31/12/2010

نافذة مصر / أون إسلام :

لم يكن الجندى الأمريكى برادلى مانينج "البطل الحقيقي" الذى يعتقد أنه مصدر تسريبات موقع "ويكيليكس" يخطر بباله أن تحتجزه واشنطن فى سجن انفرادى ويتم تعذيبه ومعاملته بقسوة قبل محاكمته وهى البلدة الشهيرة بحقوق الإنسان.. فهذه المعاملة جعلته يعتقد أنه فى إحدى دول العالم الثالث المعروفة بتعذيب معتقليها.

"مانينج" الذى وضع موقع "ويكيليكس" ومؤسسه جوليان أسانج على الخريطة الدولية بعد أن استطاع اختراق أجهزة وزارة الخارجية الأمريكية ونقل منها الوثائق السرية بين الوزارة وسفاراتها فى كل بلاد العالم اعتقلته الأجهزة الأمنية الأمريكية منذ مايو الماضى بتهمة "نقل معلومات سرية إلى الكمبيوتر الخاص به، وزيارة أجهزة غير مسموح بزيارتها".

وفى يوليو الماضى تم نقل الجندى الأمريكى إلى قاعدة "كوانتيكو" البحرية فى ولاية فرجينيا حيث تم وضعه فى الحبس الانفرادى تحت "الرقابة المشددة" بينما ينتظر المحاكمة والمتوقع أن تكون عسكرية وأن يحكم بسجنه نحو 52 عاما.

وعن حالته داخل السجن الانفرادى، نقلت تقارير إخبارية الخميس 30-12-2010 عن الباحث الأمريكى ديفيد هاوس الذى زار مانينج مع محاميه فى قاعدة "كوانتيكو" قوله: "يبدو مشوشا، فهو يعاقب قبل محاكمته، ما أضعف قدراته الذهنية.. السلطات بدأت تعطيه أدوية ضد الانهيار النفسى بعد تراجع صحته".

وتحت عنوان "يوم فى حياة برادلى مانينج" كتب هاوس على صفحة موقعه على الإنترنت قائلا: "هناك عدة قيود وضعوها على مانينج حيث أنه محتجز فى زنزانته (حوالى ستة أقدام عرضا و12 مترا ارتفاعا) لمدة 23 ساعة فى اليوم، ويسمح له بالخروج فى الساعة المتبقية".

أما عن النوم فأورد هاوس: "لا يسمح له بالنوم من الساعة الخامسة صباحا وحتى الساعة الثامنة مساء، كما يتفقد الحرس زنزانته كل خمس دقائق ويجب أن يرد"، فى إشارة إلى أنه لا ينعم بالنوم مطلقا.

وأضاف هاوس: "لا يسمح لمانينج أن يكون لديه وسادة أو غطاء خاص به، لكن الحرس وفروا له أغطية ثقيلة جدا بحيث لا يمكنه النوم تحتها.. الضوء لا يطفأ فى غرفته.. كما أنه لا يسمح له بقراءة الصحف السياسية أو رؤية التلفزيون غير المحلى الذى يخلو من أى أخبار خارجية".

 وتابع الباحث الأمريكي: "لا يسمح له أن يرى سجناء آخرين من زنزانته.. حاليا لا يوجد سجناء آخرين بالقرب من زنزانته".

 وأعرب هاوس عن قلقه من تدهور صحة مانينج وعقله ما دفع مانفرد نوفاك -المسئول الخاص فى الأمم المتحدة عن التعذيب- لإعلان أن الأمم المتحدة ستحقق فى معاملة مانينج، وإن كان قد تعرض لتعذيب من قبل السلطات الأمريكية.

"معاملة جيدة!"

 ولم تختلف الولايات المتحدة فى ردها حول الاتهامات بالتعذيب لمانينج عن دول العالم الثالث، التى دائما ما تنفى استخدامها أساليب تعذيب مختلفة سواء كانت نفسية أو جسدية ضد معتقليها.

 وردا على المعاملة القاسية التى يلقاها قال الجيش الأمريكى إن مانينج محتجز فى ظل إجراءات أمنية قصوى لكنه "يلقى معاملة جيدة"، منددا بالاتهامات الواردة بشأن ظروف اعتقاله، حسب ما نقلت تقارير إخبارية.

 وقال اللفتنانت براين فيليارد، المتحدث باسم السجن العسكرى فى قاعدة "كوانتيكو": "مانينج محتجز فى هذا السجن فى ظل إجراءات أمنية قصوى، لأن السلطات تعتقد أنه يشكل خطرا على الأمن القومى.. لا يعامل بشكل مختلف عن أى معتقل تفرض عليه الإجراءات الأمنية القصوى".

 وقال فيليارد ردا على اتهامات صادرة عن جلين جرينوالد المحامى: إن "المعتقلين يعاملون بحزم وإنصاف وكرامة ورحمة".

 وكان جرينوالد كتب على الموقع الإلكترونى اليسارى "صالون.كوم" أن ظروف اعتقال مانينج "تشكل معاملة قاسية ولا إنسانية، بل إنها تعذيب بحسب معايير العديد من الدول".

 

 "بطل أم خائن؟"

 

وعن آراء الناس فى مانينج قال الخازن: "كثيرون يرون أن مانينج بطل وسجين سياسى، وقد دافع عنه دانيال إيلزبرج الذى كان قد سرب أوراق البنتاجون إلى صحيفة "نيويورك تايمز" عام 1971.. كما أن هناك جماعة باسم "شجاعة المقاومة" ترفع لواء الدفاع عنه، وتوزع قمصانا تحمل اسمه ودعايات أخرى.. إلا أن هناك فى المقابل من يعتبره خائنا، وأجد المطالبين برأسه أقوى، وهو إذا هوى فسيتبعه أسانج وربما موقع ويكيليكس نفسه".

والتحق برادلى مانينج -المولود فى ولاية أوكلاهوما جنوب الولايات المتحدة الأمريكية- بالجيش فى عام 2007 بعد طفولة تعرض خلالها لمضايقات رفاقه على خلفية ميوله الشاذة.

 

 غير أن هذا التفسير لدوافع مانينج الناتجة عن يأسه وأحباطه ، لا يمكن القطع بصحته خاصة أن هناك تفسيرات أخرى لم تستبعد حتى اليوم أن يكون هذا التسريب بمثابة "توظيف مقصود" لإحراج حلفاء واشنطن أو بعضهم.