تعتبر مشكلة توزيع الدعم واحدة من المشكلات الكبرى التى ورثها لنا نظام المخلوع، بفساده وجهله. والمفروض أن فكرة الدعم وُجدت أصلا من أجل مساعدة محدودى الدخل على الحصول على المتطلبات الأساسية للحياة، فى دولة كانت تتحكم فى الأسعار وفى الدخول.. وعندما فقدت الدولة السيطرة على الأسعار ظلت قابضة على الدخول ولم تسمح بزيادتها بما يناسب طوفان الأسعار، وكانت حجتهم أن الدولة تنفق المليارات على الدعم. والمشكلة الأساسية لنظام الدعم هى فى الفساد الذى لم يكن ليترك هذا المصدر السهل للربح الحرام دون أن يخترقه. ومن الطبيعى أن وجود أكثر من سعر للسلعة الواحدة لا بد أن يُسيّل لعاب المفسدين، إذ يسهل نقل السلعة من المكان المدعوم افتراضا إلى السوق العادى بالأسعار العالية. كما تدَخّل الفساد الحكومى على نطاق واسع فى قصر توزيع السلع المدعومة على المفسدين والأقارب ودافعى الرشا.. والنتيجة الطبيعية هى سيطرة غير المستحقين على أغلب الدعم، وقيام الفاسدين ببيع السلع المدعومة للمواطنين بأضعاف سعرها الرسمى. كما أن دعم الطاقة الذى يقدم لبعض المصانع يدخل إلى جيوب رجال الأعمال؛ لأن الدولة لم تلزمهم بالمقابل بتقديم منتجات مدعومة، بحجة البيع بالأسعار العالمية.. على الرغم من أنهم لم يحصلوا على الوقود بالأسعار العالمية!.

ولم تقتصر مشكلات الدعم على الفساد وسوء التوزيع، ولكنها أدت أيضا إلى انحدار جودة السلع، مثل رغيف الخبز، الذى يتفنن أصحاب المخابز فى تنفير الناس منه لكى يستطيعوا بيعه للمواطنين فى صورة دقيق بالسعر غير المدعوم، وقد انتقلت هذه العدوى حتى إلى الرغيف غير المدعوم؛ لأنها صارت ثقافة لديهم. وانحدرت كذلك جودة السلع الغذائية التى توزع من خلال بطاقة التموين، والتى لا تصلح فى أغلبها للاستهلاك الآدمى. كما أدى الدعم إلى انصراف قطاع عريض من المصريين -وهم المزارعون- عن فكرة الاعتماد على النفس فى إعداد الخبز واستغلال ما لديهم من بقايا الإنتاج الزراعى كوقود لا ثمن له، مما تسبب فى ظهور مشكلة التخلص من هذه النفايات الزراعية وما نتج عنها من تلوث (السحابة السوداء)، وتراكم للقمامة التى كانت تجد طريقها للأفران ويتم حرقها.. بالإضافة إلى الأزمات التى لا تنتهى فى توزيع أنابيب البوتاجاز. والخلاصة أن الدعم لا يمكن أن يصل إلى مستحقيه بأى نسبة من العدل، وأن الخسائر التى تعود على الوطن من هذا النظام أكثر بكثير من أية فوائد. ولو عرف الناس بالتفصيل أين يذهب هذا الدعم، والنسبة الضئيلة جدا التى تصل إلى المواطن منه لاقتنع كل الناس بالحل الجذرى لهذه المشكلة، وهو التخلص من هذا النظام الشيوعى الذى تخلص منه الشيوعيون أنفسهم، وأقبلوا على نظام الاقتصاد الحر، وتركوا لنا هذا النظام البائد لكى نكون ملكيين أكثر من الملك.

 

الحل الوحيد إذا هو إلغاء الدعم بصورته الحالية، وتعويض المستحقين له بقيمته نقديا من خلال الرقم القومى. والنتيجة الطبيعية بعد إلغاء الدعم هى ارتفاع أسعار السلع المدعومة حاليا إلى الأسعار العادية.. وهذا لن يمثل عبئا على المواطنين ما دامت دخولهم قد ارتفعت بالقيمة النقدية للدعم، ولكن بالمقابل فسوف تستريح الدولة والمواطنين من الصراع غير المبرر على هذه السلع الرديئة، والذى يصل إلى حد القتل أحيانا بسبب رغيف خبز أو أسطوانة غاز. والأهم من ذلك هو العودة إلى الحياة الطبيعية، وتحقيق مكاسب عديدة مثل:
- تحقيق العدالة فى التوزيع والقضاء على التوتر الحالى، والتخلص من ظواهر الاحتكار وإخفاء السلع.

 

- عودة الجودة إلى رغيف الخبز والسلع التموينية، لأن السعر الحقيقى سوف يشعل المنافسة بين المنتجين لاجتذاب الزبائن.

- توفير ثروات كبيرة من الفاقد الردىء من الخبز والسلع التموينية التى تذهب إلى القمامة.

- لن يقنع المزارعون بالأسعار الجديدة للخبز والغاز.. وسوف يعودون بالتالى إلى أفرانهم البلدية، وإلى الاهتمام بإنتاج القمح والذرة، وإلى استعمال النفايات الزراعية بدلا من حرقها وتبديد طاقتها، مع ما يترتب على ذلك من عودة النظافة إلى القرية دون مجهود يذكر.

- تطوير الأفران البلدية بما يناسب المعمار الحالى بالقرى (الحاجة أم الاختراع).. ويمكن أيضا تحويل النفايات الزراعية إلى قوالب يسهل تداولها وتخزينها؛ وهى ثروة كبيرة، وتوفر مصادر الطاقة الأخرى لأغراض التنمية.

- حفظ آدمية المواطن، وتحقيق دخل إضافى حقيقى دون طوابير أو صراعات.

 

همسات:
• الإعلاميون الذين كانوا يلعقون حذاء المخلوع وينافقونه ليل نهار.. لماذا يتطاولون على الرئيس الوحيد المدنى المنتخب، رغم أنهم مردوا على النفاق؟، هل هناك من يهددهم بفعل ذلك وإلا؟!.

 

• الذين يرفعون شعار (لا لأخونة مصر) يقصدون (لا لأسلمة مصر)، كما يدل تاريخهم كله.. هذا تضليل ونفاق للشعب المتدين.

• رغم التغييرات الصحفية الجيدة.. ما زالت جريدة "الأهرام" تنفرد بتدبير استطلاعات الرأى المضروبة، فنجد أن (كل) الاستطلاعات على جميع المواقع تؤيد القرارات الثورية للرئيس بنسب تصل إلى 90%، وتنفرد الأهرام بنتيجة عكسية، وكأنهم يخاطبون شعبا آخر. هل تذكرون استطلاعات انتخابات الرئاسة؟.

• رغم تعيين محافظ جديد، ما زالت محافظة الشرقية على حالها بعد أن خربها المحافظ السابق.. كنا نود أن نشعر أن هناك محافظا جديدا يفعل أى شىء. لماذا تنفرد هذه المحافظة بالقذارة الشديدة وتدهور الطرق والمرافق.. لدرجة أن مبنى ديوان المحافظة نفسه يُشعرك أنك تعيش فى دولة متخلفة!. هذه المحافظة فى حاجة ماسة إلى محافظ ثورى مبدع، يا سيادة الرئيس.