تتواصل أزمة القضاة في مصر مع تصاعد التوترات إثر قرار وزير العدل، عدنان الفجري، إحالة 48 قاضيًا للتحقيق على خلفية اتهامات بحديثهم في مجموعات قضائية مغلقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن تدهور أوضاعهم المالية والأعباء المتزايدة عليهم.

وكشفت مصادر قضائية عن رفض القضاة المحالين التحقيق الحضور أمام إدارة التفتيش القضائي، في خطوة تعكس عمق الأزمة المستمرة التي تهدد بتفجير الوضع القضائي في مصر.
 

بداية الأزمة
بدأت الأزمة بعد شكوى تقدم بها مدير إدارة التفتيش القضائي المستشار وفائي أبسخرون، الذي اتهم القضاة بالتحدث في مجموعات قضائية على مواقع التواصل الاجتماعي حول ما وصفوه بـ "المجزرة القضائية".

وقال القضاة في مناقشاتهم إنهم فقدوا امتيازاتهم واستقلاليتهم وأصبحوا مجرد موظفين لدى السلطة التنفيذية، في وقت تراجعت فيه حقوقهم المالية بشكل ملحوظ.
هذا التدهور دفع البعض إلى التشبيه بمذبحة قضائية تؤثر على مكانة القضاء في مصر.
 

إضراب وتعليق العمل
فيما يتعلق بالردود على قرار الإحالة، أفاد المصدر بأن القضاة المحالين للتحقيق يلوحون بإجراء جمعية عمومية داخل مقر نادي القضاة للتصويت على تعليق العمل في المحاكم.

ويطالبون أيضًا بالإضراب والاعتصام داخل النادي احتجاجًا على ما وصفوه بالقرارات التعسفية.
كما أكد المصدر أن أسر القضاة المحالين للتحقيق، بما في ذلك مستشارين وقضاة من مختلف الدرجات الوظيفية، قد أبدت تضامنها الكامل معهم، مما يبرز توسيع نطاق الأزمة داخل الأوساط القضائية.
 

محاولات لنزع فتيل الأزمة
تسعى بعض الأطراف القضائية العليا إلى تهدئة الأوضاع، حيث يجري حاليًا التحضير لاجتماع يجمع وزير العدل المستشار عدنان الفجري بمجلس إدارة نادي قضاة مصر، برئاسة نائب رئيس محكمة النقض المستشار أبو الحسين فتحي قايد، لبحث الأزمة الحالية والبحث عن حلول لتفادي التصعيد.
وقد جاء هذا الاجتماع بعد تدخل شخصيات قضائية رفيعة المستوى، التي ساهمت في تيسير الحوار بين الأطراف المعنية.
 

تحقيق بلا أساس قانوني
وفيما يتعلق بشرعية قرار الإحالة، أعرب المستشار جمال قابيل، الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، عن استيائه من قرار وزير العدل، موضحًا أن هذا القرار لا يستند إلى أي أساس قانوني.
وأكد قابيل أن القضاة المحالين للتحقيق لم يرتكبوا أي مخالفة قانونية، حيث كانت تصرفاتهم محصورة في كتابة تدوينات داخل مجموعات مغلقة، وهي مجموعات تخص القضاة فقط.
 

أزمة قديمة تزداد تعقيدًا
من جانب آخر، أشار المستشار أشرف مصطفى، الرئيس السابق لمحكمة استئناف القاهرة، إلى أن الأزمة الحالية بين المحاكم الابتدائية والاستئناف من جهة، ومحكمة النقض من جهة أخرى، ليست جديدة.

حيث بدأت هذه الأزمة منذ عام 2014، بسبب القرارات الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى بمنح امتيازات مالية إضافية لأعضاء محكمة النقض، الذين لا يتجاوز عددهم 900 قاضٍ، بينما تم حرمان أكثر من 12 ألف قاضٍ في المحاكم الابتدائية والاستئناف من نفس الامتيازات.