13 / 11 / 2008

 ترجمة... علاء البشبيشى
ما زال الفوز التاريخي الذي حَقَّقَه المرشح الديمقراطي باراك أوباما يختطف الأضواء، ويتصدَّر عناوين الصفحات الأولى في المجلات والصحف ووكالات الأنباء العالمية، هذه التغطية الخاصة تراوحت ما بين تهنئةٍ وتحذيرٍ وتحفُّظٍ وتحليلٍ وتوقُّع.

 

وفي الوقت الذي اتفق فيه الجميع على أنّ ما حدث لا يُعتَبَرُ أمرًا عاديًّا، بل اعتبرته نيشن نيوز "تغييرًا تاريخيًّا "، اختلف الكثيرون حول تَمَكُّنِ أوباما من تحقيق وعوده التي قطعها على نفسه خلال حملته الانتخابية.
 

بلد المفارقات

ولأن أمريكا تلك "الدولة التي يمتلئ تاريخها بالعنصرية والعنف، نجحت في انتخاب رئيس أسود" تعجبت مجلة "ذا نيشن"، وحُقَّ لها أن تفعل؛ فأوباما أصبح أولَ رئيس أسود يرتقي لِسُدَّة الحكم في أمريكا.
وإلى الذين ما زالوا لا يصدِّقون ما حدث، أهدت لهم المجلة هذا المشهد الذي يحمل الكثير من الدلالات: "انظر إلى البهجة التي غمرت الحشود في جرانت بارك بشيكاغو، حينما أُعلن عن فوز أوباما، لترى بقليلِ جُهْدٍ أن الأمريكيين لم يكونوا يمتلكون الكثير من الفرص منذ وقت طويل ليفتخروا ببلادهم"!
أسبوعية ذي إيكونوميست البريطانية لفت نظرها هي الأخرى هذه المفارقة؛ "ففي الوقت الذي وُلِد فيه الرئيس المنتخب الجديد عام ألف وتسعمائة وواحد وستين، كانت العديد من الولايات- ليس فقط في الجنوب- تَرْضَخُ تحت نِيرِ قوانين تكرِّس التمييز العنصري، وتقيد حقوق التصويت. أمَّا هذا الأسبوع فقد تخطت أمريكا أميالاً جديدةً على طريق الحقوق المدنية بَعْدَ ألم وإراقة للدماء، في ظِلِّ فرحةٍ لا تُفرِّق بين الأبيض والأسود، بعدما تدهورتْ مكانة أمريكا الدولية تحت حكم بوش لواطِئٍ سحيق.
إنه الحلم الذي أصبح حقيقة، ونأمل ألا يتحوَّل عما قريب إلى أسوأ كوابيس القرن الحادي والعشرين!


لا وقت للراحة

صحيحٌ أن أوباما فاز بعرش أكبر دولة في العالم، لكنّ صحيفة انترناشيونال هيرالد تريبيون قالت: إن ذلك لا يعني أنه سيكون قادرًا على النوم مِلْءَ عينيه، في ظل تحدياتٍ جِسَامٍ تواجهه، و"ماضٍ مُؤْلِمٍ واراه فوز أوباما التراب"؛ لذلك رأت وكالة الأنباء الفرنسية (AFP) أن أوباما "لن يكون أمامه وقتٌ للراحة"؛ ما دفع أحدَ كبار مساعدي أوباما للتأكيد على استعداد الرئيس الجديد، وأمله في "تحقيق تأثير سريع بمجرد دخوله البيت الأبيض"، بحسب ما نقلته وكالة أنباء شينخوا الصينية.
الصحافي جاي بوكمان شدّد هو الآخر على أن المائة يوم الأولى التي سيقضيها أوباما في البيت الأبيض ستكون "مزدحمةً" للغاية، بحسب ما نقلته صحيفة ذي اتلانتيك جورنال كونستيتيوشن الأمريكية . فيما أشار بيتر بيكر في صحيفة نيويورك تايمز إلى أنّ أوباما ومستشاريه حائرون من أين سيبدءون؛ فالخَرْقُ بالفعل قد اتسع على الراقع!
صحيح أن أوباما كرَّر السبت الماضي أنّ وضع برنامج لإنعاش الاقتصاد، وإنقاذ النظام التجاري للبلاد، وإعادة العاطلين لأعمالهم، سيكون على رأس أولوياته في المرحلة المقبلة، لكنّ المستشارين يتساءلون: "هل بإمكاننا التعامل مع مشكلة الرعاية الصحية، والتغير المناخي، واستقلال الطاقة، في آنٍ واحد، أم سيتوجب تقسيم هذه القضايا على فترات؟
وتُرْدِفُ الصحيفة: "هذا التفاضل بين استراتيجية المواجهة المفتوحة على جبهات عديدة، مقابل استراتيجية أكثر براجماتية، تَعْمَل بمنطق الخطوة تِلْو الخطوة، كانت الشغل الشاغل لمستشاري أوباما في المرحلة الانتقالية لشهور، حتى قبل فوزه في الانتخابات. ويقول مستشارو أوباما: إن هذا الجدال حول السياسات دائمًا ما يتكرَّر في المذكرات التي يتم تقديمها له. لكنّ أحد مستشاريه، طلب إخفاء هويته، حَذَّر من أن "الرئيس الطموح يُمَثِّلُ مخاطرة جسيمة".
وقد أبدى ماثيو أنكونا (نائب رئيس تحرير صحيفة صنداي تليجراف) ثقةً في أوباما، حين رأى أنه لن يُهْدِر المائة يوم الأولى في قضايا ليبرالية هامشية، كما فعل بيل كلينتون حينما أنفقَ وقتًا ثمينًا على قضية انضمام الشواذ للجيش، بل سيحاول إنجاز بعض المهام، لكن معظمها سيكون من النوع الذي لن يعجب البعض".


الدرس الأول

وقد علَّمت الأزمة الاقتصادية التي تغزو العالم أوباما دروسًا عديدة، كان أولها: "إلقاء اللوم على بوش" كما أشارت صحيفة "تايمز" البريطانية، وتعني بذلك: "أنّ أوباما بإمكانه استلهام المخرج من الأزمة الحالية التي خلَّفها له بوش، من سلفه الرئيس روزفلت، الذي شغل منصب رئيس الولايات المتحدة في الفترة بين 1882- 1945 ثلاث مرات على التوالي، والذي كان فوزه ساحقًا على منافسه الجمهوري الرئيس هوفر.
وقتها ألقى روزفلت بكل اللوم على سلفه هوفر، قائلاً: إن إدارته هي التي أنقذت أنظمة الملكية الخاصة، والمشروعات الحرّة من الدمار الذي أحدثته إدارة هوفر، ما أهَّله للصعود في الانتخابات الثانية والتي تلتها.
وتقول الصحيفة: إن بإمكان أوباما أن يتبع نفس طريقة روزفلت مع هوفر في تعامله مع بوش، بإلقاء اللوم عليه في كل ما حدث، ولم لا وبوش يستحق ذلك وأكثر. لكن في الوقت ذاته رأت صحيفة سولت ليك تريبيون أنه سيضطر لإبقاء ثلاثة أشخاص من إدارة بوش في تشكيلته الجديدة، سنتين على الأقل، نظرًا لاحتياجه إليهم في معالجة التحديات الجسام التي هم أدرى الناس بها (فهُمْ مَن أوْقَعوا البلاد فيها)!


نصرٌ له ألف أبّ!

هذا النصر الذي تنبأت به شبكتي (CNN) ، و( MSNBC) الأمريكيتين في وقت مبكر، وصفته صحيفة وول ستريت جورنال بأنه "له ألفُ أبّ"؛ فهناك جهات عديدة تنسب الفضل في هذا النصر لنفسها، وتنتظر مقابلاً لما قدَّمته، ما يمثل مشكلة كبيرة للرئيس الجديد. فقد فوُجِئ الصحفيون بآلاف الرسائل التي تنهال على صناديق البريد الخاصة بهم من الدوائر الانتخابية، والنقابات العمالية، والجماعات الحقوقية، وحتى النساء والشباب واليمين الديني كلهم يَدَّعي أنه لعب دورًا فاعلاً في فوز أوباما، لذلك يعتبر كل واحد منهم أوباما مدينًا له.
ورغم أن هذه الادعاءات تُعتَبر أمرًا طبيعيًا بعد أي انتخابات، خاصة إذا كانت هذه الانتخابات لرئاسة أقوى دولة في العالم، لكن الأمر مختلف هذه المرة؛ لأنَّ النصر الذي حققه أوباما كان مترامي الأطراف مما أتاح الفرصة للجميع أن ينسب جزءًا منه لنفسه، ويطالب بقطعة من الكعكة لخدمة توجهاته.


أوباما والعسكر

أما موقع بوليتيكو الإخباري الالكتروني فتحدَّث عن زاوية لم يتطرَّق إليها الكثيرون، ألا وهي الغياب التام للخبرة العسكرية لدى أوباما.
وتَكمُن المفارقة في أنه سيدخل البيت الأبيض بأجندة تُركِّز على الدبلوماسية، خلفًا لرئيسٍ شنَّ حربيْن، ودفع باتجاه زيادةٍ لم يسبق لها مثيل في الميزانية العسكرية!
وتساءل موقع بوليتيكو: كيف إذن سيستلم أوباما وزارة الدفاع؟ مردفًا: إنه أمر سيتوقف على الخطوة الأولى التي سيخطوها بعد تسلُّمه زمام الأمور.
ولخطورة هذا الملف أكّد "لي هاملتون" (مستشار أوباما للشؤون الأمنية) أن الرئيس الجديد رغم الخبرة التي اكتسبها من خلال عمله في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، سيبقى بحاجة إلى فريق عسكري قويٍّ ليسانده. مضيفًا: "ينبغي عليه أن يُولِي اهتمامًا بالغًا بوزارة الدفاع".
إلا أن بعض المصادر المطلعة تقول: إن الأمور تبدو مطمئنةً؛ نتيجة لطبيعة العسكر التي رُبِّيت على السمع والطاعة، وتقبُّل تغيُّر القيادة بصدر رَحْب، بل ذهب موقع "بولوتيك" لِمَا هو أبعد من ذلك قائلاً: "ربما يهنأ أوباما بشهر عسل مع البنتاجون، لكن علاقته مع وزارة الدفاع لابدَّ وأن تتم إدارتها بحذر. فبعض القضايا التي لا يمكن التنبؤ بنهايتها مثل العراق ربما تتقاطع مع علاقات قاعدة الدعم الديمقراطية لأوباما والجيش ".


آمال كبار

ومع هذا الانتصار العظيم ظهرت آمال كبار، قالت مجلة ذي إيكونوميست إن أوباما أصبح لزامًا عليه الآن وهو رئيس أمريكا في القرن الحادي والعشرين أن يصارع في الخارج بنفس طريقة مصارعي القرن التاسع عشر، أما في الداخل فعليه أن يوحِّد شعبه، وأن يتعامل مع هذه الأمراض الاقتصادية، دون الوقوع في شَرَك حكم الحزب الأوحد.
وترى المجلة أن السيد أوباما بدأ وفي جُعْبته العديد من المميزات، فابن السابعة والأربعين سيكون صغيرًا جدًا ليخوض غمار حروب ثقافية حول فيتنام، وبفوزه بأغلبية أصوات المستقلين، وحتى بعدد لا بأس به من الجمهوريين جعل بالإمكان تخيُّل العودة لزمان كان المنافسون السياسيون فيه لا يعاملون باعتبارهم خائنين ومتواطئين.
وفي الوقت الذي ترى فيه المجلة أن الرئيس الجديد قادر على مُواجهة ما ينتظره من صعاب، تؤكِّد أن الجمهوريين لم يخرجوا من الساحة بعدُ، وربما تنقلب الموازين خلال أشهر قليلة كما حدث من قبلُ.
على كل حال، سيبقى الانتظار سيد الموقف، وبالتأكيد ستبدي لنا الأيام ما جهلناه، ويأتينا بالأخبار من لم نُزَوّدِ.


تشاؤم يهودي

وفي هذا الخِضَمّ من التفاؤل بقدوم عهد جديد، يتغير فيه وجه أمريكا، وتبعًا لذلك تتبدل فيه سياساتها العدائية، أتت صحيفة ها آرتس الإسرائيلية بأكثر العناوين التي أوردتها الصحف خلال هذه الفترة تشاؤمًا؛ حيث قالت باختصار: "أوباما لن يصلحها"، قولاً واحدًا! حتى النصر الذي حقّقه أوباما، حاولت الطعن في ملكيته الخالصة للشاب الأسود، قائلة: "باراك أوباما الآن أشبه ما يكون بجندي يقف في أحد الاستعراضات العسكرية، والميداليات معلقة فوق صدره، لكن بعض هذه الميداليات تنتمي لأمريكا كلها، فيما يمثل نقطة تحوُّل في تاريخ البلاد، وبعضها الآخر اكتسبه بكدِّه".
صحيح أن الصحيفة أقرَّت بأن أوباما ليس فقط "أول رئيس أسود لأمريكا"، لكنه أيضًا أصبح ملهمًا للعالم أجمع، يُنظَر إليه باعتباره المُخلِّص من كل المشاكل التي هم غارقون فيها، بدءًا من الجوع والفقر، مرورًا بأزمة الرأسمالية ومحنة المساواة، وحقوق المرأة والأقليات، وصولاً إلى الديمقراطية والحرب على الإرهاب، وبالطبع الصراع المشتعل في أركان العالم، إلا أَّنها بعد ذلك قالت: "أوباما قد يكون جذَّابًا، لكنه ليس ساحرًا. وللمفارقة، وضع العالم على عاتق أوباما التعامل مع الأجندة التي اختلقها جورج بوش، ليس هذا فقط بل وطالبه بإنجاحها بلا حدود!


فوزٌ بنكهة دينية

ولم تغب النكهة اليهودية عن المشهد الأوباميّ، فقد أكدت صحيفة لوس أنجلوس تايمز، أن أصوات المتدينين كانت لها بالغ الأثر في إيصال أوباما لهذه النتيجة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجهد الذي استغرق من أوباما أربع سنوات ليُجسِّر الفجوة بين تأييد الديمقراطيين والجمهوريين في أوساط المتدينين أثمر فوزًا في الانتخابات الرئاسية؛ فقد أظهرت الإحصائيات الرسمية أن أوباما حصد 43% من أصوات الناخبين الذين يذهبون إلى الكنيسة أسبوعيًا– معظمهم من الكاثوليك- وهي النسبة التي تفوق بـ 8% ما حقَّقه الديمقراطي جون كيري في انتخابات العام 2004.
وربما يرجع ذلك إلى ما أطلق عليه الباحث بمنتدى بيو للدين والحياة العامة، جريج سميث، "تفوُّق أوباما في التقرُّب إلى الجماعات الدينية على سَلَفه كيري".


قضايا المسلمين

وفي مقال نشرته صحيفة ذا ستار طالب الكاتب الصحفي هارون صديقي الرئيسَ الجديد بالاهتمام بقضايا المسلمين حول العالم، مشيرًا إلى أن مجرد انسحاب القوات الأمريكية من العراق لن يحل المشكلة، بل سيُخَفِّف من وطأتها فقط، وأن الأمن لن يسود العالم والصواريخ الأمريكية مستمرة في قتل العشرات من المدنيين في باكستان، وتشريدُ الآلاف مستمر بذريعة ما يُسمى بالحرب على الإرهاب، حتى إن عدد المُشَرَّدين وصل في باكستان وحدها إلى ثلاثمائة ألف مواطن. أضف إلى ذلك الأعداد القياسية من المدنيين الذين يلقون حتفهم يوميًا في أفغانستان جراء القصف الجوي، وعملية السلام التي لن تتم رغم وعد بوش بإنجازها قبل خروجه من البيت الأبيض هذا العام، والتوتر الذي خَلَقَتْه الغارة الأمريكية على منطقة البوكمال السورية، والتي خلَّفت تسعةً من القتلى المدنيين.
ويختم صديقي بتحذير صريح قال فيه: "ليس أمام أوباما خيار آخر سوى النظر إلى الصورة الكاملة للعلاقات الأمريكية الإسلامية، وإلا فسينتهي به الأمر إلى عبثٍ كالذي غرق فيه سابقوه". لذلك حذَّرت صحيفة "ديلي نيشن" من أن الوقت مازال مبكرًا جدًّا كي يحتفل العالم الإسلامي بانتصار أوباما.
وترى الصحيفة أن الرئيس الجديد تنتظره تحديات جسام جَدِيرة بإفساد فرحته بكرسي الرئاسة، فهناك "الأزمة المالية، والتهديد النووي لكوريا الشمالية، والتحدِّي الماثل في أفغانستان والعراق وفلسطين، وغيرها من القضايا المخيفة".


بدايتها كُفر!

ويبدو أن النصيحة والتحذير السابقيْن أثمرا غيرَ ما أراد "صديقي"؛ فقد نقلت مجلة "تايم" الأمريكية نبأ اختيار أوباما، للنائب الإسرائيلي راهام عمانوئيل، ابن زعيم منظمة الأرجون الصهيونية المتطرفة، لمنصب كبير موظفي البيت الأبيض، أحد أهم المناصب التنفيذية في الإدارة الأمريكية.
وهي بداية لا تبشِّر بخير، خاصة وأن عمانوئيل يحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية وتطوع في الجيش الإسرائيلي عام 1991، الأمر الذي دفع الباحث الأمريكي في معهد أمريكا الجديدة ستيف كليمون إلى التعليق تعليقًا على هذا الاختيار، قائلاً: "خوفي كبير من أن يروِّج عمانوئيل في البيت الأبيض لخيارات مُزَيَّفة بشأن إسرائيل والشرق الأوسط مما يستدعي موازنة هذا الاختيار ووضع الرجل دائمًا تحت التحكم".
"تايم" هي الأخرى أكَّدت هذا المعنى، قائلة: "هناك ما يكفي من خلفيات لعمانوئيل لإثارة العديد من التساؤلات حول ما إذا كان تعيين هذه الشخصية المؤيدة لإسرائيل في هذا الموقع الحساس ستفيد أو تضرّ وعود أوباما بلعب دور فاعلٍ للمُضِيّ قدمًا بعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط".


بهجة.. وخيبة أمل!

وكان من السهل على شباب المسلمين أن يقعوا فريسة لوعد أوباما بالتغيير، لكن كان من الصعب عليهم أن يُظهِروا ذلك علانية بسبب أصولهم المسلمة" بحسب التحليل الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الجمعة الماضية.
وذكرت الصحيفة أن الطلبة المسلمين الذين تجمَّعوا في المركز الإسلامي التابع لجامعة نيويورك مساء الأربعاء الذي أُعلن فيه عن فوز أوباما أظهروا مشاعر مختلطة تجاه صعود الرئيس الجديد، كانت "مزيجًا من البهجة وخيبة الأمل"!
غريب بالفعل ما أوردته صحيفة "باكستان أوبزرفر" من أن المسلمين يُعلِّقون آمالا كبارًا على أوباما بسبب أصوله الإفريقية المسلمة، رغم إنكاره المتكرر خلال حملته الانتخابية كونه مسلمًا.
وإذا ما غيَّر أوباما من سياسات بوش في أفغانستان والإقليم الفيدرالي القبلي (فاتا) وفلسطين، فربما تتحقق آمال الأمريكيين في أن يُغيِّر العالم العربي والإسلامي من نظرته لبلادهم، لكن المشكلة تَكمُن في أن هذه السياسات العدائية لم تكن من صنع بوش وحده، بل أعانه عليها البنتاجون أيضًا.
ما علينا فعله الآن- حسب الصحيفة- أن ننتظر فقط لنرى إذا كان هذا التغيير المزعوم سيحدث في هذه المناطق الثلاث: باكستان، و(فاتا)، وفلسطين.
صحيفة "ديلي نيشن" قالت: "لم يُوقِّع مسلمو العالم شيكًا مفتوحًا لأوباما، لكنهم في الوقت ذاته أبدوا تحفُّظهم على منافسه جون ماكين، الذي يعتبرونه امتدادًا لسياسات بوش".


فُرقة لا اتحاد!

وبعدما بشَّر كثيرون بأن أوباما هو الرجل المناسب لتجميع الشعب الأمريكي على قلب رجل واحد، خرج الصحفي ماثيو أنكونا برأيٍ آخر، نشرته مجلة فوربس الأمريكية الشهرية، قال فيه: "من بديهيات الحياة السياسية التي تبدو لي أنه حينما يدَّعِي شخص، أو يُزكِّيه آخرون بأنه "شخصية قادرة على توحيد الآخرين"، فإن العكس دائمًا يكون هو الصحيح؛ فتوني بلير والأميرة ديانا كانا يُنظَر إليهما باعتبارهما بلسم بلادهما، وعلى النقيض من ذلك تسبَّبا في صراع داخلي كبير. وهكذا رُوِّج لباراك أوباما في حملته الانتخابية باعتباره علاجًا لأدواء بلاده، و مجسدًا لنهاية التاريخ، لكن ما بدأ يلوح في الأفق هو أن فترة رئاسته ستتسم بهياج شديد، ومهما حقق من نجاح فلن يكون سوى شخصية تثير الانقسام".
وتضيف المجلة: "انظر إلى هذه الحشود التي لم تُصوِّت لهذا الساحر السياسي، ماذا تظنهم فاعلين بعدما تعهَّد الرئيس الجديد بتغيير معظم سياسات بوش؟!
ورغم الأموال الطائلة التي أنفقها أوباما على حملته الانتخابية، وتدمير صورة الجمهوريين تحت إدارة بوش، ووجود أزمة مالية هي الأسوأ من نوعها خلال 70 عامًا مضت، تبقى نسبة الـ 47% من الأصوات التي عارضت ترشيح الديمقراطيين خير دليل على أن أمريكا لا زالت بلد المحافظين!