قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، إن إسرائيل تناقش مع الوسطاء إطلاق سراح عشرات المحتجزين الإسرائيليين، مع إعطاء الأولوية للنساء اللواتي لم يتم إطلاق سراحهنّ بموجب الصفقة السابقة، والمسنين الذين أصيبوا أثناء الأسر والمصابين بأمراض مزمنة.

ونقلت الهيئة عن مصدر إسرائيلي مُطّلع على تفاصيل المفاوضات، لم تسمّه، قوله "يجب أن يكون الجمهور الإسرائيلي مستعدًا لاتخاذ قرارات صعبة وتقديم تنازلات فيما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى "الخطيرين"، والمقصود بالأسرى الخطيرين هم المعتقلون الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية، الصادرة بحقهم أحكام مشددة جدًا.

 

ضغوط الداخل الإسرائيلي

وتتواصل الضغوط من الجبهة الداخلية والمجتمع الصهيوني على حكومة نتنياهو المتطرفة التي تقود عدوانًا سافرًا على غزة، في حالة تخبط مستمر، ينجح فقط في زيادة عدد الشهداء والجرحى وأعداد الأبنية المدمّرة، ولكنه يواصل الفشل في تحقيق أيّ صورةٍ لنصرٍ مزعوم لاستعادة الأسرى لدى كتائب القسام أو وقف صواريخ المقاومة ونزيف الخسائر في صفوف جيش الاحتلال، التي يوثقها المجاهدون القسّاميون في الميدان فيزيدون الخسائر والضغوط على الاحتلال وقادته.

وشكّلت المشاهد التي بثتها كتائب الشهيد عز الدين القسام لثلاثة من أسرى الاحتلال كبار السن، وهم يوجهون رسالة لحكومتهم “لا تتركونا نشيخ”، صدمة في الأوساط الإسرائيلية التي خرجت بتظاهرات حاشدة لمطالبة نتنياهو وحكومته بوقف الحرب فورًا وعقد صفقة تبادل لاستعادة جميع المحتجزين بدون قيدٍ أو شرطٍ، لا سيما بعد إعلان جيش الاحتلال قتل ثلاث من أسراه بالخطأ في غزة.

ونقلت القناة 12 عن مسؤولين إسرائيليين، أن "إسرائيل ستكون على استعداد لقطع شوط طويل لإعادة الرهائن"، وأضاف المسؤول أن "الاتفاق إذا نُفّذ، سيكون صعبًا وسيتطلب أثمانًا باهظة، ولا يزال الطريق طويلًا، لست متأكدًا من أنه سينجح. على أي حال، الكرة الآن في ملعب الوسطاء".

كما أشارت القناة، إلى أن "إسرائيل تعمل على صفقة ستشمل إطلاق سراح ما بين 30 و40 محتجزًا، بمن فيهم النساء وكبار السن والمرضى، وأضافت بالمقابل، ستنظر إسرائيل في التحلّي بالمرونة في عدد أيام الهدنة الإنسانية، وفقًا لـ"الأناضول".

بالإضافة إلى ذلك، قد تطلق إسرائيل سراح السجناء بسخاء أكبر، سواء من حيث الخطورة أو العدد، وبحسب القناة على الرغم من استعداد إسرائيل، فإن هذه ليست سوى بداية عملية، ومن غير المعروف ما الذي سيحدث في النهاية".

كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الرئيس الأمريكي جو بايدن "يرى أن الوقت قد حان لإبرام صفقة تبادل باعتبار عودة المحتجزين هدفًا أسمى"، مضيفة أن القرار الإسرائيلي بتجديد المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى "ينطوي على مخاطر، بما في ذلك التأثير المحتمل على العملية البرية للجيش الإسرائيلي في غزة"، وفقًا لـ"المركز الفلسطيني للإعلام".

 

إطلاق سراح 40 محتجزًا

وأضاف موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي، أن مسئولين إسرائيليين قالوا إن "رئيس الموساد ديفيد برنيع قدّم اقتراحًا إسرائيليًا حول كيفية إعادة إطلاق المحادثات حول صفقة جديدة لتأمين إطلاق سراح مجموعة مكوّنة من حوالي 40 محتجزًا".

وذكر الموقع أن إسرائيل اقترحت أيضًا إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المدانين بارتكاب هجمات أكثر خطورة على إسرائيل من أولئك الذين تم إطلاق سراحهم في الصفقة السابقة، ونسب الموقع إلى مسؤولين إسرائيليين القول بأن "هناك العشرات من هؤلاء الأسرى الفلسطينيين من كبار السن أو المرضى، ويمكن إطلاق سراحهم كجزء من صفقة إنسانية".

ووفق الموقع الإسرائيلي، يرى رئيس الموساد أنه إذا أرادت حماس أن تتوقف الحرب، فعليها أن تلقي سلاحها، وتسلّم قادتها في غزة الذين كانوا مسؤولين عن هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل الذي أشعل فتيل الحرب.

لكن هذه التصريحات تصطدم مع توجه حماس التي ترفض الحديث عن أي صفقة لتبادل الأسرى قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة ووقف شامل لإطلاق النار.

 

وسطاء إلى أوروبا

ومن جانبه قال رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، إنهم أرسلوا رئيس جهاز الموساد ديفيد برنيع، مرتين، إلى أوروبا لإعادة تفعيل “الهدنة الإنسانية” لتحرير المحتجزين الإسرائيليين.

بدوره، قال رئيس الوزراء كابينت الحرب بنيامين نتنياهو -بعد لقائه بعض عائلات الأسرى في غزة- إنه ملتزم شخصيًا بإعادتهم جميعًا ولن يدخر أي جهد في سبيل ذلك.

وبدأ كبار مسؤولي المخابرات والدفاع الأمريكيين -الاثنين- مساعي دبلوماسية جديدة تهدف إلى إحياء المحادثات لإطلاق سراح الأسرى الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس في غزة.

وسافر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) وليام بيرنز إلى وارسو -يوم الاثنين- للقاء ديفيد برنيع، مدير جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وفقًا لمسئولين أمريكيين ومصريين، في محاولة لاستئناف المناقشات حول الأسرى.

وفي ظل هذه الضغوط من أهالي أسرى الاحتلال في غزة، وضغوط المقاومة والحرب النفسية التي تمارسها بمشاهد الفيديو والتوثيق لخسائر الاحتلال الهائلة، والضغوط الدولية المتواصلة لتقصير أمد الحرب وعودة الهدنة الإنسانية، يقف نتنياهو أمام خيارات لا يمكن أن يصل فيها إلا لنتيجة واحدة، هي الرضوخ لشروط المقاومة بأنه لا تفاوض على الأسرى تحت النيران.

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على غزة، خلّفت حتى مساء الثلاثاء 19 ألفًا و667 شهيدًا، و52 ألفًا و586 جريحًا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا هائلًا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقًا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

وردًا على اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، شنت حركة حماس في السابع من أكتوبر الماضي هجوم طوفان الأقصى ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط غزة.

وقتل نحو 1200 إسرائيلي، وأسرت حماس نحو 240 بادلت 110 منهم مع إسرائيل التي تحتجز في سجونها أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام، وانتهت في الأول من ديسمبر الجاري بوساطة قطرية مصرية أمريكية.