أبرزت الكاتبتان منى سالم وسارة بن هايدة مظاهر الأزمة الاقتصادية الحالية التي يعيشها المجتمع المصري مع بداية العام الجديد.


وقالتا في بداية مقال نشر في جريدة "نورث أفريكا" الشمال إيفريقية: "يتزايد الغضب العام في مصر منذ شهور بسبب أزمة الدولار الحادة وارتفاع أسعار المواد الغذائية. ولكن النصيحة التي قدمتها الحكومة هي القشة التي قصمت ظهر البعير: بينما تكافح العائلات لشراء المواد الغذائية المنزلية، أشادت وكالة حكومية مصرية بمصدر بروتين بديل ورخيص - "أقدام الدجاج، جيدة للجسم والميزانية". 


وأثارت تلك النصيحة ازدراءًا رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فيما انتقدها النائب ببرلمان النظام "كريم السادات" ووصفها بأنها "منفصلة عن واقع الأزمة".


وأضافتا: "يعكس هذا الغضب والازدراء المصاعب التي يعيشها الكثير في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، والتي اضطرت مؤخرًا إلى طلب قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي".  


وقالت "رحاب" - والتي طلبت عدم ذكر اسمها بالكامل - أثناء شرائها خبزًا بأحد مخابز القاهرة: "الرغيف الذي كنت أشتريه بجنيه الآن يكلفني ثلاثة جنيهات". 


وتابعت: "دخل زوجي ٦ آلاف جنيه في الشهر، والذي كان يكفينا طوال الشهر ولكنه الآن ينفذ في ١٠ أيام".


وأشارت الكاتبتان، إلى أن أسعار المواد الغذائية أيضًا مثل زيت الطهي والبقوليات ارتفعت بشدة، مما وضع ضغطًا ماليًا على العديد من سكان مصر البالغ عددهم ١٠٤ ملايين نسمة. 


وتحذر لافتات موضوعة في محلات السوبر ماركت الآن من شراء أكثر من ثلاثة أكياس فقط من الأرز وزجاجتين من الحليب وزجاجة واحدة من الزيت.


وقالت "رضا"، وهي موظفة حكومية تبلغ من العمر ٥٥ عامًا وتعمل بطاقم الأمن بأحد المستشفيات، كما أنها تعول أسرتها المكونة من ١٣ فردًا، إن "أسعار اللحوم المجمدة قد تضاعفت ولم تعد خيارًا. وحتى مع حصولي على راتبين، هناك الكثير لا يمكنني شراؤه بعد الآن".


تضرر الاقتصاد المصري بشدة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي مما دفع المستثمرين العالميين إلى سحب المليارات من الدولة الواقعة في شمال إفريقيا.  


كما تسببت الحرب في ارتفاع أسعار القمح، ما أثر بشدة على أحد أكبر مستوردي الحبوب في العالموزاد الضغط على احتياطياتها من العملات الأجنبية.


ومع ارتفاع التكاليف بشكل أكبر بسبب ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، تجاوز التضخم ١٨٪؜ في نوفمبر، بينما ظلت البضائع المستوردة بمليارات الدولارات محصورة في الموانئ المصرية.  


كما انخفض الجنيه المصري، وفقد ٧٠٪؜ من قيمته على مدار ١٠ أشهر. أحدث انخفاض - ما يزيد قليلاً عن ٨٪؜ - جاء يوم الأربعاء، في نفس اليوم الذي قرع فيه الخبراء أجراس الإنذار عندما أعلن بنكان حكوميان عن شهادات ادخار لمدة عام واحد بمعدل فائدة هائل بنسبة ٢٥٪؜.


وأوضحت الكاتبتان: "ضاعفت مصر في العقد الماضي ديونها الخارجية ثلاث مرات إلى ١٥٧ مليار دولار. ولديها ٣٣.٥ مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية، منها ٢٨ مليار دولار ودائع من حلفائها الخليجيين الأثرياء". 


وألمحت الكاتبتان إلى هيمنة المؤسسات الحكومية والعسكرية القوية على الاقتصاد المصري. 


وقال"ستيفان رول" من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية: "الجيش المصري، الذي يعتمد عليه السيسي، هو المستفيد الرئيسي من سياسة الديون؛ فالدين الخارجي ساعد في تمويل المشاريع الكبرى التي يمكن أن تكسب من خلالها أموالاً طائلة، وتحديدًا مشاريع التطوير التي تولاها المهندسين العسكريين". 


على هذا النحو، تابع "رول"، عملت سياسة الدين الخارجي لمصر على "توطيد النظام الاستبدادي".


وفي ختام مقالهما، لفتت الكاتبتان إلى خطة مصر لخصخصة قناة السويس تحت ضغط صندوق النقد الدولي. قائلتان إن "الخطوة الأخيرة لإنشاء صندوق سيادي مرتبط بقناة السويس أثارت مخاوف عامة من أن تفقد مصر سيادتها على الممر المائي. ولكن السلطات سارعت إلى القول بأن القناة "ليست للبيع"، بينما يهدف الصندوق الذي يشرف عليه السيسي نفسه إلى الاستفادة من عائدات القناة لجذب الاستثمار الأجنبي".