في ورشة عمل موسعة عقدتها الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية بالتعاون مع رابطة مستأجري الإيجار القديم، تم تناول تداعيات حكم المحكمة الدستورية بشأن القانون رقم 136 لسنة 1981 المتعلق بتأجير وبيع الأماكن.
الورشة، التي أُقيمت في بدايات الشهر الحالي بمقر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، شهدت مشاركة ممثلين عن العديد من الأحزاب السياسية من بينها الاشتراكي، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والشيوعي، والعِيش والحرية، والكرامة، والناصري، والوفاق القومي.
تداعيات الحكم القضائي على حقوق المستأجرين
ناقش المشاركون في الورشة الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية الذي قضى بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين 1 و2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 الخاص بتأجير وبيع الأماكن، وهو ما يهدد بإخلاء حوالي 3.5 مليون أسرة سكنية وتجارية، بما يعادل بين 12 و15 مليون شخص يعيشون ويعملون في تلك العقارات.
وأشار المشاركون إلى أن الادعاءات التي تتهم الإيجار القديم بالتسبب في أزمة السكن هي مغالطة، حيث تؤكد الإحصائيات الرسمية أن الوحدات المغلقة بسبب الإيجار القديم لا تتجاوز 450 ألف شقة، بينما هناك أكثر من 10 ملايين شقة مغلقة نتيجة لسياسات الإسكان الفاشلة.
تحذيرات من تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية
حذر المشاركون من أن تنفيذ مخطط الإخلاء سيكون له تداعيات اجتماعية واقتصادية كارثية، حيث سيتسبب في تضخم غير مسبوق نتيجة ضغط الملايين على سوق الإسكان الجديد، بالإضافة إلى تصفية آلاف المنشآت الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على تلك العقارات.
كما اعتبروا أن تحويل العقارات القديمة إلى نماذج سوقية بأسعار مرتفعة يشكل تهديدًا للأمن الاجتماعي، مؤكدين رفضهم لمحاولات فرض زيادات غير منطقية في الإيجارات أو اعتماد أسعار السوق كمرجعية قانونية.
التمسك بالعقود والحقوق الدستورية للمستأجرين
أكد المشاركون أن مستأجري الإيجار القديم قد التزموا بعقودهم على مدار سنوات طويلة، وأن هذه العقود تمت بموافقة الملاك الذين استفادوا من الدعم الحكومي في مواد البناء والمقدمات المالية المدفوعة من قبل المستأجرين.
وطالبوا بضرورة احترام هذه العقود، مشددين على أن أي زيادات في الإيجارات يجب أن تكون منطقية وتتناسب مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمستأجرين.
السكن خط أحمر
أعلن المشاركون في الورشة أن حق السكن يعتبر "خطًا أحمر"، وأن أي محاولة للالتفاف على حقوق المستأجرين تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن والسلم الاجتماعي.
كما تم انتقاد الدور الذي تلعبه لجنة الإسكان في مجلس النواب، حيث اعتُبر أنها تعمل لصالح بعض الملاك والمستثمرين الجدد على حساب العدالة الاجتماعية، مع التحذير من محاولات إصدار تشريعات جديدة تتعارض مع حكم المحكمة الدستورية وتهدف إلى طرد المستأجرين أو رفع الإيجارات بشكل غير قانوني.
التوصيات ومطالب الجبهة الشعبية
في ختام الورشة، قدمت الجبهة الشعبية ورابطة المستأجرين عدة توصيات مهمة، تضمنت:
- الالتزام بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية بحيادية ورفض أي محاولات لاستغلاله لإصدار تشريعات غير دستورية.
- التأكيد على امتداد العقود لجيل واحد، بما يشمل الزوجة والأبناء، وفقًا لما نصت عليه الأحكام الدستورية.
- رفض إعادة تقييم الإيجارات على أساس المناطق أو اعتماد ما يُسمى بأسعار السوق.
- الدعوة إلى زيادة محدودة ومعقولة في الإيجارات إذا اقتضت الضرورة، على أن تخضع لتفاوض اجتماعي يراعي الظروف الاقتصادية.
- إنشاء اتحادات للشاغلين لدعم صيانة العقارات وتعزيز التعاون بين السكان.
- توسيع صفوف رابطة المستأجرين وتأسيس فروع لها في مختلف المحافظات لزيادة الفاعلية والتأثير.
- رفض المحاولات التي تستهدف طرد المستأجرين أو فرض زيادات مفرطة بشكل يضر بملايين الأسر المصرية.
- مطالبة الجهات المختصة بمراجعة تركيبة لجنة الإسكان في مجلس النواب لضمان تمثيل المستأجرين وتحقيق التوازن.
- التأكيد على دور الدولة في حماية حق السكن باعتباره حقًا دستوريًا ومجتمعيًا لا يمكن المساس به.
- في حال فرض زيادات على الإيجارات، يجب أن تكون الزيادات ضمن نسب معقولة مشابهة للنسب المطبقة على الإيجارات التجارية، مع إعداد جدول زيادات قانوني متفق عليه.
- تأسيس اتحادات للشاغلين للمساهمة في صيانة العقارات وتعزيز المسؤولية المشتركة بين السكان والملاك.
- تعزيز دور رابطة المستأجرين من خلال توسيع صفوفها وتأسيس فروع لها في جميع المحافظات لتحقيق المزيد من التواصل والدفاع عن حقوق المستأجرين.
اختُتمت الورشة بتأكيد ضرورة تكاتف المجتمع في مواجهة المخاطر التي تهدد استقرار الأسر المصرية، بما يضمن الحفاظ على حقوقهم في السكن وتحقيق العدالة الاجتماعية.

