1 / 12 / 2010
بخصوص الموقف من انتخابات الإعادة لمجلس الشعب
المقرر لها يوم الأحد 5 ديسمبر 2010م
أصبح مما لا يخفى على أحدٍ أن الإخوان المسلمين يتخذون الإسلام منهجًا في الحياة، وهو يفرض عليهم العمل للصالح العام لمصلحة الشعب والوطن والأمة، والتضحية بمصالحهم الشخصية، ومن ثَمَّ فقد انتهجوا منهج الإصلاح الشعبي السلمي المتدرج الشامل طريقًا لهم؛ ولذلك فقد اختاروا المشاركة السياسية في ظلِّ الدستور والقانون، واستيقنوا أن إصلاح أحوال الوطن والشعب لا بد أن يشارك فيه كل القوى الوطنية الحرة وغالبية أفراد الشعب، فراحوا يحضون على إعلاء قيم الإيجابية ورفع الوعي السياسي والحقوقي للناس.
وبدءوا بأنفسهم فقرروا أن الأصل عندهم المشاركة في كل الانتخابات؛ سعيًا لخدمة الفئات المختلفة، فشاركوا في انتخابات الطلاب والنقابات ونوادي أعضاء هيئات التدريس والمجالس المحلية ومجلسي الشعب والشورى، وواجهوا من النظام عنتًا وإرهابًا وصل إلى حدِّ تزوير هذه الانتخابات كلها لإقصاء الإخوان المسلمين، ومع ذلك فقد تحمَّل الإخوان ما لم يتحمله غيرهم على مدار التاريخ وصبروا وصابروا حتى كانت انتخابات مجلس الشعب الأخيرة في 28/11/2010م، واختارت الجماعة أن تشارك بعددٍ مناسبٍ إعمالاً لمبدأ المشاركة لا المغالبة، ولتحقيق الإصلاح التدريجي بالتصدي للانحراف والفساد الحكومي ومحاولة إصلاح التشريعات لتتماشى مع مصالح الشعب وليس مصلحة فئة أو طبقة أو حزب، ولإنقاذ سفينة الوطن المهددة بالغرق، ولحماية حقوق الإنسان التي يوجبها الإسلام.
ولكن ما حدث في هذا اليوم وما سبقه من أيامٍ من تزويرٍ وإرهابٍ وعنفٍ على أيدي رجال الأمن وبلطجية الحزب الوطني، حتى وصل الأمر إلى التعدي على بعض القضاة والمستشارين، وقد جرت محاولات كثيرة لاستفزاز الإخوان المسلمين وجرهم إلى ممارسة عنفٍ مضاد، وهو ما لم يستجب له الإخوان، وأعلنوا- ولا يزالون يعلنون باستمرار- رفضهم الواضح وإدانتهم لأية ممارسات عنيفة، وقد رأى الشعب كل الجرائم التي رصدتها منظمات المجتمع المدني ونُشرت في معظم وسائل الإعلام، والصور الحقيقية التي هي أبلغ من كل كلام، وكذلك النتائج المُزوَّرة التي تم إعلانها.
كل ذلك جعلنا نعيد النظر في المشاركة في جولة الإعادة رغم أن لنا فيها سبعةً وعشرين مرشحًا ومرشحةً، وبالرجوع إلى مجلس شورى الجماعة قرر بأغلبية أعضائه عدم المشاركة (بنسبة 72%)؛ حيث إن المشاركةَ في الانتخابات الأولى حققت أهدافها بإيجابية الشعب المصري والتفافه حول شعار الإسلام هو الحل ونزع الشرعية عن نظام الحكم الفاسد المُستبِّد الذي انتشرت فضائحه في أرجاء العالم، فالشرعية تُكتسب من إرادة الشعب واختياره لحكامه وممثليه في المجالس النيابية بإرادة حرة مستقلة، وما حدث أثبت أن النظام مغتصب للسلطة مزور لإرادة الأمة مستمر في طريق الفساد والاستبداد، كما أن عدم المشاركة في جولة الإعادة هو إعلان لاحتجاجنا على هذا الاغتصاب والفساد، ويزيد من عزلة النظام عن الشعب، ويثبت أنه يهدد مبدأ المواطنة ويُكرِّس رفض الآخر، كما يُكرِّس الفساد والديكتاتورية والاستبداد.
إن عدم مشاركتنا في هذه الجولة الانتخابية لا يعني تغييرًا في إستراتيجيتنا الثابتة بالمشاركة في جميع الانتخابات، ولكنه موقف فرضته الظروف الحالية، وكل حالةٍ تُقدَّر بقدرها، وسوف نستمر في كل الإجراءات القانونية التي تلاحق المزورين والمفسدين لإبطال هذا المجلس المُزوَّر ولإحقاق الحقِّ وإعادته إلى صاحبه الحقيقي وهو الشعب.
وفي الختام فإننا نحمد الله تعالى ثم نشكر أفراد الشعب المصري الكريم الذي ساندنا وتجشَّم التعب والنصب وتحمَّل الأذى والظلم من أجل إمضاءِ إرادته وتحسين أحواله وتأمين مستقبله، وسوف نظل نعمل معه في جهود الإصلاح والخير والتقدم والرقي بإذن الله ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: من الآية 21)، ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ (إبراهيم: من الآية 42).
الإخوان المسلمون
القاهرة في: 25 من ذي الحجة 1431هـ = 1 من ديسمبر 2010هـ
شاهد كلمة فضيلة المرشد العام