فيما تستمر آلة الحرب الصهيونية في حصد الأرواح في غزة منذ أكثر من عام ونصف، يجد عشرات المصريين أنفسهم خلف القضبان فقط لأنهم تضامنوا سلمياً مع القضية الفلسطينية.
اليوم، تتجدد الدعوات الشعبية والحقوقية للإفراج عن هؤلاء المعتقلين، مع إطلاق حملات توقيع ونداءات استغاثة على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب بإنهاء معاناتهم وإعادة الاعتبار لحق التعبير عن الرأي السلمي في مصر.
نداء من مفرج عنهم.. دعم فلسطين ليس جريمة
بمناسبة مرور عام على إخلاء سبيلهم، أطلق عدد من الناشطات اللواتي تم الإفراج عنهن العام الماضي على ذمة القضية رقم 1567 لسنة 2024 نداءً عبر منصات التواصل الاجتماعي، جددن فيه مطالبتهن بالإفراج عن جميع معتقلي التضامن مع فلسطين.
وقالت المجموعة في بيانها: "لقد حالفنا الحظ وأُخلي سبيلنا بعد وقفتنا النسائية السلمية أمام هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تنديداً بالعدوان على غزة والسودان في إبريل الماضي. فرحتنا بالحرية كانت منقوصة، فهناك 130 معتقلًا، بينهم ثلاثة كانوا أطفالًا عند اعتقالهم، لا يزالون يقبعون في السجون. تهمتهم الوحيدة كانت التعبير السلمي عن تضامنهم مع فلسطين: عبر الكتابة أو رفع لافتات أو رسومات الغرافيتي أو حتى بالدعاء في المساجد."
وأكدت المجموعة أن المعتقلين لا يزالون محبوسين على ذمة قضايا متعددة، منها القضايا أرقام 2635 و2469 و2468 لسنة 2023، و952 و1644 و164 لسنة 2024، رغم أن دوافعهم لم تكن إلا التنديد بما وصفوه بـ"حرب الإبادة والحصار الوحشي" المفروض على غزة.
وأضافت الناشطات: "دعم القضية الفلسطينية حق، وليس جريمة. التعبير السلمي عن الرأي مكفول بالدستور والقانون، ومصر الآن، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى أصوات متضامنيها مع فلسطين وليس إلى سجنهم."
استغاثة الأمهات.. ضمائر حية خلف القضبان
بالتزامن مع النداءات الشعبية، نشرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان نداء استغاثة مؤثراً من إحدى الأمهات، طالبت فيه بالإفراج عن نجلها المحبوس على ذمة قضايا دعم فلسطين.
وجاء في النداء: "ابني وكل الشباب المعتقلين ليسوا مجرمين ولا إرهابيين، بل ضمائر حية تحركت لنصرة العدالة. مكانهم الطبيعي بين عائلاتهم لا خلف القضبان. الدعاء لفلسطين ليس تهمة، والتعبير عن التضامن مع المظلومين شرف لا يستحقون عليه العقاب."
كما أكدت الشبكة تضامنها الكامل مع المعتقلين وطالبت النائب العام المستشار محمد شوقي بالتدخل العاجل لإخلاء سبيلهم.
الخلفية.. اعتقالات عقب دعوة رئاسية للتظاهر
وتعود وقائع الاعتقال إلى 20 أكتوبر 2023، حين خرجت مظاهرات في القاهرة والإسكندرية رفضاً لمحاولات تهجير الفلسطينيين من غزة، بعد تصريحات عبد الفتاح السيسي قال فيها إن "ملايين المصريين مستعدون للتظاهر" دعماً للقضية.
ورغم أن العديد من المشاركين التابعين له كانوا قد لبوا هذه الدعوة، فإن قوات الأمن ألقت القبض على عشرات منهم، بعضهم كان موجوداً بالصدفة في محيط المظاهرات، وفق شهادات حقوقية.
ووثقت منظمات حقوقية أن 42 شخصاً تم التحقيق معهم في قضايا أمن دولة عليا، أبرزها القضيتان 2468 و2469 لسنة 2023، ووجهت إليهم اتهامات بموجب قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، رغم أن أنشطتهم اقتصرت على أشكال سلمية من التعبير.