عاد الكاتب عماد الدين أديب لينشر مقالا جديدا مثيرا للجدل يمرر من خلاله حقيقتين، الأولى أن عزل السيسي هو ـ بنص كلامه ـ “مشروع يُتداول بين أجهزة عدّة دول إقليمية ودولية”، والثاني أن مصر يديرها حاليا مجموعة من الفشلة والجهلة وغير المؤهلين، ويطالب السيسي بتغيير من حوله من مساعديه.
زعم إن هناك “مشروعا شريرا يجري الإعداد له منذ فترة لتحميل السيسي فاتورة ومسؤولية الأزمة الاقتصادية الضاغطة التي تسبّبت بها الحرب الروسية-الأوكرانية، مؤكدا أن من أكبر ضحايا هذه الحرب مصر لأنّها بين ليلة وضحاها وجدت أنّ موازنة إنفاقها زادت ما بين 35 ملياراً إلى 45 مليار دولار لتغطية ارتفاع أسعار الطاقة والقمح والحبوب والأسمدة”.
كما زعم في مقال بعنوان “وصيتي الأخيرة لبلادي ورئيسي” على موقع أساس ميديا اللبناني 28 أغسطس 2022 أن “هذا المشروع الشرير يهدف إلى إسقاط نظام 30 2013 الذي وضع المؤسسة العسكرية المصرية الوطنية العظيمة في موقع مسؤولية الإنقاذ الشامل لمشروع الدولة الوطنية ومنعها من الانهيار والتفكّك”.
برر قتل السيسي للمصريين بقوله أنه “تسلم البلاد والعباد في حالة إنهيار، ومن هنا كان لا بدّ من “الإمساك القوي” بكلّ مفاصل البلد، وكان لا بدّ لـ”اليد الثقيلة” من التشدّد الأمني لمواجهة عصابات الإرهاب التكفيري ووجود 14 مليون قطعة سلاح مهرّبة وقواعد تنظيم الإخوان”!.
مشروع إسقاط السيسي
قال إن مشروع كيفية إسقاط المؤسسة العسكرية الوطنية بقيادة السيسي هو “مشروع يُتداول بين أجهزة عدّة دول إقليمية ودولي”، و”لن يغفر الإخوان وتركيا وقطر والاتحاد الأوروبي والأميركيون للمؤسسة العسكرية المصرية لأنها قامت بالانحياز إلى ثورة الشعب المصري في 30 حزيران من دون التنسيق أو الترتيب معهم”.
زعم أنهم يسعون الان للعب على وتر “غلاء الأسعار واستحالة تحمّل تكاليف الحياة” لإسقاط السيسي بعدما فشلت كلّ الوسائل (إرهاب، تفجير، شائعات، تمويل خارجي)، ولم يبقَ سوى اللعب على وتر غلاء الأسعار واستحالة تحمّل تكاليف الحياة.
قال أديب أن “المشروع الشرير” لإسقاط حكم السيسي، يعتمد على ثلاثة عناصر: صعوبة تكاليف الحياة، فشل التسويق السياسي والإنجازات، ارتفاع فاتورة تكاليف الأزمة التي لا قِبَل لأيّ رئيس أو أيّ نظام تدبير تكاليفها بين ليلة وضحاها.
وخلص إلى أنّ مادّة ووقود وبنزين مشروع الفوضى المقبلة هي الأزمة الاقتصادية.
وقال إن أهمّ عنصر يتخوّف منه شخصيّاً هو القدرة على التصدّي لأزمة كونيّة خطيرة وثقيلة وطارئة بنفس العقليات وفريق المساعدين السابق.
قال: “كلّ هذه القوى هي كتلة لا تريد أن ترى مصر القويّة، ولا تسعى إلى الاعتراف بنجاح مشروع الرئيس السيسي للإصلاح، لكنّها في الوقت ذاته تخشى الانهيار الكامل للنظام في مصر”، و”هي بالضبط لا تريد أن تعاني مخاطر تفكّك مصر لأنّ في ذلك خطراً شديداً عليها”.
قال أديب إن عناصر هذه الخطة: تجاهل آثار فاتورتَيْ كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية على مصر وتحميل سياسات الرئيس، ظلماً، المسؤوليّة كاملة والزعم، كذباً، أنّ عدم اختيار الحكم لأولويّات الإنفاق هو سبب الأزمة، مثل: لماذا قناة السويس؟ ولماذا العاصمة الجديدة؟ ولماذا مشروعات العلمين والجلالة؟ ثمّ يتمّ ترديد عبارة: “ألم يكن من الأفضل بدلاً من هذا الإنفاق و”الهدر” تحسين أحوال الشعب بشكل مباشر”
أصوات رابعة
وتابع قائلا: “سوف يُعاد فتح أصوات رابعة مرّة أخرى، وهناك جهد سرّي يجري الإعداد له لطرح الموضوع أمام المحكمة الجنائية الدولية وسوف تتمّ إعادة تسخين الأوضاع عبر جماعات الإرهاب التكفيري في سيناء.
كما أن هناك خطة لإفساد العلاقة الصحّية الممتازة بين الرئيس وأقباط مصر تحت دعوى عدم توفير الحماية اللازمة لدور العبادة القبطية.
زعم أنه “يجري الآن الإعداد لإعادة تأهيل قادة أكثر تطوّراً لقيادة جماعة الإخوان المصرية في الخارج، بحيث تكون أكثر شبهاً بحزب إردوغان الحاكم، أي حزب سياسي متطوّر يكون له قبول بالمقاييس العصريةط.
وزعم أن “توقيت تحريك هذا المشروع سيكون بدءاً من يناير 2023 المقبل حتى مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة 2024.
وقال إن هناك محاولة إعادة تسخين حقوق مفاعل سيناء لسد مطروح، أمازيج الوادي الجديد، ثوبة أسوان.
وقال إن البلاد سوف تشهد تغييرات أخرى مقبلة يقودها السيسي، تستهدف أوّلاً مواجهة الهجوم، وثانياً استكمال رؤيته ومشروعه للجمهورية الجديدة.
تغيير مساعدي السيسي
وأكد أديب أن أكثر ما تحتاج إليه مرحلة إدارة الأزمة الحالية هو وجود فريق عمل يكون على مستوى التحدّيات، مشيرا إلى أنه يقصد بذلك رجالاً يؤمنون بالمصلحة العامّة ويؤمنون برؤية الرئيس السيسي ويكونون سنداً له لا عبئاً عليه، داعيا إلى مراجعة: الخطط والوسائل والحلول والإبقاء على من يصلح والاستغناء الكريم عمّن لا يصلح.
واختتم أديب مؤكدا أن التحدّي الأكبر هو أن يوفّق بمن يحملون هموم الوطن معه على كاهلهم، وليس من يصبحون عبئاً على الوطن، وعليه شخصيّاً، ولا يقولون “إحنا عبد المأمور” ولسنا مسؤولين عن شيء.
وذهب مراقبون إلى أن مقال أديب الأخير هو أشبه بتصحيح مسار في مقاليه السابقين اللذين نالا من هيبة النظام المصري أم أنه يرغب في إعادة تقديم نفسه بعض المتابعين ذهبوا إلى أن أديب قد يكون راغبا في إعاده تقديم نفسه مجددا نظرا للفراغ “الفادح” في الإعلام المصري.
يأتي مقال عماد الدين أديب بعد مقالين سابقين نشرهما في منصة (أساس ميديا) اللبنانية وأثارا جدلا واسعا:
الأول بعنوان “14 سببا لسقوط الحكام والأنظمة”، والثاني “بدايات متفجّرة للعام 2023” بشّر فيهما بالأسوأ، وتنبأ بفوضى أمنية غير مسبوقة (نتيجة للأزمة الاقتصادية العالمية العاتية) في عدة دول ذكر منها: مصر ولبنان والأردن وتونس.
بعد مقالي أديب شنّ عليه إعلاميون مصريون مقربون من النظام (بكري والديهي) هجوما حادا، مؤكديْن أن مصر قوية ولن تسقط، محذريْن من إطلاق الشائعات التي تؤدي للبلبلة.
وقال الصحفي عبد العظيم حماد رئيس التحرير الأسبق لصحيفتي الأهرام والشروق إن السؤال الذي يفرض نفسه: هل يقدح عماد الدين أديب من رأسه أم أنه بتوقيتات مقالاته وإنذارات هذه المقالات دخان لنار تراها مصادره الخليجية بالذات أم هي رسائل يراد تمريرها لمن يعنيه الأمر؟

