19/04/2010

نافذة مصر - كتب / محمد حمدي :

قالت وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قام بتخفيض المساعدات الأمريكية المخصصة لتعزيز الديموقراطية في مصر بشكل كبير، وهو تحول يمكن أن يؤثر على كل شيء بداية من برامج مكافحة الفساد وحتى مراقبة الانتخابات - كما وصفت الوكالة.

وأضافت إن واشنطن خفضت خلال العام الماضي المساعدات بنسبة 50% ، مما يشير بأصابع الاتهام إلى إدارة أوباما بتخفيف الضغط على النظام الاستبدادي الحاكم في مصر للقيام بإصلاحات سياسية، وذلك لضمان دعمه في سياسة الشرق الأوسط بما في ذلك عملية السلام مع إسرائيل.

ونقلت الوكالة عن أحمد سميح - رئيس منظمة حقوقية مقرها القاهرة - والتي استخدمت منحة الولايات المتحدة لمراقبة الانتخابات البرلمانية في عام 2005، قوله: "أوباما يريد تغييرًا لا يتسبب في غضب الحكومة المصرية، و في السياق المصري هذا يعني أنه لن يكون هناك تغيير".

وقالت الأسوشيتدبرس أن وكالة المعونة الأمريكية أكدت أن "الولايات المتحدة ملتزمة بتعزيز الديموقراطية وحقوق الإنسان وتنمية المجتمع المدني في مصر"، وأضافت أن تخفيض المساعدات في مجال حقوق الإنسان يعود إلى قيام واشنطن بتخفيض المساعدات غير العسكرية لمصر بشكل عام في السنوات الأخيرة، كما قامت الإدارة بعمل تخفيضات مماثلة في منحة تعزيز الديموقراطية في الأردن، وهي دولة حليفة للولايات المتحدة أيضاً.

وأضافت الوكالة إن هذه السياسة تعكس بشكل جزئي تغييرًا في التركيز، وذلك مع زيادة منح المساعدات الاقتصادية والتنموية في باكستان وأفغانستان، ويعكس أيضًا ابتعاد أوباما عن سياسة سلفه جورج بوش في الضغط العدواني من أجل تحقيق الديموقراطية في أنظمة الشرق الأوسط.

وقالت إن مصر كانت محور سياسة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش مما أدى لتوتر العلاقات الأمريكية مع الرئيس حسني مبارك، على الرغم من أنه بحلول نهاية الإدارة الأمريكية السابقة بدا كأن سياسة الدفع من أجل الإصلاح الأمريكية قد تلاشت.

وتعد تلك التخفيضات مصدر قلق خاصة بعد أن أصبحت البيئة في مصر مقيدة بشكل متزايد كما يتضح من حملة الاعتقالات الأخيرة ضد النشطاء السياسيين والمدونين والصحفيين ، كما وصفت منظمة "فريدوم هاوس" الحقوقية الأمريكية في تقرير صدر لها يوم الجمعة.

وكانت مصر واحدة من أكبر متلقي المعونة الخارجية للولايات المتحدة منذ أن أصبحت أول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل في عام 1979، وكانت المعونة تصل على 2 مليار دولار سنوياً في الماضي بما في ذلك 1,3 مليار دولار مساعدات للجيش المصري، ولكن منذ قدوم إدارة بوش بدأت واشنطن بخفض جزء المساعدات غير العسكرية.

ووصلت المساعدات هذا العام 1,55 مليار دولار، مثل العام الماضي، منها 250 مليون دولار للمساعدات الغير عسكرية.

وفي عام 2008 كرست إدارة بوش نحو 45 مليون دولار من هذا المبلغ لبرامج "الحكم العادل و الديموقراطي"، وجزء منها يمول مباشرة منظمات غير حكومية - تعرف باسم منظمات المجتمع المدني - تنفذ برامج مستقلة لتعزيز حقوق الإنسان، ومساءلة الحكومة، وتعزيز الإصلاح.

وخصصت إدارة بوش نفس المبلغ لميزانية عام 2009، لكن عندما وصلت إدارة أوباما إلى الحكم قامت بإعادة تنظيم الميزانية وخصصت فقط 20 مليون دولار  لبرامج الديموقراطية ونقل الفارق إلى مشاريع إقتصادية بحته، وفقاً لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية إلى الكونغرس، وقد وضعت مبلغاً أعلى بقليل لعامي 2010 و 2011 يبلغ 25 مليون دولار.

وقالت الأسوشتيدبرس إنه فرض قواعد جديدة تمنع الجمعيات غير المسجلة سواء كانت مصرية أو عالمية من الحصول عن أموال المنحة، والكثير من الجماعات لا تسجل نفسها لدى الحكومة المصرية لأنهم يخشون الضغط والتدخل.

وقالت وكالة المعونة الأمريكية أن المساعدات من الوكالات الأمريكية الأخرى ستستمر في دعم الجماعات غير المسجلة وأشارت إلى "بيئة ميزانية مقيدة".

ولكن تم تقليل المبلغ من 10 مليون دولار في 2008 إلى حوالي 2,8 مليون دولار ، وفقاً لتقرير صادر عن "مشروع الديموقراطية في الشرق الأوسط" وهي مجموعة مقرها واشنطن قامت بدراسة الميزانية.

وحذرت منظمة "فريدوم هاوس" من أن القواعد الجديدة تمنح الحكومة المصرية حق الفيتو - النقض - في تحديد من يحصل على تمويل من المنحة الأمريكية.

وقالت الوكالة إن هذه التغييرات تأتي في وقت مظلم بالنسبة لمصر مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في عام 2011، ولكن المرض الأخير لمبارك 81 عام قد أثار تساؤلات حول ما إذا كان سيترشح للرئاسة أم لا ، مشيرة إلى عدم وجود خليفة واضح لمبارك.

وأشارت الوكالة إلى "السمعة السيئة" للانتخابات السابقة بسبب التقارير التي أكدت حدوث تزوير على نطاق واسع لضمان انتصار الحزب الحاكم.

ونقلت الوكالة عن مدير المركز المصري لحقوق الإنسان أنه تم رفض طلبه للحصول على 300 ألف دولار من المعونة الأمريكية لمراقبة الانتخابات البرلمانية العام الماضي، وأشار إلى أنه اتجه إلى إحدى المنظمات الأمريكية المسموح لها بتمويل الجماعات غير المسجلة ولكن قيل له إنها لا تتعامل مع مراقبة الانتخابات.

وأشارت الوكالة إلى أن الحكومة المصرية تتجه الآن إلى إلغاء الجماعات غير المسجلة، وذلك بموجب مشروع قانون مقدم أمام البرلمان المصري من شأنه أن يفرض عقوبات شديدة على هذه الجماعات إلا إذا قامت بالتسجيل لدى الحكومة، وبموجب القانون يحق للحكومة رفض تسجيل أي منظمة غير حكومية إذا لم توافق عليها الأجهزة الأمنية، ويمكن للدولة أيضًا حل مجلس إدارة أي جمعية غير ربحية مسجلة أو سحب ترخيصها.

وفي الختام نقلت الوكالة عن مدير المركز المصري لحقوق الإنسان القول: "أوباما يريد الديمقراطية على الطريقة التي يريدها رؤساء الدول العربية ، وليس على الطريقة التي تريدها الشعوب العربية".