ماذا يحدث لدماغك إذا لم تحصل على قسط كاف من النوم؟ وما الذي يحدث للدماغ أثناء النوم؟ وما فوائد القيلولة؟

في تقرير نشرته مجلة "باسيون سانتي" (Passion Santé) الفرنسية، تقول الكاتبة إيلكا دي بيشوب: إن دماغ الشخص الذي ينام 4 ساعات فقط يوميا يشيخ بمعدل 8 سنوات أكثر من دماغ الإنسان الذي يحصل على قسط كاف من النوم.

وتضيف الكاتبة أن الإنسان يمر في أثناء النوم بـ4 أو 5 دورات، مدة كل منها حوالي ساعة ونصف، وتتكون كل دورة من عدة مراحل.

تبدأ الدورة الأولى بمرحلة من النوم الخفيف تدوم حوالي 5 دقائق، ثم تنتقل الموجات الكهرومغناطيسية المنتظمة من أعماق الدماغ إلى القشرة الدماغية.

وتتوالى هذه الموجات كل بضع ثوانٍ، إلى غاية الدخول في المرحلة الثانية، والتي تستغرق حوالي 50 دقيقة، وهي مهمة جدا لعملية الحفظ وتخزين المعلومات.

وخلال هذه المرحلة، يعالج الدماغ كل المعلومات التي جمعها خلال اليوم، وتخزن في الذاكرة، وفيها أيضا يعيد الدماغ معالجة المعلومات التي خزنت سابقا، ويتخذ قرارات بشأن الذكريات التي سيحتفظ بها أو تلك التي سيمحوها من الذاكرة.

وقد اتضح -من خلال الأبحاث العلمية- أنه كلما سارت عملية تخزين الذكريات خلال هذه المرحلة بشكل أفضل تمكّنتَ من إتقان المهام الجديدة التي تعلمتَها خلال ساعات اليقظة بالصورة المطلوبة، حتى إن بعض العلماء يعتقدون أن هناك صلة بين معدل الذكاء وقوة الموجات الكهرومغناطيسية خلال النوم.

وخلال المرحلتين الثالثة والرابعة، يدخل الإنسان في نوم عميق، وهي الفترة التي يتعافى فيها الجسم ويستعيد نشاطه بعد ساعات من الإجهاد المتراكم خلال النهار. وخلال المرحلة الرابعة، تصبح الموجات الدماغية أشبه بموجات دماغ شخص مريض في غيبوبة، وتستمر هذه المرحلة حوالي نصف ساعة في حد أقصى.

وحسب الكاتبة؛ فإن المرحلة الأخيرة هي المعروفة بـ"النوم المتناقض" أو "نوم حركة العين السريعة"، وهي مرحلة مهمة لتحسين المزاج وتخزين الذكريات، ويحدث بعدها الاستيقاظ بشكل طبيعي.

ماذا يحدث عند عدم الحصول على نوم كاف؟

1- تتراكم فضلات الدماغ:
في أثناء اليقظة، تتسع خلايا الدماغ وتقترب من بعضها كثيرًا، وتتقلص أثناء النوم، وهو ما يخلق مساحة تسهّل تدفق السائل الدماغي النخاعي، الأمر الذي يساعد على التخلص من "فضلات الدماغ"، وخاصة البروتينات.

وتتراكم هذه البروتينات في الدماغ بشكل أكبر لدى الأشخاص الذين لا ينامون ساعات كافية ليلا، وقد أثبتت الأبحاث أن الأشخاص الذين ينامون ساعات قليلة لعدة سنوات أكثر عرضة للإصابة بمرض "ألزهايمر" (Alzheimer’s) بسبب تراكم بروتينات "أميلويد بيتا" (beta-amyloid) وبروتينات "تاو" (tau).

2- يتأثر الأداء المعرفي:
تضيف الكاتبة أن قلة النوم تؤثر مباشرة على قشرة الفص الجبهي، وهي القشرة المخية التي تغطي الجزء الأمامي من الدماغ، وتلعب دورا مهما في صنع القرارات وحل المشكلات.

وقد حللت إحدى الدراسات أنماط نوم أكثر من 10 آلاف شخص واختبار أدائهم المعرفي، وكشفت الدراسة أن آثار قلة النوم يمكن أن تظهر سريعا من خلال إعاقة قدرات التفكير المنطقي والنطق.

وأظهرت أن أداء دماغ الشخص الذي ينام بمعدل 4 ساعات فقط يوميا مشابه لأداء دماغ شخص أكبر منه بـ8 سنوات يحصل على قسط كاف من النوم.

نحن ننام أقل بساعتين مقارنة بنصف قرن مضى

تؤكد الكاتبة أن قلة النوم أصبحت ظاهرة مصاحبة لنمط الحياة المعاصرة، فقد أظهرت الأبحاث أننا أصبحنا ننام في المتوسط أقل بنحو ساعتين مقارنة بنصف قرن مضى.

ويرتبط ذلك -إلى حد بعيد- باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومشاهدة التلفزيون، حيث تبقينا الأجهزة الحديثة مستيقظين مدّة أطول خلال الليل.

كما يعتقد العلماء أن الضوء الأزرق الصادر من الشاشات يثبط إنتاج الميلاتونين، وهو ما يجعلنا ننام ساعات أقل، ولا نحصل على القدر الكافي من الراحة في أثناء النوم.

فوائد القيلولة

قالت الكاتبة: إن أخذ قيلولة قصيرة يساعد على "تبريد الدماغ" -مجازيا- وتخفيف الإجهاد العقلي وتقليل الشعور بالإرهاق. وأظهرت بعض الدراسات أن أولئك الذين يحصلون على قيلولة بعد الظهر يستطيعون استيعاب المعلومات الجديدة بشكل أفضل من غيرهم.

وتكمن الفكرة في أن النوم ينشط الذاكرة قصيرة المدى، ويساعد الدماغ على الاحتفاظ بالمعلومات المهمة فقط في الذاكرة طويلة المدى، وهو ما يفسح المجال لاستيعاب المعلومات الجديدة.

الإفراط في النوم مضرّ أيضا

تؤكد الكاتبة أن كثرة النوم تضر بالدماغ تماما مثل قلته، وأن المدة المثالية للنوم تتراوح ما بين 7 إلى 8 ساعات يوميا، وقد أظهرت نتائج الاختبارات المعرفية أن أولئك الذين ينامون أكثر من المعدلات الطبيعية بكثير، يعانون من مشاكل إدراكية مشابهة لتلك التي يعاني منها من ينامون ساعات قليلة.