في خطوة تصعيدية تعكس المخاوف المتزايدة لدى العاملين في المجال الطبي، أعلن مجلس اتحاد المهن الطبية، الذي يضم نقابات الأطباء البشريين وأطباء الأسنان والأطباء البيطريين والصيادلة، رفضه القاطع لما ورد في مشروع قانون المسؤولية الطبية بشأن تقنين الحبس في قضايا الأخطاء الطبية، باستثناء الإهمال الطبي الجسيم.
هذا الموقف يأتي على خلفية الموافقة المبدئية لمجلس الوزراء على مشروع القانون في 20 نوفمبر الماضي، مما أثار موجة من الجدل بين الأوساط الطبية والقانونية.
الحبس الاحتياطي والخطأ الطبي: جدل قائم
يتضمن مشروع القانون عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر في حالة تسبب مقدم الخدمة بخطئه الطبي في وفاة المريض، وتصل العقوبة إلى الحبس لمدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات في حال وقوع خطأ طبي جسيم.
واعتبر مجلس اتحاد المهن الطبية أن هذه المواد تُشكل تهديدًا لبيئة العمل الطبية في مصر، مؤكدًا أن مبررات الحبس الاحتياطي غير متوفرة في القضايا المهنية، وهو ما يتماشى مع الممارسات القانونية في العديد من دول المنطقة.
وأشار المجلس إلى أهمية دور اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، التي يجب أن تكون الجهة الحصرية لتلقي الشكاوى والتحقيق فيها، وأوضح أن اللجنة ستشكل لجانًا فرعية متخصصة لفحص طبيعة الشكاوى، وتحديد ما إذا كانت تستدعي إجراءات قانونية أم لا.
تمييز المسؤولية الطبية بين المدني والجنائي
شدد البيان الصادر عن الاتحاد على ضرورة التمييز بين:
- المضاعفات الطبية المتعارف عليها علميًا: التي لا يتحمل مقدم الخدمة أي مسؤولية عنها.
- الضرر الناتج دون خطأ طبي: والذي يجب أن يُعامل باعتباره جزءًا من احتمالات العلاج.
- الأخطاء الطبية: التي تستوجب تعويضًا ماليًا فقط، إذا لم تكن جسيمة أو مخالفة لقواعد المهنة.
- الأخطاء الجسيمة: التي يمكن أن ترتقي إلى مستوى المسؤولية الجنائية، بشرط وضوح الأدلة.
تعويض المرضى وصندوق التعويضات
طالب المجلس بأن يتحمل صندوق التعويضات كامل الأعباء المالية لتعويض المرضى عن أي ضرر ناتج عن الأخطاء الطبية، بدلاً من اقتصار دوره على المساهمة الجزئية، واعتبر أن هذه الآلية ستوفر حماية مزدوجة للطبيب والمريض على حد سواء، وتمنع التهديد المستمر الذي يشعر به مقدمو الخدمة الصحية.
هجرة الأطباء... خطر متزايد
أشار مجلس الاتحاد إلى أن البيئة القانونية الحالية، التي قد تُعرض الأطباء للحبس الاحتياطي، تمثل أحد الأسباب الرئيسية لهجرة الكفاءات الطبية المصرية إلى الخارج.
وأكد البيان أن تشريعات غير متوازنة قد تؤدي إلى تفاقم نقص الكوادر الطبية داخل البلاد، مما يُشكل خطرًا على نظام الرعاية الصحية بأكمله.
دعوة لتعديل مشروع القانون
اختتم مجلس اتحاد المهن الطبية بيانه بدعوة كافة أعضاء المهنة للتوحد من أجل إصدار تشريع يحفظ حقوق الأطباء ويضمن تحقيق العدالة في قضايا المسؤولية الطبية.
كما طالب الجهات التشريعية بالتعاون مع النقابات لضمان خروج قانون يعكس خصوصية المهنة الطبية ويواكب التطورات العالمية.

