تقبع المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان هُدى عبد المنعم في أحد السجون المصرية في ظروف قاسية، رغم تعرضها لأزمة قلبية وجلطة دماغية. وبالرغم من تدهور حالتها الصحية، تُمنع من الزيارة داخل سجن العاشر من رمضان للنساء بمحافظة الشرقية. ورغم انتهاء فترة سجنها الأساسية بتهمة "الانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها"، بقيت في السجن بعد تجديد الحكم عليها بشكل غير قانوني، مخالف لقانون الإجراءات الجنائية المصري الذي يمنع المحاكمة مرتين على نفس الجريمة.

جهاد خالد، إحدى بناتها ومدافعة عن حقوق الإنسان، تروي تأثير اعتقال والدتها على الأسرة وتدعو إلى تحرّك عالمي لمناصرة المعتقلين السياسيين في مصر. تقول جهاد إنها نشأت في أسرة معارضة؛ فوالدها اعتُقل عندما كانت في السادسة من عمرها بسبب نشاطه في نقابة المحامين. وعندما اندلعت ثورة 2011، شعرت بأنها تحقق حلمها بالحرية والعدالة. واليوم، تكرّس جهاد حياتها للدفاع عن المعتقلين السياسيين في مصر، وهي تعمل بشكل مستقل وتتعاون مع منظمات غير حكومية في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

تحكي جهاد عن والدتها، التي كرّست حياتها للعمل التطوعي والمهني، حيث كانت محامية وباحثة ومستشارة وناشطة في الجمعيات الخيرية، وفي الوقت ذاته زوجة وأم مثالية. وتشير إلى أن اعتقالها شكّل "رصاصة في قلب العائلة"، فالأسرة اليوم تحاول الصمود فقط بقوة الحب الذي زرعته هدى فيهم. وتقول: "نحتاج نصيحتها كل يوم، هي ليست فقط أمنا، بل صديقتنا الأقرب".

تشير جهاد إلى أن ابنة شقيقتها الصغيرة، التي بلغت السادسة في فبراير 2025، لم ترَ جدتها قط، وتعرفها فقط من الصور المعلّقة في المنزل، وتستمر في السؤال عنها. وتضيف أن القلق المستمر بشأن مصير والدتها لا يفارق الأسرة، خاصة في ظل انقطاع الزيارات ومنعهم من الاطمئنان عليها. وتقول: "أمي تبلغ من العمر 66 عامًا وصحتها تتدهور. بدلاً من أن تكون في زنزانة وحيدة، يجب أن تكون في بيتها محاطة بأسرتها".

وما يزيد من مرارة الوضع، حسب جهاد، أن والدتها كانت تعمل سابقًا على مشروع لتحسين أوضاع السجون عندما كانت عضوة في المجلس القومي لحقوق الإنسان. وبعد الانقلاب العسكري في 2013، بدأت في توثيق الانتهاكات، لا سيما حالات الاختفاء القسري، وهو ما جعلها هدفًا للنظام. وتؤكد أن النظام لا يسمح بأي مساحة للعمل المدني، وكل من يوثّق الانتهاكات يُعتبر "مجرمًا يجب معاقبته".

تشير جهاد إلى أن محاكمة والدتها كانت غير عادلة؛ إذ صدر ضدها حكم بالسجن خمس سنوات، وبعد قضاء المدة، أُعيدت محاكمتها بنفس التهم، وهو ما يُعرف بـ"التدوير"، وهي سياسة متكررة مع النشطاء الذين أنهوا محكومياتهم. وتقول: "لا يوجد احترام للقانون في مصر، ولا أي مساحة للعمل الحقوقي، والجو العام خانق".

تسلط جهاد الضوء على التحديات التي تواجه المجتمع المدني المصري، مثل الاعتقال، المنع من السفر، أو الإدراج في قوائم الإرهاب، كما يحدث حاليًا مع المحامي محمد الباقر، رغم مشاركته في الحوار الوطني. أما النشطاء خارج مصر، فقد يتعرضون للاضطهاد العابر للحدود، كحرمانهم من الوثائق أو استهداف عائلاتهم.

تختم جهاد رسالتها بنداء إلى العالم: "نحتاج إلى الإفراج عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان، والمحامين، والصحفيين. نريد احترام القانون ووقف المحاكمات الخاصة للمدنيين. يجب رفع قرارات المنع من السفر عن النشطاء. نحن بحاجة إلى أصوات العالم في هذه المعركة، لأنها معركة من أجل الحرية... ومن أجل الحياة".

https://www.globalcitizen.org/en/content/egypt-prisoner-hodaabdelmoneim-gehad-khaled/