ثار موقع مجلة "كابيتال" الفرنسية ما سمته "السر الذي يهز عالم الشبكة العنكبوتية"، حيث لا أحد يعرف مؤسس العملة الافتراضية "البتكوين"، وهل هو موجود فعلا.

وقالت المجلة في تقرير لها إن ساتوشي ناكاموتو يفترض أنه يتربع اليوم على ثروة طائلة، بعد عشر سنوات من أول معاملة بعملة البتكوين في يناير/كانون الثاني 2009، مشيرة إلى أنه اختفى بعد سنتين من ذلك التاريخ مع كل النشاطات التي يديرها أو كانت تدار باسمه.
وقد أشير إلى نحو عشرة أشخاص، كل واحد منهم قيل إنه كان مخترع العملة المشفرة، لكن اللغز لم يحل أبدا وقد لا يحل مطلقا، تقول الصحيفة.

الحقيقة الوحيدة -حسب الكاتب ليونور لومينو- هي أن ناكاموتو لم يترك إلا آثارا قليلة على الشبكة، على منتدى "بتكوين دوت أورغ" الذي كان مؤسسه، حيث أعلن أنه مولود في اليابان يوم 5 أبريل/نيسان 1975، وأنه بدأ العمل عام 2007 وصنع أول بتكوين عام 2009.

ويؤكد ناكاموتو أنه قضى سنة كاملة لكتابة برمجية هذه العملة ليعطي بديلا عن الاستغلال، وهي الرسالة التي انتشرت بسرعة على الشبكة.

تاريخ البتكوين
يمكن اختصار تاريخ البتكوين في ثلاثة تواريخ: إعلان إنشائه عام 2008، وتاريخ أول معاملة به بين ساتوشي ناكاموتو وهال فيني في يناير/كانون الثاني 2009، وأخيرا تقدير قيمته أول مرة بنحو واحد من الألف من الدولار (0.001)، علما بأن البتكوين الواحد في بداية الشهر الجاري بلغ 6500 دولار.

وقالت المجلة إن ناكاموتو كان خلال الفترة الأولى الصانع الوحيد للعملة المشفرة، مما يبعث على الظن أنه يمتلك اليوم ثروة طائلة يقدرها الأخصائيون بنحو 980 مليون بتكوين، أي نحو 6.4 مليارات دولار إذا بيعت محفظته منها اليوم.

وقد أعلن ناكاموتو استقالته من المشروع عام 2010، وعَيّن مسؤولا عن متابعة تطوير البتكوين هو الأميركي غافين أندريسن الذي كان ضمن من قيل إنه ناكاموتو نفسه، وهو خريج جامعة برينستون.

وكان أندريسن هذا قد تبادل مبكرا رسائل على الشبكة مع الرجل الغامض ساتوشي ناكاموتو، دون تحديد هويته. وفي الصيف الأخير، أعلن صحفي -اعتمادا على مقارنة أساليب الكتابة- أن أندريسن وناكاموتو شخص واحد.

مطاردة الرجل
في عام 2014 كانت البداية عندما قالت مجلة نيوزويك الأميركية إنها اكتشفت المخترع، وأفادت بأن المهندس المبرمج دوريان ساتوشي ناكاموتو المتقاعد والمقيم في ضاحية من لوس أنجلوس اعترف لها بأنه مخترع العملة الافتراضية، لكنه أكد أنه لم تعد له صلة بالموضوع، وأنه لا يمكن أن يعطي معلومات أكثر، "فالأمر أصبح بيد أشخاص آخرين".

وبهذا الإعلان وجد الرجل نفسه في عين عاصفة إعلامية، وأصبح صحفيون يقيمون أمام بيته، وبعد ذلك بأيام نشر نفس الموقع الذي أعلن ميلاد البتكوين قبل خمس سنوات؛ عبارة "أنا لست دوريان ناكاموتو".

ومن الأشخاص الذين ظهرت أسماؤهم مبكرا في عالم البتكوين هال فيني الذي اشترى أول قطعة من العملة الجديدة، وقد أوردت الصحيفة أنه كان مبرمجا عبقريا وعاش قريبا من المكان الذي عاش فيه ناكاموتو، وتوفي عام 2014. ويظن البعض أنهما كانا على صلة، وأنه ربما يكون المخترع الفعلي للعملة.

نظريات لا تنتهي
من بين الأشخاص الذين توقف عندهم الباحثون عن الهوية الحقيقية لناكاموتو شخص يدعى نيك زابو (نفى أن يكون هو ناكاموتو)، وهو مبرمج كان وراء "بتغولد" التي كانت أول محاولة لإنشاء عملة رقمية عام 1998، وهي عملة لم تر النور ولكنها شديدة الشبه بالبتكوين.

وفي عام 2016 ادعى خبير حاسوب يدعى كريغ رايت في أستراليا أنه ناكاموتو قبل أن يختفي أثره، وتعددت الادعاءات وتفرقت السبل على من يقتصون أثر المخترع الحقيقي لهذه العملة التي أثارت كثيرا من اللغط.

ولكثرة الاحتمالات ذهب بعضهم إلى أن ناكاموتو ليس شخصا واحدا، بل هو الثنائي هال فيني على البرمجة ونيك زابو على التصميم، وربما يكون جمعا من المبرمجين.

وبحسب الصحيفة فإن العملات الرقمية أصيبت بأزمة هذا العام بعد عام الازدهار في 2017، مشيرة إلى أن عملة البتكوين فقدت 60% من قيمتها مقابل الدولار، مقارنة مع قيمتها في يناير/كانون الماضي.

وتساءلت المجلة: هل يمكن للصعوبات التي تمر بها هذه العملة أن تدفع ناكاموتو أو من يختبئون وراء اسمه للإعلان صراحة عن هويتهم الحقيقية؟

وانتهى المقال إلى أن مخترع البتكوين الغامض لم يترك على الشبكة إلا معلومات ضئيلة من بينها -فضلا عن مولده عام 1975- وثيقة واضحة من تسع صفحات بلغة إنجليزية لا غبار عليها؛ تشرح كيفية عمل العملة الافتراضية.