20 / 11 / 2008

 ترجمة/ علاء البشبيشي

جوزيف باريتزكي- يديعوت

"المدارس اليهودية تخرِّج جُهَّالا؛ بتركيزها على "الديانة اليهودية" بدلا من "المعرفة"، جملة لخص بها وزير البنى التحتية الإسرائيلي جوزيف باريتزكي، الوضع الثقافي داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي.



ورغم أن فكرة "يهودية الدولة" تعتبر إحدى ركائز الفكر الصهيوني، إلا أنها كانت دائمًا مثار جدل بين تيارات إسرائيلية عديدة، خاصة فيما يتعلق بدرجتها وبعض مضامينها.
حول يهودية التعليم داخل إسرائيل، والتغير الذي طرأ عليه في السنوات الأخيرة، كتب الوزير "باريتزكي" هذا المقال الذي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وهذا نصه:
كأحد مرتادي المدارس القومية، دَرستُ "اليهودية" في كلا المرحلتين الابتدائية والثانوية. درستُ أولا الكتاب المقدس، و عُلِّمنا التوراة، وكلام الأنبياء، وأقوال الكهَّان المأثورة، وسِفر أخبار الأيام الأُوَل (أحد أسفار التناخ والعهد القديم).
ولم يكن الذين يُدَرِّسون الكتاب المقدس هم مدرسي الدين الأرثوذكس، لكنهم كانوا مدرسين متحررين، يحبون الكتاب المقدس بشدة، باعتباره أحد أهم الأعمال الأدبية والثقافية لدى الشعب اليهودي.
وكنا نصطحب الكتاب المقدس في كل رحلاتنا إلى القدس، وكل جولاتنا حول المدينة؛ فكيف يستطيع شَخْصٌ السفر في إسرائيل عامة، والقدس خاصة، بدون كتابه المقدس؟ وكيف، على سبيل المثال، يستطيع شخص أن يتجول في "جلبوع" دون أن يكون على معرفة وثيقة بـ "سفر صموئيل الثاني"، الذي وصف معركة الملك طالوت الأخيرة، التي جرت أحداثها في ذلك المكان؟!
ودرسنا أيضًا الأدب التلمودي، على يد أحد مُدَرِّسي الدين، الذي كان يعمل أيضًا كضابط احتياط في الجيش الإسرائيلي، وكان على دراية بالتجربة الإسرائيلية، ومشهورًا بحسه الفكاهي. أحببنا نقاشاته المعقدة حول التلمود، ورغم ذلك أعتقد أننا لم نستوعب معاني الكلمات المستترة، ولم نكن نحب النصوص إلا لانفتاحه وشخصيته.
أما اليوم، فقد أصبحت فصول الأدب مهتمةً بأمثال الكاتب "شاي أجنون"، وشعر "يهودا أميشاي"، بالإضافة إلى أشعار الحاخام "يهودا هاليفي"، والشاعرة "داليا رافيكوفيتش". في حين أننا لن نتمكن من فَهْمِ هذه النصوص إلا إذا كنا على دراية بالكتاب المقدس والثقافة اليهودية.
باختصار لقد تعلّمنا، وأحببنا، واقتربنا من الثقافة اليهودية بكل ظلالها، وأشكالها وأصولها، لأننا لم نكن نطلب حينها "الإيمان"، بل "العلم".
لكن أمرًا غاية في السوء حدث لدراسات الثقافة اليهودية في المدارس الإسرائيلية. فقد أصبح اليهودي الأرثوذكسي وزيرًا للثقافة والتعليم، وهو الشخص الذين ينظر إلى اليهودية من زاوية الدين والمعتقد، لا من زاوية "الثقافة".وهكذا سادت ثقافة غرس الدين لا الثقافة، في أقل من عقد.
إن ما نفعله في مدارسنا يُسَمَّى وعظًا لا تعليمًا؛ حيث المحاولات لتحويل الطلاب إلى الرهبنة بدلا من تعليمهم الأمثال، والقصص، والأخلاق، وحتى الفكاهة.
ما يحدث جعل الإسرائيليين الأحرار يَهُبُّون في وجه هذه المحاولات السخيفة، التي أثمرت جيلا كاملا من الجُهَّال، لغتهم هزيلة، ولهجتهم غامضة، وثقافتهم محرجة!