للضرب والإهانة داخل محبسهم.

"الطلاب قالوا إنهم تعرضوا لسوء معاملة. ومع غياب التمثيل القنصلي المصري، لم يكن هناك من يدافع عنهم أو يراقب أوضاعهم داخل السجن"، يوضح القصبي.

 

بيان الخارجية: تحرك متأخر؟

بيان وزارة الخارجية أشار إلى أن السفارة المصرية في كازاخستان "تواصلت مع السلطات القرغيزية للاطمئنان على أحوال الطلاب والتأكد من تمتعهم بكافة الحقوق المنصوص عليها وفقًا للقوانين المحلية"، كما أوضحت أنها تواصلت مع الأهالي وأرسلت مذكرة رسمية إلى الخارجية القيرغيزية تطلب فيها تفاصيل الواقعة، وموعد الجلسة الأولى.

كما كلّفت الوزارة القنصل المصري في كازاخستان بالسفر إلى بيشكيك لحضور أولى جلسات المحاكمة، "لتقديم الدعم القنصلي اللازم"، حسب البيان.

لكن من وجهة نظر الجالية، فإن كل هذه التحركات جاءت متأخرة، وبعد أن كانت الأزمة قد تفاقمت، "لم يكن هذا ليحدث لو أن هناك تواجدًا فعليًا للسفارة في قيرغيزستان، أو على الأقل استجابة سريعة منذ اليوم الأول".