في سابقة نادرة تكشف حجم الكارثة التي أوصلت إليها سياسات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي الاقتصادية البلاد، لم يعد الحديث عن "حد الكفاف" قاصراً على المعارضة أو التقارير الدولية، بل نطق بها "أهل البيت" الإعلامي والاقتصادي للنظام.

 

"15 ألف جنيه" هو الرقم السحري الذي اجتمع عليه عمرو أديب، ونجيب ساويرس، وحتى مصطفى بكري وأحمد موسى، ليكون الحد الأدنى لفتح بيت في مصر. هذا الإجماع ليس مجرد تقدير مالي، بل هو "وثيقة إدانة" رسمية تعلن فشل منظومة الأجور الحكومية (التي تتباهى بـ 6 آلاف جنيه)، وتؤكد أن النظام يترك شعبه يغرق في الفقر بينما يطالبه بـ"الرحمة" بدلاً من الحلول الاقتصادية.

 

"مصر لن تنجو بالاقتصاد".. عمرو أديب يعلن إفلاس النظام

 

البداية كانت مع الإعلامي المقرب من السلطة عمرو أديب، الذي نسف كل روايات الحكومة عن "الإنجازات" و"العبور الاقتصادي". ففي تصريح صادم، اعترف أديب بأن الاقتصاد المصري وصل لمرحلة "اللا عودة" بالحلول التقليدية، مؤكداً أن "مصر مش هتنجو بالاقتصاد.. مصر هتنجو بالرحمة".

 

تصريح أديب بأن "أقل بيت محتاج 15 ألف جنيه عشان يتفتح" هو اعتراف ضمني بأن الأغلبية الساحقة من المصريين تعيش تحت خط الفقر الحقيقي، وأن المرتبات الحالية لا تكفي حتى "العيش الحاف".
 

 

نجيب ساويرس ومصطفى بكري.. صراع "القطط السمان" يفضح المستور

 

لم يكن أديب وحيداً في هذا الاعتراف؛ فقد سبقه رجل الأعمال نجيب ساويرس، الذي أكد أن الحد الأدنى للأجور يجب ألا يقل عن 15 ألف جنيه لضمان حياة كريمة. تصريحات ساويرس أثارت جنون الأذرع الإعلامية الأخرى، ليس لأن الرقم خطأ، بل لأنه "فضح الملك" وكشف عورة الأجور الهزيلة.

 

https://www.tiktok.com/@bankerofficial/video/7582636155070434567

 

وعلى الفور، دخل مصطفى بكري، بوق النظام المعروف، على الخط. ورغم مهاجمته لساويرس، إلا أنه اضطر للاعتراف بصحة الرقم، قائلاً: "أتفق مع نجيب ساويرس في أن يكون الحد الأدني للرواتب 15 ألف جنيه"، لكنه حاول تحويل الدفة لمهاجمة شركات ساويرس، في مسرحية هزلية يحاول فيها كل طرف تبرئة نفسه من دم الفقراء.
 

 

حتى أحمد موسى، الصوت الأكثر صخباً في الدفاع عن النظام، لم يستطع إنكار الواقع، وتداولت منصات التواصل تصريحات تشير إلى دعوته لزيادة الأجور لمواجهة التضخم، في اعتراف ضمني بأن الوضع لم يعد يحتمل التجميل.

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Aleqaria News (@aleqariaeg)

 

الخبراء يؤكدون الكارثة: الـ 6 آلاف جنيه "تسول" وليست أجراً

 

بعيداً عن سجالات الإعلاميين، جاءت آراء الخبراء لتقطع الشك باليقين، وتؤكد أن حكومة الانقلاب تعيش في وادٍ والشعب في وادٍ آخر.

 

فقد أكد الإعلامي والخبير الاقتصادي محمد علي خير أن "فتح منزل حالياً لا يمكن أن يتم بأقل من 15 ألف جنيه"، مشيراً إلى أن الأرقام الرسمية للأجور تحتاج إلى "ثورة" لتتناسب مع الواقع المرير الذي فرضه تعويم الجنيه ورفع الدعم.
 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by مزيد (@mazid_news)

 

واتفق معه الخبير الاقتصادي الدكتور محمد فؤاد، الذي رد على تصريحات أديب مؤكداً أن الحد الأدنى العادل يجب أن يتراوح بين 12 إلى 15 ألف جنيه، لافتاً إلى أن ما دون ذلك هو دفع بالمواطن نحو "التسول المقنن" وليس العمل.

 

 

خلاصة القول، إن اجتماع كل هذه الأصوات، من الموالاة قبل المعارضة، على رقم "15 ألف جنيه" كحد أدنى للحياة، هو دليل دامغ على أن حكومة الانقلاب فشلت في توفير أبسط مقومات العيش، وأن كل الزيادات الهزيلة التي يمن بها السيسي على الشعب لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به قراراتها.