تحظر حكومة السيسي زراعة الأرز بدعوى الحفاظ على مياه النيل، وتمنح بالمقابل تصاريح الأراضي والمياه للشركات الأجنبية التي تجني أرباحها من التصدير بدلاً من تعزيز الإنتاج الغذائي المصري!

وتراجعت المساحة المخصصة لزراعة الأرز إلى نحو 724 ألفًا و200 فدان على مستوى الجمهورية للموسم الجديد، الذي تبدأ زراعته في محافظات الدلتا والوجه البحري في مايو المقبل، مقارنة مع مليون و74 فدانًا مصرح بزراعتها الموسم الحالي، بتراجع مقداره 349 ألفًا و800 فدان، على خلفية قرار الحكومة توفير ما لا يقل عن 20% من كمية المياه المستخدمة في زراعة الأرز سنويًا.

يتطور سيناريو في مصر، المستورد الأول للقمح في العالم. تتضمن إحدى المبادرات التجريبية لخطة ماتي في البلاد، مبادرة BF لإنتاج القمح وفول الصويا والذرة والأرز وعباد الشمس على مساحة 15,000 ألف هكتار في الضبعة.

وتمتلك الشركات السعودية والإماراتية ما يصل إلى 5% من إجمالي المساحة المزروعة. رغم الوعود بتعزيز الإنتاج الغذائي لمصر، إلا أن هؤلاء المستثمرين يجنون أرباحهم بشكل أساسي من محاصيل التصدير. مثلاً، تُعد شركة الظاهرة الإماراتية للأعمال الزراعية من بين أكبر 10 شركات مصدرة للحوامض. تركز، في الغالب، هذه الشركات على المواد الخام لسلاسل التوريد الغذائية في بلدانها. ونظرًا لندرة المياه، جرى حظر إنتاج الأعلاف الخضراء في المملكة العربية السعودية منذ سنة 2018، ما يجعلها من أكبر مستوردي البرسيم من مصر، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة.

وفي توشكى بالصحراء الغربية مولت الإمارات مشروع من الإمارات العربية المتحدة بقيمة 100 مليون دولار أمريكي، ويشمل قناة مائية رئيسة خصص لها عُشر حصة البلاد من مياه النيل. تسيطر شركة الظاهرة الزراعية وشركة الراجحي الدولية للاستثمار السعودية على ما يقارب نصف المساحة التي يغطيها المشروع والبالغة 170 ألف هكتار. اتسم حصول الشركات على الأراضي بالقيام بالعديد من المخالفات، ما يوضح مدى محاباة الحكومة للمستثمرين الأجانب.

على سبيل المثال، قاضى المركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية شركة الظاهرة بسبب التبديد الجسيم للمال العام وشراء أراضي الدولة بسعر 3 دولارات أمريكية للفدان(2) في حين أن متوسط السعر 647 دولارًا أمريكيًا. كما كانت هناك مزاعم بأن هذه الشركات قامت بخرق بنود العقد التي تحد من إنتاج البرسيم الحجازي على نسبة أقل من الأراضي، من أجل الحفاظ على الموارد المائية، وأنها تدفع أسعارًا أقل من أسعار السوق لمياه السقي.

أطلقت الحكومة تحت ذريعة التغلب على التبعية الغذائية وزيادة تصدير المنتجات الزراعية، مشروع “مستقبل مصر”، الهادف إلى تحويل 1.6 مليون هكتار إلى أراض زراعية. قوبلت هذه المبادرة بانتقادات واسعة، بوجه خاص انعدام الشفافية في إدارتها من قبل الجيش.

ويتم ري المشروع الجديد بالاعتماد على طبقات المياه الجوفية غير المتجددة، في بلد يعاني أصلاً من عجز مائي سنوي قدره 7 مليارات متر مكعب. علاوة على ذلك، لم تمنع استراتيجية زيادة الصادرات بأكثر من 30% بين عامي 2021 و2023 من أن يكون معدل تضخم أسعار المواد الغذائية في البلاد من بين أعلى المعدلات في العالم.

وحظر قرار للوزارة، أول أمس الثلاثاء، زراعة الأرز في غير المناطق المصرح لها طبقًا لنص المادة 28 من قانون الموارد المائية والري رقم 147 لسنة 2021، وتطبيق الغرامات المنصوص عليها في القانون حيال المخالفين، فضلاً عن تحصيل قيمة مقابل الاستغلال للمياه الزائدة عن الحصة المقررة لزراعة الأرز، وفق أحكام اللائحة التنفيذية للقانون إلا أن القرار لا يسري على الشركات الزراعية الأجنبية حتى لو اعتمدت على المياه الجوفية وتترك للفلاحيين العاديين كما في الإسماعيلية مناشدتهم حكومة السيسي لري أراضيهم المشمولة بمحصول الأرز من مياه الصرف الصحي.