استعرض الموقع الإلكتروني لمؤسسة "أتلانتيك كاونسل" البحثية تفاصيل مشاحنات بين الخليج ومصر.
وأوضح في مقال كتبته "شهيرة أمين"، أن مصر والسعودية في خلافات على جزيرتي "تيران وصنافير" اللتان تطلان على البحر المتوسط.
وقال الموقع في مستهل مقاله: "في القمة العالمية للحكومات في دبي خلال الفترة من 13 إلى 15 فبراير، أعرب اللواء "عبد الفتاح السيسي" عن امتنانه لدول الخليج لدعم مصر. وخص "السيسي" الرئيس الإماراتي "محمد بن زايد"، وأثنى عليه لدوره المحوري في مساعدة مصر على تلبية احتياجاتها من الطاقة في السنوات التي أعقبت انتفاضة 2011 عندما واجهت البلاد نقصًا في الوقود".
تأتي مفاتحات "السيسي" الودية لقادة الخليج في وقت تواجه فيه مصر صعوبات اقتصادية غير مسبوقة. كما تأتي وسط تصاعد التوترات مع دول الخليج، ولا سيما السعودية؛ حيث أصبحت علاقة القاهرة بحليفها الخليجي متوترة بشكل متزايد في الأسابيع الأخيرة بعد أن أوضح مسؤول سعودي أن أي مساعدة خليجية مستقبلية "ستأتي بشروط".
تنديد متبادل
وذكر الموقع بداية المشاحنات مشيرًا إلى إصرار وزير المالية السعودي "محمد الجدعان" خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في 18 يناير على أن الدول التي تسعى للحصول على مساعدة من السعودية يجب أن تظهر أنها جادة في تنفيذ الإصلاحات، قائلًا إن بلاده اعتادت على تقديم المنح والودائع المباشرة دون قيود ولكن لم يعد هذا هو الحال.
وبينما لم يذكر المسؤول السعودي مصر بالاسم، فإن تبادل الاتهامات والنقد في وسائل الإعلام التقليدية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة يشير إلى خلاف بين القاهرة والرياض.
في أعقاب الانقلاب على الرئيس الراحل "محمد مرسي" في عام 2013 وصعود "السيسي" إلى السلطة لاحقًا، سارع حلفاء مصر الخليجيون - وبالتحديد السعودية والكويت والإمارات - إلى تقديم دعمهم للنظام المدعوم من الجيش. وورد أن دول مجلس التعاون الخليجي قد أغرقت مصر بأكثر من 100 مليار دولار من المساعدات، وفقًا لبعض التقديرات، لدعم اقتصادها المتعثر.
تتنافس دول مجلس التعاون الخليجي الآن على ضخ استثمارات في مشاريع الخصخصة المربحة في مصر. وحدث هذا بعد أن أعلنت القاهرة أنها ستبيع حصصًا في 32 شركة مملوكة للدولة خلال العام المقبل لتخفيف مشكلة السيولة في البلاد.
وأضاف الموقع: "ومع ذلك، في الأسابيع الأخيرة، انتقد المعلقين السعوديين والكويتيين الحكومة المصرية والجيش المصري - الذي تعتبره دول مجلس التعاون الخليجي ضامنًا رئيسيًا للأمن والاستقرار الإقليميين".
وفي سلسلة تغريدات (تم حذفها لاحقًا)، انتقد الأكاديمي السعودي "تركي الحمد" إخفاقات مصر التنموية - البطالة والأزمات السياسية والاقتصادية - منذ عام 1952، وهو العام الذي يمثل بداية الحكم العسكري في مصر بعد الإطاحة بالملك "فاروق" وإلغاء الملكية ودور الجيش المصري المهيمن في الاقتصاد.
قوبلت تصريحات "الحمد" بتوبيخ لاذع من "عبد الرازق توفيق"، رئيس تحرير صحيفة الجمهورية المصرية الحكومية، والذي كتب في مقال رأي تمت إزالته من موقع الجمهورية بعد ساعات، أن دول الخليج هي دول الحفاة العراة "ولا لها إهانة مصر".
وفي حين أن المصالح السياسية والمخاوف الأمنية المشتركة توحد مصر والسعودية، إلا أن الاثنان قد تنافستا منذ فترة طويلة على القيادة الإقليمية. كما تشعر مصر بالاستياء من اعتمادها المستمر على المساعدات المالية الخليجية لإبقاء اقتصادها قائمًا. وأوضح الموقع أنه "في غضون ذلك، تشعر السعودية بالاستياء من حقيقة أن القاهرة لا تزال تعتبر نفسها زعيمة إقليمية على الرغم من اعتمادها الاقتصادي على دول الخليج".
تيران وصنافير هما أساس الخلاف
ويقترح بعض المحللين أن السبب الرئيس للتوترات الكامنة هو حقيقة أن مصر فشلت حتى الآن في الوفاء بوعدها بتسليم جزيرتين إستراتيجيتين - تيران وصنافير في البحر الأحمر - إلى السعودية. في حين أن اتفاق نقل السيادة على الجزر إلى السعودية كان على وشك الانتهاء في يوليو 2022، أعربت القاهرة منذ ذلك الحين عن تحفظاتها بشأن بعض جوانب الصفقة - بما في ذلك تركيب كاميرات يتم التحكم فيها عن بعد في الجزيرتين لضمان حرية حركة السفن في خليج العقبة.
ولفت "أتلانتيك كآونسل" إلى أن إحباط القاهرة من قيام واشنطن بتجميد بعض مساعداتها بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان هو السبب وراء توقفها عن الصفقة. ويبدو أن القاهرة تستخدم الاتفاقية كورقة مساومة للضغط على إدارة "جو بايدن" للتراجع عن قرارها والإفراج عن المساعدات المجمدة، وفقًا لمصدر أمني تحدث للموقع بشرط عدم الكشف عن هويته.
ووافق البرلمان المصري على اتفاقية نقل السيادة على الجزيرتين إلى السعودية في عام 2017، ووافقت المحكمة العليا المصرية في العام التالي على الرغم من الاحتجاجات ضد الصفقة في مصر في عام 2016. وربما تتباطأ القاهرة في نقل الجزر خوفًا من اندلاع احتجاجات جديدة مناهضة للحكومة، خاصة في ظل استياء الجمهور من ارتفاع الأسعار.
وأعطت إسرائيل موافقتها الأولية على الصفقة بشرط أن تتمركز القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون في شبه جزيرة سيناء. وفي المقابل، وافقت السعودية على السماح لإسرائيل باستخدام مجالها الجوي للرحلات المتجهة شرقًا إلى الهند والصين. ومن شأن هذه الخطوة أن تمهد الطريق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل. ومع ذلك، لن تتمكن الرحلات الجوية الإسرائيلية من استخدام المجال الجوي السعودي دون موافقة عُمان على فتح مجالها الجوي بإسرائيل.
وقال الموقع في الختام إنه يبدو أن مصر غير مستعدة لتقديم تنازلات لإنهاء الصفقة طالما يظل جزء من المساعدة العسكرية الأمريكية مجمدًا. لكن القاهرة لا تخاطر فقط بفقدان الدعم المالي من السعودية، بل إن تعنتها قد يقوض أيضًا علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة التي توسطت في اتفاقية نقل الجزيرتين.
لمطالعة التقرير من مصدره الأصلي ( اضغط هنا )

