تحتفل الدولة اليوم 25 أبريل 2025 بعيد تحرير سيناء، لكن أهل مدينة العريش، الذين لطالما كانوا جزءًا من هذا الاحتفال، سيضطرون هذا العام للتغاضي عن المشاركة في هذه المناسبة بسبب أزمة المياه المستمرة في المدينة.

منذ فبراير 2025، يعاني سكان العريش من انقطاع المياه لفترات طويلة، في وقتٍ لم تحل فيه الحكومة الأزمة بعد، مما أثار موجة من الغضب والاستياء بين الأهالي الذين باتوا يعيشون معاناة يومية جراء انقطاع المياه.
 

أزمة مياه متفاقمة.. لماذا العريش بلا ماء؟
يرجع السبب الرئيسي للأزمة إلى انخفاض قدرة محطة تحلية المياه في الكيلو 17 غرب العريش، وهي المصدر الرئيسي للمياه في المدينة، فالمحطة تعمل حالياً بربع طاقتها فقط، بسبب عدم تجديد عقد تشغيل وصيانة المحطة مع تحالف أوراسكوم- ماتيتو، الذي كان قد تولى مهمة التشغيل والصيانة وفق اتفاق سابق مع الحكومة.

كانت الزيارة الأخيرة التي قام بها عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون لمدينة العريش في 8 أبريل 2025، قد أظهرت تفاؤلاً مؤقتًا، حيث عادت المياه إلى بعض المناطق أثناء زيارتهم لكن سرعان ما عادت الانقطاعات بعد مغادرتهما.
 

من "نظام المناوبة" إلى أزمة متصاعدة
   قبل إنشاء محطة تحلية المياه في غرب العريش، كان الأهالي يعانون من نظام "المناوبة" الذي يعني انقطاع المياه لعدة أيام في الأسبوع.
ومع بدء العمل بالمحطة في أكتوبر 2022، كان من المفترض أن تنتهي هذه المشكلة نهائيًا، حيث تم الإعلان عن أن المحطة، التي تعتبر الأكبر في الشرق الأوسط، ستنتج 100 ألف متر مكعب من المياه يوميًا، وهو ما كان سيؤدي إلى توزيع المياه بشكل منتظم على كافة المنازل في المدينة.

لكن المحطة لم تعمل بكامل طاقتها منذ افتتاحها، حيث كانت كمية المياه المنتجة تتراوح بين 50 و75 ألف متر مكعب يوميًا فقط، وهو ما كان كافيًا لتلبية الاحتياجات اليومية للأهالي مع استمرار استخدامهم لمياه الشرب المفلترة من شركات خاصة.
ومع تزايد الأعطال التي تعرضت لها المحطة في الآونة الأخيرة، ومنها توقفها في أغسطس 2024 بسبب زيادة المواد العضوية العالقة في المياه، تفاقمت المشكلة بشكل كبير.
 

تدهور الوضع.. انخفاض كبير في إنتاج المياه
   منذ فبراير 2025، انخفض إنتاج المحطة من المياه بشكل حاد، ليقتصر على حوالي 20 إلى 25 ألف متر مكعب يوميًا فقط، وهو ما يعادل ربع طاقتها الإنتاجية.
وعليه، بدأ الأهالي يعانون من انقطاعات طويلة في المياه، مما دفع العديد منهم لشراء المياه المعدنية حتى لغسل الأطباق.
 

المسؤولية المالية.. 600 مليون جنيه خلف الأزمة
   المشكلة الرئيسية التي أدت إلى توقف تشغيل المحطة بكامل طاقتها تعود إلى فشل الحكومة في تجديد عقد الصيانة والتشغيل مع تحالف أوراسكوم - ماتيتو بسبب عدم دفع مستحقات مالية تصل إلى 600 مليون جنيه.

وتشير المصادر الحكومية إلى أن هذا المبلغ لم يتم تخصيصه بعد في ميزانية شركة مياه الشرب والصرف الصحي بشمال سيناء، مما جعل تحالف أوراسكوم يخفض ضخ المياه للمواطنين للضغط من أجل تحصيل مستحقاته.

ولفت أحد المصادر إلى أن شركة مياه الشرب في شمال سيناء لا تملك الموارد المالية لتغطية تكاليف تشغيل المحطة، مما دفعها للجوء إلى مجلس الوزراء ووزارة المالية لمحاولة حل الأزمة، ورغم ما يقال عن وجود مخصصات مالية، إلا أن هذه الأموال لم يتم دفعها حتى الآن.
 

ما هو تحالف أوراسكوم - ماتيتو؟
   تحالف أوراسكوم للإنشاءات وماتيتو هو مجموعة من الشركات التي تعمل في مجالات المقاولات والهندسة وإدارة المياه.

أوراسكوم، التي تملكها عائلة ساويرس، هي واحدة من أبرز شركات المقاولات في المنطقة، بينما ماتيتو هي شركة متخصصة في حلول المياه، وقد قامت بتنفيذ عدد من المشروعات الكبرى لتحلية المياه في مصر. مؤخراً، استحوذ صندوق الطاقة العربي على 100% من أسهم ماتيتو بالشراكة مع مجموعة الزامل للاستثمار السعودي وعائلة غندور اللبنانية.

إلى جانب محطة تحلية المياه في العريش، نفذ تحالف أوراسكوم - ماتيتو العديد من المشاريع الكبرى في مجال تحلية المياه في مصر، منها محطات الجلالة والغردقة، بالإضافة إلى مشاركتها في مشروعات تحت مظلة مبادرة "حياة كريمة".