أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الأربعاء، من القاهرة، توقيع مذكرة تفاهم مع قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، لنقل الغاز الوارد من دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى أوروبا عبر مصر، حيث توجد محطتا إسالة للغاز في إدكو ودمياط، وقالت إن أوروبا ستدعم مصر فورًا بمبلغ 100 مليون دولار، كذلك ستقدم 3 مليارات يورو للمنطقة في الأعوام المقبلة لمواجهة تضرر إمدادات الغذاء بسبب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
اتفاق تصدير الغاز الثلاثي
وقالت وزارة الطاقة الإسرائيلية إن الاتفاق سيسمح بتصدير كمية كبيرة من الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا لأول مرة.
الصفقة، ستُمكن دولة الاحتلال من إرسال غازها الطبيعي عبر خطوط الأنابيب الموجودة بالفعل إلى الموانئ المصرية، حيث يمكن تسييله وضغطه ثم تصديره إلى أوروبا.
"مذكرة التفاهم بمثابة التزام بمشاركة الغاز الطبيعي مع أوروبا، ومساعدتها في تنويع مصادر الطاقة"، حسبما قالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية، كارين الحرا، بعد التوقيع، ولفتت إلى أن إسرائيل ومصر وقبرص ستكون دولًا موردة يعتمد عليها لإمداد أوروبا بالطاقة.
كمية الغاز التي سيتم تصديرها
وافق الاتحاد الأوروبي على حظر الفحم والنفط في حزمه السابقة من العقوبات ضد روسيا، دون المساس مباشرة بواردات الغاز الروسية، التي تلبي 40% من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز، و55% من احتياجات ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا.
ومع ذلك، قطعت روسيا الإمدادات عن العديد من الدول الأعضاء، لرفضها دفع ثمن الغاز بالروبل، بما في ذلك بولندا وبلغاريا وفنلندا وهولندا.
ودفع الاتحاد الأوروبي ما يقرب من 26 مليار يورو لواردات الغاز لروسيا منذ غزو أوكرانيا في أواخر فبراير 2022، وفقًا لمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف.
وسيزيد اتفاق تصدير الغاز الثلاثي من "استقلال الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة" عن إمدادات الغاز الروسية.
من المتوقع أن تتراوح صادرات الغاز في إطار الاتفاق الثلاثي بين 2.5 و3 مليارات متر مكعب في عام 2022، ويمكن أن تزيد إلى 4 مليارات متر مكعب في السنوات اللاحقة، حسبما قالت وزارة الطاقة الإسرائيلية قبل توقيع الاتفاق.
لا تقارن هذه الكمية إطلاقًا بكمية الغاز التي تستوردها أوروبا من روسيا، والتي تُقدر بـ155 مليار متر مكعب سنويًا.
وسيستمر اتفاق تصدير الغاز الثلاثي لمدة ثلاث سنوات مع تمديد تلقائي لمدة عامين، حسب الوزارة الإسرائيلية، وهي مدة أقل من تسع سنوات، التي وردت في مسودة الاتفاق، ويشير ذلك إلى انصياع مصر وإسرائيل لرغبة الاتحاد الأوروبي في عدم إبرام اتفاق طويل الأمد، في ظل سعيه لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، إلى جانب ميله للعمل على عدم ربط نفسه بصفقات مسعرة لفترة طويلة على أمل تراجع الأسعار.
ما الكمية التي تُصدرها مصر من الغاز حاليًا؟
في العام الماضي، صدرت مصر 8.9 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال، أغلبها للأسواق الآسيوية، وصلت صادرات الغاز الطبيعي المسال في مصر بالفعل إلى 5.6 مليار متر مكعب من الغاز المكافئ حتى الآن في عام 2022، مع تسليم حوالي 55 شحنة إلى أسواق التصدير، وفقًا لبيانات من S&P Global.
ولكن يجب ملاحظة أن صادرات مصر الحالية من الغاز تشمل ما تنتجه من حقولها، وما تشتريه من إسرائيل وتعيد بيعه.
ويتم تصدير خمسة مليارات متر مكعب من الغاز الإسرائيلي إلى مصر كل عام، أي أكثر من نصف الكمية التي صدرتها مصر للخارج العام الماضي.
ويعتقد أن اتفاق تصدير الغاز الثلاثي سيسمح لمصر بشراء بعض الغاز الذي يتم نقله إلى الاتحاد الأوروبي ودول أخرى عبر الأراضي المصرية لاستهلاكها أو تصديرها، حسبما ورد في مسودة للاتفاق، أي أن مصر قد تشتري الغاز من إسرائيل ثم تعيد تصديره لأوروبا.
هل يكون المشروع بديلًا لغاز شرق المتوسط؟
يبدو أن اتفاق الغاز الثلاثي قد يكون بديلًا لخط أنابيب غاز شرق المتوسط، الذي وقعت اليونان وإسرائيل وقبرص صفقة لبنائه تحت البحر في عام 2020، وكان من المتوقع أن يلبي المشروع المقترح، بميزانية تقريبية تبلغ 6 مليارات دولار، حوالي 10% من احتياجات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي، لكنه مشروع محفوف بالتعقيدات السياسية واللوجستية، ويحتاج إلى زمن طويل.
في ذلك الوقت قال مسؤولون إسرائيليون إن بناء خط أنابيب إيست ميد سيستغرق ما يصل إلى سبع سنوات.
ولكن الاتحاد الأوروبي ظل مترددًا في دعم خط أنابيب شرق المتوسط بسبب التكلفة، إضافة للاعتراضات التركية بسبب مطالبتها في المياه الاقتصادية للمنطقة، سواء باسمها أو باسم قبرص التركية، كما أن القاهرة لم تكن متحمسة له، لأنها لا تمتلك كمية كبيرة من الغاز، وفي الوقت ذاته فإنها تقدم بديلًا له عبر مرافق التسييل الخاصة بها.
وأصبحت مصر على نحو متزايد مركزًا إقليميًا للغاز، مع منشأتين للغاز الطبيعي المسال حتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
والمنشأة الأكبر التي تملكها مصر لتصدير الغاز الطبيعي المسال هي منشأة إدكو، التي تديرها شركة شل البريطانية الهولندية وطاقتها- 7.2 مليون طن متري/ سنة (9.9 مليار متر مكعب/ سنة)، والثانية هي محطة دمياط الأصغر التي تديرها إيني الإيطالية، والتي تبلغ 5 ملايين طن متري/ سنة، حسبما ورد في تقرير لموقع S&P Global.
ويعتبر المصنعان مفتاحًا للجهود الأوروبية للحصول على مزيد من الغاز الطبيعي المسال، بما في ذلك من دولة الاحتلال، التي زادت منذ مارس إمداداتها إلى مصر.
بالنسبة لتل أبيب يوفر الاتفاق مع مصر لتسييل الغاز مميزات عديدة، أبرزها أنه يغنيها عن إنشاء بنية أساسية باهظة التكلفة للتسييل، إضافة إلى دواعي القلق البيئية من بناء مثل هذه المنشآت في الساحل الإسرائيلي المكتظ بالسكان والرأي العام الحساس من المخاوف البيئية، إضافة إلى المخاوف الأمنية من استهدافه من قبل المقاومة الفلسطينية أو حزب الله في أي صراع.

