توفي اليوم الجمعة، النائب السابق للمرشد العام للإخوان المسلمين، فضيلة الأستاذ إبراهيم منير في لندن، ويعد منير من أبرز رجالات الدعوة، وأحد أعلام جماعة الإخوان المسلمين، بعد سنوات من العمل والجهاد والذود عن الإسلام والمسلمين.
وسافر "منير" إلى بريطانيا وحصل على حق اللجوء، حيث أسس عددا من المراكز الإسلامية هناك، وحصل على اللجوء إلى بريطانيا عام 1985م، وهناك نشط في العمل الإسلامي، إلى أن اختير نائبا للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين عام 2015، كما تم اختياره قائما بأعمال المرشد العام بعد اعتقال الدكتور محمود عزت في أغسطس 2020م، حيث كان واحدا من الذين أسسوا رابطة الإخوان المسلمين بالخارج عام 1982م، (تنظيم الإخوان المصريين خارج مصر).
واختار مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين، فضيلته عضوا في 1992، وتأكد ذلك في اجتماع مجلس الشورى العام في يناير 1995م، وانتخب عضوا بمكتب الإرشاد عن الخارج، كما اختير كأمين للتنظيم الدولي للإخوان ومتحدث باسم الإخوان المسلمين بأوروبا ومشرف عام على موقع رسالة الإخوان.
وأصبح منير أمينا للتنظيم الدولي، ومتحدثا باسم الإخوان المسلمين بأوروبا، عام 1995.
الموقف من الانقلاب
ومن أبرز مواقفه -رحمه الله- أنه مثل جماعة الإخوان المسلمين عام (2017 – 2016) أمام الجهات الرسمية لكل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية ثم مجلس العموم البريطاني أثناء التحري عن تأثير فكر الجماعة (سلميتها وتفنيد التهمة الملقاة الإرهاب) ودوائر عمل الجماعة في الساحات المحلية والإقليمية والدولية، بعد دس من بعض الدول العربية التي تنتمي لمحور الثورة المضادة ضد الإخوان المسلمين.
وأجرى ابراهيم منير في 24 يناير 2017، جوار مع الشرق القطرية بصفته نائب المرشد العام للإخوان وقتئذ، بعنوان رئيسي : "صحوة قادمة للأحرار في الدولة العميقة من جيش وشرطة وقضاء"، ألمح إلى دور دول الثورة المضادة في التحقيق بشأن جماعة الإخوان المسلمين في مجلس العموم، حيث قال: "دسائس بعض الأنظمة كانت سبيلاً لاستماع المجتمع الدولي لنا وتفهم فكرنا".
ومما قاله وعنونته "الشرق" أن كسر الانقلاب وعودة الشرعية المغتصبة أصبحا قريبين، وأن 25 يناير أطول يوم في التاريخ المصري الحديث وممتد إلى الآن، وأن "قيادة الجماعة في الداخل والمسؤول الأول فيها الدكتور محمود عزت، وأن شخصيات من داخل النظام اتصلوا بنا ليسألوا عن رؤيتنا لحل الكارثة، ونفى السعي من جانب الاخوان وقال: "لم نسع للاتصال أو لقاء من يمثل قائد نظام الانقلاب ولن نقبل به أبداً".
وفي كشف المزيد عن ذلك قال: "السيسي عرض التفاوض في ثنايا من سعى إلينا طلباً لرؤية لا نملكها متفردين" ، مؤكدا على أن الإخوان "لم نتخل عن عودة الشرعية والرئيس مرسي المنتخب شرعياً".
وأكد أن "علاقتنا بالمجتمع الدولي تقوم على المكاشفة والصراحة والوضوح والاستقلال"، وأن "المجتمع الدولي يعلم من هم "الإخوان المسلمون" وما هو فكرهم وتاريخهم"، مشددا على أنه "لم ولن نكون دعاة أو مناصري إرهاب ولا نخشى تلويح الإدارة الأمريكية".
وعن تحقيق مجلس العموم قال إنه "لم ينشر كاملاً.. وما تم التعتيم عليه يصب إيجابياً في صالحنا"، مضيفا أن "حضورنا في مجلس العموم البريطاني لمناقشة تقرير الإخوان لم يكن الأول".
ووصف رحمه الله الخلافات داخل الجماعة بأنها "طبيعية وسببها طريقة إدارة الصراع مع الانقلاب"، داعيا إلى "الاصطفاف مع من يعود إلى الصف الوطني بعد دعمه للانقلاب أمر واجب".
وعن سيناء، أشار إلى أن "الوضع في سيناء كارثي من كل الجوانب الاقتصادية والأمنية والإنسانية "، وأن "جرائم القيادات العسكرية والأمنية في سيناء تجاوزت الحدود"، وأن "النظام يحاول نقل ما يحدث في سيناء إلى جميع الأراضي المصرية".
وعن مؤسسات الانقلاب قال إن "صدور أحكام صحيحة من بعض القضاة مؤشر على تهاوي أحجار الانقلاب"، وأن "مصر مختَطفة منذ 64 عاماً من الجيش الذي بدل حالها لبلد آخر"، وأن "الانقلاب فرّط في تاريخ مصر وتنازل عن جميع حقوقها الشرعية".
وأضاف أن "4 سنوات على الانقلاب كافية لإزاحة زيف الجدار الفكري الذي أقامه العسكر" معتبرا أن "قائد الانقلاب لا عهد ولا ضمير ولا إنسانية له وليست عنده ذرة وطنية" وأن "المؤسسة العسكرية حريصة على ضمان رفاهية وامتيازات قياداتها العليا".
وأكد "أنه قريباً سيرفع الدعم الخارجي عن الانقلاب وقد يكون مقترناً بآخر باخرة نفط، وأن سيطرة الجيش على اقتصاد الدولة حالة كارثية لا وجود لها في العصر".
وعن طبيعة الصراع قال إنه "الآن بين قيادة العسكر والشعب بكل مكوناته ومن بينها الإخوان"، وأن "تحاشي الانجرار للمشاركة في المحرقة التي يصنعها الانقلابيون خطوة لكسر الانقلاب"، لافتا إلى أن "السيسي يعتبر ثقافة المسلمين عدائية لباقي العالم ولأجل ذلك طالب بتغييرها".
وأوضح أن الإخوان "لم ولن نفقد الأمل في وعد الله ولا في تاريخ البلد الذي اختصه في كتابه"، مضمنا أن "كلمة الشعب" لن تكون كسابقاتها التي تطوي البساط تحت كرسي الحاكم وتقول: "انزل يا باشا"
مجاهدا عاملا
والأستاذ إبراهيم منير الذي عرف الحق منذ صغره وأُوذي في سبيله بالاعتقال والمطاردة والمحن وكان مجاهدا عاملا مبتغيا بذلك وجه ربه.
وخرج "منير" بدينه بعد سنوات من السجن دون أن يلين أو يركن الدنيا أو الراحة، لكن انطلق به في ميادين عدة، وأوصل صوت الحركة الإسلامية إلى كثير من المؤسسات الغربية والدولية، وكان نعم المحامي المدافع عن حقيقة الحركة الإسلامية وأهدافها ومبادئها وكان له دور في وقف حملات التشويه التي كانت تشن عليها من بعض الأقلام الغربية والشرقية.
كما منير الإسلام وقاد الحركة الإسلامية لفترات بوسطية واعتدال وعمد إلى تجميع القلوب والصفوف والسير بالدعوة وسط أمواج متلاطمة من المحن والتشويه والتشكيك.
مع الإخوان
والأستاذ إبراهيم منير أحمد مصطفى صاحب مسيرة دعوية كبيرة تحت راية جماعة الإخوان، حيث وُلد إبراهيم منير عام 1937 بمدينة المنصورة بمصر، وتخرّج في كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1952، وعمل فترة في المؤسسة الزراعية كما حصل على ليسانس حقوق جامعة القاهرة عام1964 وعمل محاميا بعد تخرجه، قبل أن يعتقل عام 1965م، إبان فترة حكم جمال عبدالناصر، بما عُرف حينها بقضية "إحياء تنظيم الإخوان".
يشار إلى أن إبراهيم منير تعرف على جماعة الإخوان المسلمين في وقت مبكر من شبابه عام 1951م وبعدما وقعت حادثة المنشية في 26 أكتوبر 1954م تم اعتقاله مع من اعتقل فيما عرف بتنظيم التمويل في شهر فبراير عام 1955 وتمت محاكمته عسكريا وحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات وتم الإفراج عنه عام 1962م.
لكن لم يطل به المقام خارج السجن كثيرا حتى تم اعتقاله في تنظيم 1965م، وتم محاكمته عسكريا وحكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة 10 سنوات وتم الإفراج عنه عام 1974.
وبعد خروجه من نحو 20 سنة سجن، متقطعين، سافر للخليج عام 1976م، وعمل رحمه الله بعد خروجه من السجن في الكويت، وبعد المكوث هناك لـ5 سنوات، غادرها إلى لندن، إلا أنه في عهد المخلوع مبارك، قُدّم منير أيضا للمحاكمة في قضية التنظيم الدولي، والتي حملت رقم 284 عام 2009، وحكمت المحكمة عليه حينها بالسجن لمدة 5 سنوات، ثم صدر قرار بالعفو عنه من الرئيس الشهيد د. محمد مرسي، في أغسطس 2012.
وفي عهد المنقلب عبد الفتاح السيسي، وُجهت اتهامات لمنير أيضا، ففي سبتمبر 2021، أحالت النيابة العامة بمصر كلا من أ. إبراهيم منير غيابيا، ود.عبد المنعم أبو الفتوح ود.محمود عزت و23 متهما حضوريا في القضية رقم 1059 لسنة 2021 جنايات أمن دولة طوارئ، إلى محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ.
واتهمتهم سلطات الانقلاب بأنهم في الفترة ما بين عام 1992 وحتى عام 2018 بداخل مصر وخارجها، تولوا قيادة "جماعة إرهابية تهدف إلى استخدام القوة والعنف والتهديد والترويع في الداخل بغرض الإخلال بالنظام العام".

