في خطوة تعكس المخاوف المتزايدة داخل نظام السيسي من تداعيات سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، سارع عبد الفتاح السيسي إلى تقديم التهنئة لأحمد الشرع بمناسبة توليه الرئاسة في سوريا، غير أن هذه التهنئة، التي تبدو دبلوماسية في ظاهرها، تخفي وراءها قلقًا عميقًا من احتمالية انتقال عدوى الثورة إلى مصر، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وتصاعد الغضب الشعبي.
قلق مصري متزايد من انتقال عدوى التغيير
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، فإن سلطات السيسي تراقب التطورات في سوريا بقلق بالغ، خشية أن يؤدي سقوط نظام الأسد إلى إحياء الروح الثورية في مصر، وقد انعكس هذا القلق في انتشار وسم "جاك الدور يا الديكتاتور" على وسائل التواصل الاجتماعي عقب سقوط الأسد، وهو ما اعتبر إشارة مباشرة إلى السيسي.
وأشار التقرير إلى أن هناك أوجه تشابه بين الوضعين السوري والمصري؛ فكلا البلدين شهدا اضطرابات منذ اندلاع ثورات الربيع العربي في عام 2010. ففي حين انتهت الثورة السورية بسقوط الأسد بعد 14 عامًا من النزاع، شهدت مصر سقوط حسني مبارك، ثم تجربة ديمقراطية قصيرة انتهت بانقلاب عسكري قاده السيسي عام 2013، ليحكم البلاد بقبضة من حديد منذ ذلك الحين.
تصعيد أمني ضد السوريين في مصر
وبحسب التقرير، فقد شنت سلطات السيسي حملة قمعية ضد السوريين المقيمين في البلاد عقب سقوط الأسد، حيث تم اعتقال ما لا يقل عن 30 لاجئًا سوريًا في القاهرة بسبب احتفالهم بسقوط النظام السوري، كما فرضت الحكومة قيودًا جديدة على دخول السوريين، تضمنت ضرورة الحصول على تصاريح أمنية مسبقة.
السيسي يحاول الدفاع عن نفسه
حاول السيسي في خطابات متكررة تبرئة نفسه من اتهامات القمع والديكتاتورية، حيث قال في ديسمبر الماضي: "لم تتلطخ يداي بدماء أحد، ولم آخذ شيئًا ليس لي"، غير أن التقرير أشار إلى أن هذه التصريحات تهدف إلى التمايز عن الأسد، خاصة أن السيسي نفسه قاد مجزرة في عام 2013 راح ضحيتها مئات المحتجين، وفقًا لمنظمات حقوقية دولية.
الأزمة الاقتصادية تزيد من الضغوط
يتزامن سقوط الأسد مع أزمة اقتصادية خانقة في مصر، حيث تدهورت قيمة الجنيه المصري، وارتفعت معدلات التضخم، وزادت ندرة العديد من السلع الأساسية، وأدى هذا الوضع إلى تفاقم الغضب الشعبي، في وقت كثفت فيه السلطات حملات القمع، حيث شهدت الأسابيع الأخيرة اعتقال شخصيات معارضة بارزة مثل حسام بهجت، وزوجة رسام الكاريكاتير المعتقل أشرف حمدي، إلى جانب الناشط على تيك توك محمد عادل، الذي انتقد السيسي علنًا.
دعوات متزايدة للإطاحة بالسيسي
أشار التقرير إلى أن سقوط الأسد أشعل دعوات المعارضة المصرية لإسقاط نظام السيسي، واستشهد التقرير بتصريحات أحمد المنصور، وهو مصري قاتل في صفوف المعارضة السورية، الذي نشر مقاطع فيديو هاجم فيها السيسي بشدة بعد سقوط الأسد، غير أن السلطات السورية الجديدة اعتقلت المنصور لاحقًا، مما أثار تساؤلات حول إمكانية تورط مصر في ذلك.
موقف مصر الغامض من القيادة الجديدة في سوريا
على الرغم من تقديم التهنئة للقيادة السورية الجديدة، لم تتخذ القاهرة حتى الآن موقفًا واضحًا تجاهها، ولم تعقد لقاءات رسمية رفيعة المستوى معها كما فعلت بعض الدول العربية الأخرى، ونقل التقرير عن مصادر دبلوماسية أن مصر دعت الدول الأخرى إلى الحذر في التعامل مع النظام الجديد في دمشق، مطالبة بعدم التسرع في رفع العقوبات المفروضة عليه.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أن السيسي يواجه تحديات داخلية متزايدة، حيث يتفاقم السخط الشعبي نتيجة الأزمة الاقتصادية والسياسات القمعية.
وأشارت إلى أن الأحداث الأخيرة في سوريا تزيد من احتمالية تكرار سيناريوهات الثورة في مصر، وهو ما يشكل كابوسًا حقيقيًا لحكم السيسي الذي يسعى جاهدًا لمنع أي تحرك شعبي قد يهدد سلطته.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط على الرابط التالي:
https://www.nytimes.com/2025/01/31/world/middleeast/egypt-syria.html

