أصدرت الدائرة الأولى إرهاب بمحكمة استئناف القاهرة، برئاسة المستشار محمد سعيد الشربيني، حكمًا يقضي بسجن السيدة هدى عبد الحميد محمد أحمد لمدة ثلاث سنوات، إلى جانب وضعها تحت المراقبة لمدة مماثلة، وذلك على ذمة القضية رقم 900 لسنة 2021.

 

جاء الحكم خلال جلسة يوم الأحد الموافق 7 ديسمبر 2025، ليضع حدًا — وإن كان قاسيًا — لواحدة من أطول فترات الحبس الاحتياطي التي تواجهها سيدة خلال السنوات الأخيرة، إذ أمضت هدى قرابة خمسة أعوام كاملة خلف القضبان دون صدور حكم نهائي.

 

خلفية القضية.. فيديو كشف الانتهاكات قاد للاعتقال

 

تعود جذور القضية إلى 28 أبريل 2021، حين أقدمت قوات الأمن على مداهمة منزل هدى عبد الحميد في محافظة السويس، وجرى اعتقالها مع زوجها وابنتها بعد ساعات من نشرها فيديو تتحدث فيه عن الانتهاكات الجسدية والجنسية التي تعرّض لها ابنها عبد الرحمن الشويخ داخل سجن المنيا. الفيديو — الذي حظي في حينه بتفاعل واسع — تضمن تأكيدها أنها تقدمت ببلاغ رسمي للنيابة العامة للمطالبة بالتحقيق في الاعتداءات التي قالت إن ابنها تعرّض لها.

 

بعد يومين فقط من توقيفها، عُرضت هدى على نيابة أمن الدولة العليا التي قررت ضمّها للقضية 900 لسنة 2021، لتواجه اتهامات من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة حول الأوضاع داخل السجون، واتهامات وصفتها منظمات حقوقية بأنها "ملفقة"، مؤكدة أن تحركها كان دفاعًا عن ابنها الذي سبق وأن تعرض لمعاناة داخل محبسه.

 

ظروف احتجاز قاسية ونقل بين عدة أماكن

 

نُقلت هدى بعد اعتقالها إلى سجن القناطر للنساء، قبل تحويلها لاحقًا إلى مركز تأهيل وإصلاح العاشر من رمضان 4، حيث بقيت محتجزة طوال السنوات الماضية. خلال هذه الفترة، كشفت مصادر حقوقية عن تدهور خطير في حالتها الصحية نتيجة افتقار السجون للرعاية الطبية المناسبة، إلى جانب ما اعتبرته "إهمالًا طبيًا ممنهجًا".

 

تعاني هدى — البالغة من العمر 58 عامًا — من مجموعة من الأمراض المزمنة، أبرزها السكري وارتفاع ضغط الدم، فضلًا عن مشكلات صحية أخرى تستوجب متابعة مستمرة. وتشير المعلومات الواردة من داخل محبسها إلى تفاقم وضعها الصحي بسبب عدم تلقي العلاج المناسب، ما أدى إلى مضاعفات خطيرة أثّرت على حياتها اليومية واستقرارها البدني.

 

انتقادات حقوقية ومطالبات بالإفراج

 

أثار الحكم موجة واسعة من الإدانة الحقوقية، حيث أعلنت منظمة هيومن رايتس إيجيبت رفضها التام للحكم الصادر بحق هدى، واصفة إياه بأنه "جائر" و"غير قائم على أي جرم حقيقي".

 

وطالبت المنظمة بالإفراج الفوري عنها، مؤكدة أن كل ما قامت به هو محاولة كشف الانتهاكات التي تعرّض لها ابنها داخل السجن، وأن ما وجه إليها من اتهامات لا يعدو كونه محاولة لإسكات صوتها.

 

وأشارت المنظمة إلى أن اعتقال هدى تم من دون إذن قانوني، وأن مداهمة منزلها واحتجاز زوجها وابنتها كانا جزءًا من سلسلة من الإجراءات التعسفية التي بدأت منذ اللحظة الأولى للاعتقال، واستمرت على مدار سنوات احتجازها.

 

قضية إنسانية قبل أن تكون قانونية

 

لم تكن قصة هدى مجرد قضية أمنية أو ملف قانوني، بل تحولت إلى حالة إنسانية معقدة اختلط فيها الألم الأسري بالانتهاكات الحقوقية. فمنذ لحظة اعتقالها وحتى جلسة النطق بالحكم، ظل أفراد أسرتها — وعلى رأسهم ابنها عبد الرحمن — محور اهتمام الرأي العام، حيث اعتبر كثيرون أن ما جرى معها كان عقابًا مباشرًا على محاولتها تسليط الضوء على سوء المعاملة داخل السجون.

 

ورغم صدور الحكم، لا تزال أصوات عديدة تطالب بإعادة النظر في القضية، خصوصًا مع تجاوزها فترة الحبس الاحتياطي القانونية، ومعاملتها بطريقة تتنافى مع حالتها الصحية والإنسانية.