أسدل قرار التراجع عن نقل 6 عمال من مصنعي سكر إدفو وكوم أمبو بمحافظة أسوان إلى مجمع سكر الحوامدية بالجيزة الستار مؤقتًا على واحدة من أكثر الأزمات العمالية توترًا داخل شركة السكر والصناعات التكاملية، بعد أسابيع من الاحتجاجات والضغوط وفي أعقاب واقعة صادمة كادت تودي بحياة أحد العمال اعتراضًا على ما وصفوه بـ«النقل التعسفي».
وبحسب عاملين، فقد ألغى رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية، أيمن إسماعيل، قرار نقل العمال الستة لمسافة تتجاوز 850 كيلومترًا، وذلك عقب تدخل عدد من نواب مجلسي النواب والشيوخ عن محافظة أسوان، الذين نقلوا لرئيس القابضة خطورة القرار وتداعياته الاجتماعية والإنسانية على العمال وأسرهم.
قرارات نقل على خلفية احتجاجات
تعود جذور الأزمة إلى نوفمبر الماضي، عندما أصدر الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة السكر والصناعات التكاملية، صلاح فتحي، قرارات بنقل 6 عمال من مصنعي سكر إدفو وكوم أمبو إلى محافظة الجيزة، في خطوة اعتبرها العمال عقابًا مباشرًا على مشاركتهم في احتجاجات عمالية شهدتها مصانع الشركة خلال سبتمبر الماضي.
هذه القرارات، وفق روايات العمال، لم تكن مجرد إجراء إداري، بل مثلت تهديدًا مباشرًا للاستقرار الأسري والمعيشي، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وهو ما دفع أحد العمال إلى محاولة إنهاء حياته احتجاجًا على قرار نقله، قبل أن يتمكن زملاؤه من إنقاذه في اللحظات الأخيرة، بعدما حاول إلقاء نفسه من أعلى إحدى مراجل الشركة التي يتجاوز ارتفاعها 35 مترًا.
تدخل برلماني وعودة دون قرار مكتوب
أحد العمال، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أوضح أن نوابًا من أسوان التقوا رئيس الشركة القابضة وطالبوه بإعادة العمال إلى محافظتهم، مؤكدين أن قرار النقل يمثل «تشريدًا فعليًا» للعمال، نظرًا لبعد المسافة بين أسوان والجيزة، وما يترتب عليه من أعباء مادية ونفسية.
وأشار العامل إلى أن النواب أبلغوا العمال بأن التراجع عن النقل لن يصدر في صورة قرار مكتوب من رئيس القابضة، تفاديًا لإحراج إدارة شركة السكر والصناعات التكاملية، على أن تتم إعادتهم فعليًا بقرار من رئيس الشركة التابعة.
إخلاء الطرف والعودة لأسوان
وأكد عامل ثانٍ أن العمال الستة أُخلي طرفهم بالفعل من مجمع سكر الحوامدية، الذي انتقلوا إليه قبل نحو شهر، وهم في طريقهم للعودة إلى أسوان، تمهيدًا لاستلام عملهم مجددًا، مرجحًا أن يبدأ ذلك مع مطلع العام الجديد.
ورغم الترحيب بقرار العودة، لا يخفي العمال تخوفهم من تكرار مثل هذه الإجراءات مستقبلًا، في ظل غياب ضمانات واضحة بعدم استخدام النقل أو الجزاءات الإدارية كوسيلة للعقاب على أي تحركات احتجاجية.
عقوبات أخرى تطال المحتجين
ولم تكن قرارات النقل، بحسب شهادات عمال تحدثوا سابقًا، موضحين ان الإجراء العقابي الوحيد، إذ تم تسريح أكثر من 40 عاملًا مؤقتًا من مصنع الخشب الحبيبي التابع لسكر كوم أمبو خلال الشهر الماضي، على خلفية مشاركتهم في الإضراب.
كما استدعى جهاز الأمن الوطني بمحافظة أسوان، في أكتوبر الماضي، 10 عمال من شركة سكر إدفو، وحذرهم أحد الضباط من عواقب الدخول في إضراب أو تنظيم أي احتجاجات عمالية، في خطوة اعتبرها العمال محاولة لردعهم عن المطالبة بحقوقهم.
إضراب واسع انتهى تحت الضغط
وتأتي هذه التطورات في سياق إضراب واسع شهدته شركة السكر والصناعات التكاملية خلال أغسطس/آب الماضي، شارك فيه نحو 10 آلاف عامل بمصانع الشركة المختلفة، مطالبين بزيادة الرواتب، ورفع قيمة بدل الوجبة، وضم العلاوات المتأخرة.
وبدأت الاحتجاجات من مصنعي إدفو وكوم أمبو بأسوان، قبل أن تمتد إلى مصنع أرمنت بالأقصر، ومصنع دشنا بقنا، ثم مصنع المعدات بمجمع سكر الحوامدية بالجيزة.
واستمرت التحركات الاحتجاجية قرابة 26 يومًا، قبل أن تنتهي تدريجيًا، في ظل ضغوط إدارية وأمنية، بحسب ما أفاد به عمال آنذاك.
وكان مصنعا إدفو وكوم أمبو أول من دخل الإضراب وآخر من أنهى الاحتجاج، بعد زيارة أعضاء من مجلس النقابة العامة للصناعات الغذائية، الذين أكدوا للعمال أن «الأزمة في طريقها للحل» وأن ملفهم وصل إلى «أعلى المستويات».

