زاد الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص إلى 7 آلاف جنيه شهريًا، بزيادة 1000 جنيه، وفق قرار ما يسمى بـ"المجلس القومي للأجور"، التابع لحكومة الانقلاب، على أن تُطبق الزيادة اعتبارًا من مارس المقبل 2025، إلا أنها أقل من قيمة خط الفقر للأسرة المصرية والمقدر بنحو 7180 جنيهًا شهريًا.
المرة العاشرة
وللمرة العاشرة يزيد الحد الأدنى للأجور خلال الفترة من 2014 إلى 2025.
ففي 2014 ارتفع من 1200 جنيه إلى 1400 جنيه
وفي 2015 ارتفع من 1400 إلى 1600 جنيه
ثم إلى 7 آلاف جنيه في مارس 2025
دراسة نشرتها كلية التجارة جامعة دمياط قالت إن علاقة عكسية بين انخفاض قيمة الجنيه والأجر الحقيقي والقطاع الحكومي، مطالبة بوجوب أن يكون هناك اعتبار لانخفاض سعر الصرف في زيادات الأجور.
وكانت آخر زيادة للحد الأدنى للأجور في فبراير 2024 بتحديده عند 6 آلاف جنيه للقطاع العام، بينما رفعته حكومة السيسي لنفس الرقم في إبريل للقطاع الخاص (قرار مع وقف التنفيذ)، وهو ما يعني أنه في تصاعد الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم، بينما قبل الزيادات المتتالية لأسعار السلع والخدمات الأخيرة.
الزيادة الأخيرة للحد الأدنى للأجور تأتي في ظل قفزات تضخمية وتبعات السياسات الاقتصادية، التي تسببت في ارتفاع نسبة الفقر إلى 38% في يونيو 2023، وفقًا لدراسة صادرة عن اليونيسيف، كاشفةً أن أغلب القابعين تحت خط الفقر من العاملين بالقطاع الخاص بأجر.
الدراسة قالت إن الحد الأدنى للأجور لا يطبق لا في القطاع العام أوفي القطاع الخاص، وأن إضرابات واحتجاجات مصانع وشركات الحكومة من المحلة وسمنود لأسيوط وأسوان ولشركات مثل طلعت مصطفى من الإسكندرية لمدينتي، ومن طلعت مصطفى لشركة رؤية المملوكة لمسؤولين في حزب مستقبل وطن، وشركة سيجما المملوكة للسيد البدوي لا تزيد رواتب العمال الشهرية الطبيعية.
ويبلغ عدد العاملين في القطاع الخاص نحو 24 مليون و979 ألف عامل، بنسبة 82% من حجم قوة العمل، فيما تبلغ عدد منشآت العمل في القطاع الخاص نحو 3 ملايين و741 مؤسسة، بحسب آخر بيانات للتعداد الاقتصادي صادر قبل 5 أعوام، وتتراوح عدد ساعات العمل بين 42.9 ساعة إلى 56.6 ساعة أسبوعيًا بالنسبة للعاملين بالقطاع الخاص بأجر.
ووفقًا لآخر مسح للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية آخر 2022، لدارسات تكيف المصريين من انخفاض قيمة الجنيه في مارس 2022، اتضح أن 85٪ من الأسر قللت استهلاكها من اللحوم، و75٪ قللوا استهلاك البيض و73٪ قللوا استهلام الدواجن والأسماك 61٪، والألبان 60٪، وبالتالي يتجه المصريون لاستبدال العناصر الغذائية ذات القيمة العالية إلى عناصر غذائية أقل في السعر وأقل في القيمة الغذائية، بزيادة استهلاك النشويات وتقليل البروتين إلى الحد الأدنى وربما إلى صفر.
وبلغ معدل التضخم التراكمي خلال السنوات السبع الماضية نحو 991%، كما زاد معدل التضخم مقارنة من 11% عام 2014/ 2015 إلى 34.1% في 2023/ 2024، حسب لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وزاد الحد الأدنى للأجور ولكنه أقل من ارتفاع معدلات التضخم التي زادت رقمها القياسي من 142.1 في 2014 إلى 486.3 في 2023 بزيادة تجاوزت 480% وفقًا لبيانات البنك الدولي.
4970 جنيهًا!
وبحسب "صحيح مصر" التي نقلت عن عضو المجلس القومي للأجور قال: "في حال طُبق الحد الأدنى للأجور الجديد والمحدد بـ 7000 جنيه، ستكون قيمة ما يتحصل عليه العامل في يده في حدود 4970 جنيهًا فقط، ولن يحصل على الـ7 آلاف كاملة، إذ يخصم نحو 29% أي ما يعادل 2030 جنيهًا من الراتب الأساسي للتأمينات الاجتماعية والتأمين الطبي -إن وجد- ونسبة الضرائب على الدخل، ونسبة مكافأة نهاية الخدمة".
وأضاف، أن "المجلس القومي للأجور اتفق مع وزارة العمل على إصدار كُتيب قبل مارس المقبل لشرح نسبة تحمل العامل من التأمينات الاجتماعية ونسبة صاحب العمل".
وأشار العضو في المجلس الحكومي للأجور إلى "أن قرار زيادة الحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع الخاص غير مُلزم حتى مع كل التهديدات التي تلّوح بها وزارة العمل" موضحًا أن "قانون العمل لا يلزم القطاع الخاص بتطبيق الحد الأدني: "مفيش مادة قانونية تُجبر أصحاب العمل الخاص على الحد الأدني للأجور، حتى يومنا هذا فيه ناس لسا بتقبض صافي قبضها 4 آلاف و3 آلاف وألفين جنيه، يعني حتى الحد الأدنى القديم لسه موصلناش ليه".
وينص قرار تشكيل المجلس القومي للأجور، رقم 983 لسنة 2003، في المادة الثالثة على: "وضع الحد الأدنى للأجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة والوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار"، ولكن القانون -بحسب المصدر- لم ينص على أي عقوبات يمكن تطبيقها على المنشآت ومؤسسات القطاع الخاص المتخلف عن الالتزام بتطبيقه.
ونقلت المنصة عن أحد وزراء السيسي عن تطبيق الحد الأدنى للأجور، قوله إن "تطبيق الحد الأدني للأجور على القطاع الخاص هذه المرة نهائي، ولن تسمح الوزارة باستثناءات كما كان يحدث سابقا". مشيرًا إلى أن "غياب التطبيق الفعلي في السنوات الماضية، دأبت خلاله مؤسسات القطاع الخاص على التقدم بطلبات مسببّة بعدم قدرتها على دفع الحد الأدنى للأجور، متعللةَ بغلاء الأسعار وعدم استقرار سعر الصرف، ومهددةَ بإغلاق المنشأة وتسريح العمالة إذا أجبرتها الدولة على ذلك".
وأضاف "الوزير"، أن الحكومة ممثلة في المجلس القومي للأجور ووزارة العمل كانت تعطي مهلة لشركات ومؤسسات القطاع الخاص التي طلبت إعفاءها من تطبيق الحد الأدنى للأجور تتراوح ما بين 5 إلى 6 أشهر لتوفيق أوضاعها وتطبيق القرار؛ لكن قبل انتهاء المهلة كانت الشركات تُعيد تقديم طلب الاستثناء لتعيد الوزارة زيادة المهلة، هكذا يستمر التهرب من التطبيق".
وتستثني قرارات تطبيق الحد الأدنى للأجور المشروعات متناهية الصغر، التي يعمل بها 10 عمال فأقل.
وتقدمت 8 قطاعات بمذكرة إلى المجلس القومي للأجور لإعفائها من تطبيق الحد الأدنى، وهي: "الأمن والحراسة - إلحاق العمالة بالداخل والخارج - القطاع الطبي - قطاع المقاولات بالكامل - قطاع مواد البناء - قطاع الجمعيات الأهلية - قطاع الصيدليات - قطاع التعليم الخاص - قطاع المحلات - قطاع الملابس".
خط الفقر
وأكدت تقارير أن حكومة السيسي تتعمد "تغييب بحث الدخل والإنفاق"، المعني بتحديد خط الفقر القومي، أجرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية دراسة، أظهرت أن خط الفقر في مارس الماضي 2024، بلغ نحو 7180 جنيهًا، للأسرة المصرية شهريًا.
وبلغ حد الفقر المدقع، (القدرة على تلبية الاحتياجات الغذائية لأسرة من أربعة أفراد) وفقًا "للمبادرة" 5962 جنيهًا.
وبذلك يكون الحد الأدنى للأجور الجديد، والمحدد بنحو 7 آلاف جنيه، (والمحدد عمليًا بـ4970) لا يلبي احتياجات الأسرة المصرية، لتخطي خط الفقر.
كما لفتت (المبادرة المصرية للحقوق الشخصية) في دراستها إلى أن الحد الأدنى للأجور في 2014 على أساس سلة الاحتياجات المقدرة في 2010 بنحو 1200 جنيه، ومع تهاوي قيمة العملة المحلية، خلال 15 سنة، تصبح قيمة الـ 1200 جنيه في مارس 2024 نحو 7 آلاف و844 جنيهًا، قبل زيادة تلك القيمة في يناير 2025 إلى 8 آلاف و613 جنيهًا.
واستدركت أن تلك الزيادة أقل من حجم انخفاض قيمة الجنيه خلال تلك الفترة، إذ انخفضت قيمة الحد الأدنى للأجور بالمقارنة بسعر صرف الجنيه أمام الدولار من 170 دولارًا في 2014 إلى 139.1 دولارًا في مارس 2025.
واعتبرت (صحيح مصر) أن الزيادة الرقمية في قيمة أجور القطاع الخاص بين 2014 و2025 التي بلغت نسبتها 483.3%، لا تعبر عن القيمة الحقيقية للحد الأدنى للأجور الذي تراجعت إذا ما قورنت بالدولار، من 172 دولارًا عام 2014 إلى 139 دولارًا في العام 2025، بسبب تهاوي قيمة العملة هذا بخلاف التضخم.
وانخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار من 7.08 جنيه في 2014 إلى 50.3 جنيه في 2025، بنسبة تراجع تجاوزت 710% خلال تلك الفترة، وهي أكبر من حجم الزيادة التي قررتها الحكومة لزيادة الحد الأدنى للأجور.

