تعتزم سلطات الإنقلاب تطبيق قرار أمني جديد، في مارس المقبل بدعوى تحقيق الصالح العام، حيث يتعلق ببيانات ومعطيات ركاب شركات الطيران العاملة في مصر، والذي سوف يدخل حيز التنفيذ وسط تخوفات حقوقية حقيقية من استخدام البيانات في ملاحقة معارضي السيسي ونظامه.
ومؤخرا، نشرت الجريدة الرسمية قرارا من وزارة الطيران المدني بإلزام جميع شركات الطيران العاملة في مصر، والطائرات التي تستخدم المطارات المصرية، بالإفصاح المُسبق عن بيانات جميع المسافرين على متن رحلاتها الجوية من وإلى مصر، إضافة إلى بيانات طواقم الطائرات.
ووفقا للقرار سيتم تقديم البيانات المسبقة والنهائية لركاب جميع الطائرات المغادرة من مطارات مصر بشكل متزامن مع إنهاء إجراءات سفر الركاب وفي مهلة أقصاها خمس دقائق من وقت إنهاء الإجراءات.
وبررت سلطات الإنقلاب القرار بأنه يأتي يحجة تحقيق الصالح العام وحرصا على حسن وانتظام سير العمل وتطبيق أعلى معايير السلامة والأمن والحاجة إلى معرفة البيانات المسبقة للركاب على حد تعبيرهم.
تضييقات أمنية
اعتبر وكيل لجنة حقوق الإنسان، بمجلس الشورى السابق، عز الدين الكومي، أن قرار إلزام شركات الطيران العاملة في مصر والتي تقوم بتسيير رحلات جوية منتظمة وعارضة أو خاصة داخليا أو خارجيا وعلى كل طائرة تستخدم مطارات مصر الالتزام بتقديم معلومات مسبقة عن الركاب لجميع المسافرين على متن رحلاتها الجوية من وإلى مصر، هو قرار أمني بامتياز، ولا معنى لشيء آخر غير ذلك.
وأضاف أن "هذا ليس بمستغرب على نظام مسجل خطر في الوقت الذي يتحدث فيه عن استراتيجية حقوق الإنسان التي هلل وطبل لها الإعلام الانقلابي في ظل هذه الممارسات القمعية التي تخالف القوانين والدستور والمواثيق والعهود الدولية لا تعدو استراتيجية حقوق الإنسان في مصر مجرد حبر على ورق".
ورأى الكومي أن "الشيء غير المفهوم هو أن قرار الأخير يتحدث عن الصالح العام، فأي صالح عام في التجسس على ركاب قادمين للسياحة أو مغادرين عائدين لبلادهم أو حتى مواطنين سافروا ليبحثوا عن فرص عمل وحياة كريمة بعيداً عن مصر التي تحولت إلى زنزانة كبيرة وجمهورية خوف كما قال رامي شعث".
وأضاف أن "العالم قد استمع إلى تصريحات الناشط رامي شعث وهو يتحدث عن معاناته خلال فترة اعتقاله في مصر التي امتدت لثلاث سنوات دون محاكمة"، مشيرا إلى أن "نظام السيسي يمارس القمع والقهر ليس مع المصريين فقط، بل حتى مع القادمين إلى البلاد ومن وجهة نظري أن هذا القرار سيكون له تداعيات على النشاط السياحي".
الصيد الثمين
وكانت قوات أمن الإنقلاب قد اعتقلت شابا مصريا يدعى حسام منوفي محمود سلام أثناء توقف الطائرة التي كان يستقلها من السودان إلى تركيا، منتصف يناير الماضي، وهبطت اضطراريا بزعم وجود إنذار، والذي تبين أنه إنذار كاذب في وقت لاحق، في مطار الأقصر.
لكن منظمات حقوقية وتقارير صحفية كشفت في وقت لاحق أن عملية القبض التي أطلقت عليها الصحف "الصيد الثمين"، قد تمت بالتنسيق مع السلطات السودانية وشركة "بدر" للطيران الخاصة المالكة للطائرة، واقتيد الشاب إلى مقر أمن الدولة ولم يتمكن أحد من التواصل معه.
وفي وقت لاحق قررت سلطات الإنقلاب حبس سلام على ذمة القضية الهزلية المعروفة إعلاميا بتأسيس حركة حسم المسلحة، وهو محكوم عليه بالسجن المؤبد غيابيا في القضية الملفقة رقم 65 لسنة 2017، والمعروفة إعلاميا بمحاولة اغتيال النائب العام المساعد زكريا عبد العزيز، ومتهم في اغتيال العميد بالجيش عادل رجائي.
قرار فاشل
بدوره وصف مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف بيومي، قرار السلطات الإنقلاب بأنه "غير قانوني ومثير للشكوك"، وقال: "الطائرة والسفينة تعتبر جزءا من الدولة التي ترفع علمها وتتمتع بنفس سيادة واستقلال الدولة، وقضية الكشف عن هوية الركاب أمر غير قانوني على الإطلاق".
وتوقع في تصريحات صحفية ألا يجد القرار تجاوبا حقيقيا على المستوى الدولي، وقال: "لا أعتقد أن القرار سيجد تجاوبا إلا مع الدول القليلة التي تمارس نفس الانتهاكات مع شعوبها، وأغلبهم من دول العالم الثالث أو النامي، والتي تتبادل مع مصر المعلومات الأمنية عن شعوبها".
وجزم خلف أن ادعاءات سلطات الإنقلاب بأن القرارات تحقق الصالح العام "واهية وغير حقيقية ولا تحقق الصالح العام إنما تحقق صالح أمن السيسي ونظامه، وتسيء للدولة المصرية وتؤكد ما نذهب إليه من تفنن النظام في إصدار قرارات وتشريع قوانين لإحكام إغلاق المناخ العام؛ وهو قرار لا مقتضى له حيث إن المسافر من وإلى مصر يمر عبر جوازات المرور وتكشف المطارات عليه وتستطيع إيقافه إن ثبت أن عليه أي حكم أو مطلوب قضائيا".

