في حادثة صادمة هزت أوساط جامعة سوهاج، تعرض طالب بكلية الآداب بجامعة سوهاج الجديدة، لطعنة حادة في ذراعه احتاجت إلى 29 غرزة، إثر مشاجرة داخل الحرم الجامعي، بسبب خلاف حول مقطع فيديو نُشر على منصة "تيك توك"، ليفتح الحادث جراحًا أعمق حول تصاعد العنف داخل الجامعات، وتآكل الإحساس بالأمان، وتفشي الفوضى في ظل انشغال الدولة بأولويات سياسية وأمنية لا تتقاطع مع هموم الناس. من فيديو ترفيهي إلى غرفة العمليات الواقعة بدأت بما ظنه البعض "تفاهة إلكترونية عابرة"؛ فيديو قصير صوره طالب بكلية التجارة يُدعى "أ.ك" داخل الحرم الجامعي، ظهر فيه دون علمه أو رضاه زميله "ح.ي" من كلية الآداب، برفقة عدد من الطالبات. لكن المقطع الذي وصل إلى "تيك توك" وانتشر سريعًا، أثار موجة غضب داخل الأوساط الطلابية، خاصة بين الطالبات اللاتي لم يرغبن في الظهور. الطالب المصاب طالب زميله بحذف الفيديو فورًا. ومع تصاعد التوتر، تحولت الكلمات إلى طعنات، وانتهت المشادة بجرح قطعي غائر في ذراع "ح.ي"، استلزم تدخلاً طبيًا عاجلاً وتضميد الجرح بـ29 غرزة داخل مستشفى سوهاج الجامعي. جامعة تحاول احتواء الأزمة إعلاميًا أصدرت جامعة سوهاج بيانًا رسميًا قالت فيه إن "الواقعة لم تخرج عن إطار مشادة كلامية تطورت إلى تبادل سب وقذف بين طالبين"، مؤكدة أن الأمن الإداري تدخل وحرر مذكرة بالحادثة، وتم رفعها للإدارة الجامعية، دون الإشارة إلى إحالة الواقعة للتحقيق الجنائي أو تأديبي واضح. لكن مصادر طلابية داخل الجامعة أكدت أن الأمر أكبر من مجرد "مشادة"، وأن الحادث كشف عن هشاشة الأمن داخل الحرم الجامعي، وغياب إجراءات فعالة تمنع دخول أسلحة بيضاء أو التصدي للانفلات الأخلاقي والتنمّر الإلكتروني. عن "تيك توك" كمسرح جديد للعنف المجتمعي المنصة التي انطلقت كأداة ترفيهية تحولت تدريجيًا إلى بيئة خصبة للصراعات والانتهاكات الرقمية. ومع غياب قوانين واضحة داخل الجامعات تنظم التصوير والنشر، بات من السهل أن تُنتهك الخصوصيات وتُعرض العلاقات الاجتماعية للانهيار، بل وتُزهق الأرواح. في هذا السياق، يشير خبراء اجتماع إلى أن "منصات التواصل صارت ملعبًا للضغط والابتزاز والانتقام"، محذرين من تحوّل الجامعات إلى "ساحات تصفية حسابات" في ظل غياب الثقافة الرقمية والتربية الأخلاقية. غياب الدولة عن مشهد "الأمن المجتمعي" الحادثة تفتح الباب مجددًا للنقاش حول أولويات الدولة في الملف الأمني. فبينما تُسخّر أجهزة الأمن جهودها لملاحقة المعارضين السياسيين ومراقبة وسائل الإعلام، تُترك الجامعات والمدارس والأحياء السكنية بلا رادع حقيقي للعنف المجتمعي المتزايد. محافظات الصعيد، ومنها سوهاج، لطالما عانت من ضعف البنية الأمنية والاجتماعية، لكن الجديد هو دخول الجامعات ــ التي يُفترض أن تكون بيئة آمنة للتعليم والتطوير الذاتي ــ إلى حلبة الدم والصراع.