تمر، اليوم، الذكرى الثانية لمجزرة المنصة والتي راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد من معارضي الانقلاب ومؤيدي الدكتور محمد مرسي المطالبين بعودة الشرعية، وأصيب في هذه المجزرة نحو 5 آلاف مصاب بعد اعتداء قوات الأمن عليهم طوال سبع ساعات كاملة، بأمر من قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بعد تفويض القتل الذي طلبه من أنصاره، إبان توليه منصب وزير الدفاع قبل أن ينتقل لقصر الاتحادية ليمارس بشكل رسمي مهام رئيس الجمهورية بشكل غير شرعي.
ثاني المجازر الكبري بعد الانقلاب
وقعت أحداث المنصة، فجر يوم السبت 27 يوليو، بشارع النصر القريب من ميدان رابعة العدوية، بعد ساعات من جمعة التفويض التي دعا إليها عبدالفتاح السيسي لمحاربة ما وصفه بالإرهاب المحتمل، وسقط خلالها أكثر من 100 قتيل ومئات الجرحى بعد أن فتحت قوات الأمن النار على متظاهرين.
وقالت وزارة الصحة الانقلابية وقتها، إنها تأكدت من سقوط 80 قتيلًا و299 مصابًا، في حين قال التحالف الوطني لدعم الشرعية، إن عدد القتلى لا يقل عن 139 و5 آلاف مصاب.
وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين، أن قوات الأمن قتلت المئات من مؤيدي الرئيس محمد مرسي بعد أيام من دعوة وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي الشعب لمنحه تفويضًا للقضاء على ما أسماه "العنف والإرهاب".
أثارت هذه المذبحة، العديد من ردود الأفعال الدولية المستنكرة لها، في ظل ضبابية المشهد السياسي وعدم معرفة أين تتجه الأمور في مصر وقتها.
وأعربت كاثرين آشتون، مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي آنذاك، عن "استنكارها الشديد" لوقوع قتلى ودعت كل الأطراف إلى وقف العنف.
وأرجأت الولايات المتحدة تسليم أربع طائرات إف-16 لمصر بسبب الاضطرابات، كما أدانت العديد من الدول الأوروبية المجزرة، منها: بريطانيا وإسبانيا وفرنسا وألمنيا.
وهاجم رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي في وقتها، الاتحاد الأوروبي وآخرين؛ لعدم إدانتهم بقوة كافية قتل العشرات في القاهرة.
واتهم أوردغان الاتحاد الأوروبي بالكيل بمكيالين لإثارته تساؤلات في استخدام الشرطة لقنابل الغاز في تركيا ولكن دون أن يفعل ذلك في قتل محتجين بالنار في القاهرة.
شهادات المصابين
أكد محمود أسعد، أحد أبناء محافظة القليوبية "36 عامًا"، شاهد عيان، أن هناك مسيرة كانت تسير من رابعة العدوية إلى أول كوبرى 6 أكتوبر، وبمجرد وصولها إلى منطقة النصب التذكارى قابلتها الداخلية بمصاحبة مجموعة من البلطجية المرافقة لها أمام جامعة الأزهر بـ4 مدرعات وقامت بإلقاء الغاز الكثيف على المسيرة وبدأت إطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع بكثافة وكذلك زجاجات المولوتوف على المتظاهرين السلميين.
ويقول إبراهيم طارق، طالب: كان دوري أن أقوم بوظيفة التأمين في المستشفى الميداني، وأثناء توالي الإصابات في يوم المجزرة رأيت مصابًا بالرصاص في مؤخرة رأسه، بحيث كانت أجزاء من مخه على يديّ، في حين كان قلبه ينبض حتى فارق الحياة، وقد كان الطبيب يقف أمامه عاجزًا لا يعرف ماذا يفعل!! كان الطبيب يبكي بكاء العجز، وفي حين كنت أصرخ وأقول له إنه ما زال على قيد الحياة، كان الطبيب ينظر لي ويبكي ويقول ماذا أفعل.. "خلاص.."، انقله إلى غرفة الشهداء"، وأنا بدوري أصرخ وأقول: "كيف أنقله إلى غرفة الشهداء وهو ما زال ينبض بالحياة"، وظللنا على هذه الحال إلى أن فارق الشاب الحياة.
وأضاف، لا أستطيع يومها أن أنسى أن أهل هذا الشاب وبالتحديد أخاه، كان يقف ويرجو الطبيب أن يفعل أي شيء.. "اعمل أي حاجة بالله عليك! أخويا هيموت!" في حين أنه قد أسقط في يد الطبيب ولم يكن في استطاعته فعل شيء.
ويتابع "طارق" وهناك مشهد آخر أيضًا لا أستطيع أن أنساه، وهو أننا وأثناء نقلنا هذا الشهيد من القاعة إلى غرفة الشهداء، وفي الممر الواصل بين القاعة والغرفة، كان مصور الجزيرة يتبعنا ويصور هذا الشهيد، وبعد أن وضعناه في غرفة الشهداء، أخذ المصور يسجل أشكال الإصابات والأشلاء، وعندما وضعنا هذا الشهيد الذي كان معنا والذي كان مخه خارجًا عن رأسه، وبدأنا في تغطيته بالقماش، هنا وجدت بعض أجزاء من مخ هذا الشهيد على ملابسي، وجمعنا تلك الأشلاء ووضعناها فوق الجثمان، وأثناء خروجنا وقع المصور على الأرض، وألقى بالكاميرا من يديه، وأخذ يبكي بحرقة، من هول ما رأى.