كان هناك غلام يصعب إرضاؤه، أعطاه والده كيس مليء بالمسامير،

وقال له:
 قم بطرق مسماراً واحداً في سور الحديقة في كل مرة تفقد فيها أعصابك أو تختلف مع أي شخص ولا تتحكم في قولك، وفي اليوم الأول قام الغلام بطرق 30 مسماراً في سور الحديقة.
وفي الأسبوع التالي تعلم الغلام كيف يتحكم في نفسه وكان عدد المسامير
 التي يطرقها يومياً ينخفض.
 إكتشف الغلام أنه تعلم بسهولة كيف يتحكم في لسانه، أسهل من الطرق على سور الحديقة.
في النهاية أتي اليوم الذي لم يطرق فيه الغلام أي مسمار في سور الحديقة،
 عندها ذهب ليخبر والده أنه لم يعد بحاجة إلى أن يطرق أي مسمار، وأعطى والده ما بقي معه من المسامير.
قال له والده:
 الآن قم بخلع مسماراً واحداً عن كل يوم يمر بك دون أن تفقد أعصابك أو تتلفظ بلفظ جارح،
 ومرت الأيام، وأخيراً تمكن الغلام من إبلاغ والده أنه قد قام بخلع كل المسامير من السور،
فقام الوالد بأخذ إبنه إلى السور وقال له:
 ( بني قد أحسنت التصرف، ولكن انظر إلى هذه الثقوب التي تركتها في السور
لن تعود أبداً كما كانت ) ،
 فعندما تحدث بينك وبين الآخرين مشادة أو اختلاف وتخرج منك بعض الكلمات السيئة،
 فأنت تتركهم بجرح في أعماقهم كتلك الثقوب التي تراها، لهذا لا يهم كم من المرات قد تأسفت لكل من أخطأت في حقه لأن الجرح لا زال موجوداً، فجرح اللسان أقوى من جرح الأبدان.
وهنا علينا نحن أن نعقل قول الله تعالى: “مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ” سورة ق 18.
 وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يُدْخِل النَّاس النَّار؟
 فقال: [الفم والفرج] قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وعن سهل بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
 [من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة] رواه البخاري.
 وسأل معاذ النبي صلى الله عليه وسلم عن العمل الذي يدخله الجنة ويباعده من النار فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم برأسه وعموده وذروة سنامه، ثم قال:
[ألا أخبرك بِمِلاكِ ذلك كلّه؟] قال: بلى يا رسول الله! فأخذ بلسان نفسه ثم قال: [كُفَّ عليكَ هذا]، فقال: وإنّا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: [ثَكِلَتْكَ أمٌّكَ يا معاذ، وهل يَكُبُّ الناسَ على وجوههم – أو على مَناخِرِهِم– إلا حصائدُ ألسنتِهم] أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
[إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ، عزَّ وَجَلَّ، لا يُلْقِي لَهَا بَالاً، يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ، لا يُلْقِي لَهَا بَالاً، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ] أخرجه البخاري ، وأحمد. وعن أبي هريرة أيضاً، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
 (هل تدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا يا رسول الله من لا درهم له ولا متاع، قال: إن المفلس من أمَّتي من يأتي يوم القيامة بصيامٍ وصلاةٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم عِرْضَ هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، فيقعد فيقتص هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قَبْلَ أَنْ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ مِنَ الخطايا، أُخِذَ مِنْ خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار) أخرجه أحمد ومسلم والترمذي.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 (قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه) رواه البخاري.
ولنتذكر أنَّ جُرْح اللسان أقوى من جُرْح الأبدان.
…………………………………………………………………..                  
م/ إبراهيم أبو السعود – خبير التنمية البشرية والإدارية