2 / 4 / 2009
 

تصاعدت أصوات الأمريكيين في أنحاء الولايات المتحدة المطالبة بفتح تحقيقات مع نائب الرئيس السابق ديك تشيني ومسؤولين في إدارة جورج بوش السابقة، وذلك في أعقاب الكشف عن تكليف وحدة "كوماندوز" سرية معروفة باسم جناح الاغتيالات، كانت تتعامل مباشرة مع مكتب تشيني، تنفيذ اغتيالات ضد أشخاص حول العالم لتورطهم أو الاشتباه في تورطهم في معاداة الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي كشف عنه الصحفي الأمريكي سيمور هيرش، واعترف كبير موظفي تشيني جون حنا به أيضاً.

وقال هيرش لـ "سي ان ان" الأحد، إن هذه الوحدة المكونة من "كوماندوز" تابعة لقوات "دلتا" ووحدات "الضفادع البشرية" وغيرها كانت تقوم بعملها من دون المرور حتى على وزير الدفاع ، وبمعزل عن الكونجرس، ومن خلال مكتب تشيني فقط، حيث كانت تعرض عليه قوائم بأسماء المشتبه فيهم، ثم تغادر للقيام بهذه العمليات المحرمة قانوناً حتى في حالة الحرب في الولايات المتحدة.

وكان هيرش قد كشف قبل حوالي العامين في حديث لجريدة "الخليج" الإماراتية عن وجود وحدات سرية أمريكية داخل إيران، وتحدث أيضاً عن عمليات قامت بها وحدة الاغتيالات التي كانت تأخذ أوامرها وتغادر مباشرة لتنفيذ الاغتيالات في حوالي 12 دولة، منها أفغانستان والعراق وحدود باكستان واليمن وبيرو وكولومبيا وإريتريا وكينيا ومدغشقر، وذلك من دون علم أحد في إدارة بوش أو البنتاجون، ولا حتى اللجنة الفرعية في الكونجرس والتي تضم أربعة أعضاء فقط لهم حق الاطلاع على كل الأمور السرية.

أضاف انه حتى حين طالب النائب دينيس كوسينيتش بالتحقيق في الموضوع، وعبر ذراع تحريات مختصة تابعة لهذه اللجنة، وتضم موظفين سابقين في ال CIA وال FBI فإن ديك تشيني وقتها رفض اعطاءهم تصريحاً للقيام بدورهم، وتحداهم بقوله "قدموني للمحاكمة إذاً".

وبينما لا يعلم أحد حسب هيرش، ما إذا كانت هذه العمليات قد توقفت أم أن عمل هذه الوحدة مستمر، فإنه أكد أن بعض هذه العمليات تورطت في العمل داخل إيران، وربما تستمر في متابعة العمل داخلها حتى الآن.

وأضاف أن لديه علماً بأن عمليات الاغتيالات كانت تتم خلالها مكافأة من يقوم بإنجاز عدد أكبر منها، وهي العمليات غير القانونية التي كانت تتم بناء على ترخيص مباشر من مكتب ديك تشيني، الذي ترك وراءه بشكل ما أشخاصاً تابعين له في مختلف إدارات أوباما الجديدة، بما فيها البيت الأبيض نفسه، وهم بالتأكيد يطلعون تشيني أولاً بأول على ما ي

 
  بوش و نائبه ديك تشيني    
جري هناك.

وكان النائب دينيس كوسينيتش قد أعاد مجدداً المطالبة بالتحقيق في الأمر من دون انتظار صدور كتاب هيرش الجديد، في الوقت الذي طالب معلقون في واشنطن بمحاكمة تشيني الذي أصدر منفرداً أوامر بالاغتيال وبالقتل، وكذلك تقديم كل مسؤولي إدارة بوش المتورطين في جرائم مشابهة ومخالفة القانون وعدم انتظار تصاعد المطالبات حول العالم، بما في ذلك محاكمات إسبانيا، والتي وجهت خلالها اتهامات لمسؤولين أمريكيين متورطين في أعمال تعذيب.

وكان هيرش قد كشف أيضاً عن الجانب الشرس في شخصية تشيني، حيث وصف تشيني الرئيس باراك أوباما بأنه "مؤيد للفلسطينيين" لدى علمه بأنه يضغط على "الإسرائيليين" لإيقاف هجومهم على غزة، حيث قال يومها "إنه يميل للفلسطينيين، هذا الشخص لا يمكن أبداً أن يفوز في المباراة الكبرى".

أيضاً، تحدث هيرش الذي تحول نفسه الى مصدر مهم لنشر عناوين الأخبار على مدى الأيام الماضية، كيف كان مكتب تشيني يتحكم بكل شيء إلى درجة أصابت كثيرين بالدهشة، ومنهم ضابط كان قد التحق في تقليد وظيفي بالبيت الأبيض، وخلال أحد الاجتماعات في غرفة العمليات الرئيسية في البيت الأبيض لاحظ أن المعلومات والملفات المهمة تسلم إلى مسؤول مكتب تشيني (ليبي) فسارع بلفت أنظار الحضور الى عدم صحة هذا التصرف، وهو الأمر الذي تجاهله الموجودون، وكان مصير هذا الضابط النقل في الأسبوع التالي إلى نقطة تبعد 13 ألف ميل.

وأكد هيرش أن تشيني لا يزال بشكل أو بآخر غير معزول عن التحكم ببعض الأمور لدى الإدارة الحالية من خلال أشخاص يتبعونه تركهم وراءه، لاسيما في البنتاجون، في تكنيك يسمى تكنيك "المتروكين بأرض المعركة"، أي الأفراد الذين يتم تركهم حول أرض المعركة بعد الهزيمة.

من ناحية أخرى أعاد المحافظون الجدد وعتاة تيار اليمين الصهيوني المسيحي تشكيل أنفسهم تمهيداً لإطلاق تيار جديد يلعق هزيمتهم، وأطلق  رموز هذا التيار مركزاً جديداً للأبحاث بغية تحويله إلى مركز صنع قرار أطلقت عليه مبادرة السياسات الخارجية "FPI"، وباكورته مؤتمر عقد لنصف يوم أمس (الثلاثاء) لمناقشة الوضع والسياسات الأمريكية المفترضة تجاه أفغانستان، وتحت عنوان "أفغانستان والتخطيط للنجاح".

قنبلة هيرش

 
  سيمور هيرش    

وكان سيمور هيرش، الصحفي الأمريكي المعروف بمجلة "نيويوركر" قد فجر قنبلة من العيار الثقيل عندما كشف لـ "سي ان ان " عن قيام إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، بتأسيس وحدة عمليات خاصة سرية، وبإشراف مباشر من نائب الرئيس السابق، ديك تشيني، لملاحقة وتصفية أهداف ذات قيمة عالية في عشرات الدول، دون علم أو إشراف الكونجرس.

وقال هيرش، إن إدارة بوش خولت الوحدة السرية، وتدعى "قيادة العمليات المشتركة الخاصة" تحت إشراف تشيني المباشر، تفويضاً مباشراً لتصفية أفراد استناداً على معلومات استخباراتية أمريكية.

وأضاف: " الفكرة هي أن تتحرك الفرقة دون قيود تقديم تقارير للكونجرس، الذي علم القليل عن هذه المجموعة، ودون جلسات استماع، حتى السرية منها، تتجول بتفويض من الرئيس للتوجه لدولة دون إعلام رئيس جهاز الاستخبارات الأمريكية (CIA) أو السفير."

وتابع: إدارة بوش فوضت قوات في مواقع الحدث استناداً على معلومات استخباراتية اعتقدوا أنها سليمة، ويمكني القول بإن هذا لم يكن واقع الحال دائماً.. فبعضها اتخذ بُعداً دموياً للغاية، أحياناً".

وحول عمل تلك الوحدة، قال هيرش: "كانت تذهب إلى دول وتقتفى أثر من هم على اللائحة وتغتالهم وتغادر.. هذا ما كان يحدث وباسمنا جميعاً.

نفي الاتهامات

في غضون ذلك، سارع العديد من أعضاء الإدارة السابقة بتفنيد تصريحات هيرش، وقال مساعد تشيني، جون هاناه، ان تلك الاتهامات ليست حقيقة.. واعتقد بأنه هيرش ابتعد قليلاً عن المزاعم الأصلية التي أدلها مسبقاً وأشار فيها إلى المجموعة كـ"جناح اغتيالات."

وقال هاناه إن للجيش الأمريكي، في مناطق حرب كالعراق وأفغانستان وباكستان، تفويضاً "بملاحقة واعتقال وقتل الأعداء، ويشمل ذلك قياداتهم"، إلا أنه نفى علمه بالإجراءات المتخذة في هذا الشأن.

ومن جانبه دحض الناطق باسم "قيادة العمليات الخاصة" تقرير هيرش، بالإشارة إلى أن الوحدة العسكرية تعمل تحت ضوابط عسكرية وقانون الحرب وقانون النزاعات المسلحة.

ويذكر أن الولايات المتحدة حظرت اغتيال القيادات السياسية منذ عام 1976، إلا أن السياسة الأمريكية تختلف فيما يتعلق والعناصر المشتبه بالإرهاب، ويغلف الغموض كذلك سياستها تجاه زعيم تنظيم القاعدة، أسامه بن لادن.

ويشار إلى أن زعيم تنظيم القاعدة جناح العراق، أبو مصعب الزرقاوي، هو أعلى قيادي إرهابي تمكنت القوات الأمريكية من تصفيته، حتى اللحظة.

وقالت فرانسيس تاونسند، مساعدة لتشيني، إن لائحة الأهداف الإرهابية المجازة - من يمكن اغتيالهم دون محاكمة - لا تتعدى المائة، وتقتصر على "من ساعدوا في هجمات أو خططوا لقتل أو تدمير الأمريكيين أو المصالح الأمريكية حول العالم."

وذكرت أن للجيش الأمريكي والاستخبارات صلاحيات اعتقالهم وقتلهم حيثما يتم العثور عليهم.

وكشفت أن لائحة تلك الأهداف يوقع عليها الرئيس، وهي خلاصة جهود مشتركة بين عدد من الأجهزة: منها الجيش والاستخبارات، والقوى الأمنية ووزارة العدل.

ويذكر ان هيرش اشتهر في الولايات المتحدة في 1969 بعد كشفه ما أصبح يعرف بمذبحة "مايلي" التي قتل فيها أكثر من 500 مدني فيتنامي على أيدي جنود أميركيين في الحرب الشهيرة، كما تناول في  كتابه "تسلسل القيادة من 11 سبتمبر إلى أبو غريب" الانتهاكات في سجن أبوغريب العراقي.

المجرم تشيني

 
  ديك تشينى    

ولد ريتشارد بروس تشيني المعروف بديك تشيني في 30 يناير 1941 . بدايته السياسية كانت سنة 1978 عندما أنتخب كعضو في مجلس النواب الأمريكي عن ولاية وايمنغ واستمر في منصبه إلى سنة 1989. وشغل بين مارس 1989 ويناير 1993 منصب وزير الدفاع في عهد جورج بوش الأب.

وعمل بين سنة 1995 و2000 كرئيس مجلس إدارة والرئيس التنفيذي لشركة هاليبرتون للخدمات النفطية. وعين نائبا لبوش الابن من 20 يناير 2001 إلى 20 يناير 2009

حاول هذا المجرم جاهدا أن ينحر بلاده في حرب تحرير الكويت, بمتابعة قواته لاحتلال العراق وإسقاط النظام باعتباره وزيرا للدفاع, فسارع كولن باول باعتباره رئيسا للأركان ليضغط على الرئيس جورج بوش لإيقاف الحرب بعد أن ابلغه الجنرال شوارزكوف بأن تحرير الكويت تم, والهدف من الحرب تحقق.

وزج ببلاده في الصومال, فأسرع أيضا كولن باول ليفسد مسعاه و يبدأ باول بسحب القوات.

ولكن تشيني بعد أن تبوأ منصب نائب بوش الابن , خدع باول وغرر به وهو زيرا للخارجية, وزجه مع بلاده وقواتها في نفس الورطة.

وحين تم الغزو والاحتلال للعراق, أنتبه باول بأن بلاده سقطت في المستنقع الذي كان لا يريدها أن تسقط فيه. وشعر بالندم حين وقع في الفخ الذي نصبه له ديك تشيني وجورج بوش ورايس وولفوتيز وبيرل, فأسرع بالاستقالة، وهو يردد باستمرار, وعلى الملأ بأن بوش وتشيني خدعوه وضللوه وكذبوا عليه, وأيد ذلك جورج تينيت في مذكراته.

ورغم أن تشيني يضع مصالح إسرائيل فوق مصالح وأمن بلاده, إلإ أن الإسرائيليين والصهاينة باتوا ناقمين عليه، كما أن العرب والمسلمين باتوا يعتبرونه أحد الشياطين لأنه أراد أن تكون الحرب على الإرهاب حربا صليبية.

ومن غير المستبعد أو المستغرب أن يكون هو من شجع البعض على الإساءة للرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام, ومن أشار لبعض صقوره بطرح موضوع تدمير الكعبة المشرفة بالقنابل النووية, وهو من سمح لجنوده في حرب الخليج الثانية والثالثة على أن يكتبوا على الذخائر والصواريخ العبارات المسيئة للقرآن وللنبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام, وللمسلمين، ثم طلب من إسرائيل ممارسة هذا النهج في حروبها على الفلسطينيين واللبنانيين.

واتهم هذا المجرم بأنه مهندس عمليات التدمير والقتل والاختطاف والتعذيب والاغتصاب واللواط , وحتى استخدام الإرهاب والكلاب في تعذيب المساجين. ومهندس عمليات الإعدام بحق العرب والمسلمين,وبناء سجن جوانتاناموا والسجون السرية والطائرة. وإرسال المفخخات لتفجر في الأسواق العراقية بهدف إشعال نيران الفتن الطائفية.

وهو من أمر بتدنيس المصحف الكريم. وبسبب أكاذيبه وهذه الأفعال الإجرامية والإرهابية القبيحة, بات ممقوتا من كافة الشعوب,وحتى الغالبية العظمى من الشعب الأمريكي, ويعيش الآن في رعب لأنه يشعر أن حسابه قد اقترب.

ويعتبر تشيني أن النفط في كل مكان ملك لبلاده ولإسرائيل, وليس ملكا لأصحاب الأرض. وعلى ذلك قرر أن يدفع ببلاده للسيطرة عليه, لتعيده لحظيرتها, من خلال الغزو والحروب العبثية. ومن ثم تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد.

المصدر : شبكة الأخبار العربية محيط