في توقيت مريب، وعبر سيناريوهات تتراوح بين "الأزمات القلبية المفاجئة" و"الانتحار داخل الغرف المغلقة"، تتساقط رؤوس أمنية وقضائية بارزة في مصر، مما يفتح الباب واسعاً أمام تكهنات مرعبة عن وجود "قائمة تصفية" تستهدف شخصيات بعينها داخل دولاب الدولة.
أنباء وفاة العميد وليد حمدي بليغ، رئيس فرع البحث الجنائي بجنوب بني سويف، لم تمر كحدث عابر، بل فجّرت عاصفة من الشكوك بعد ربطها بـ"انتحار" المستشار سمير بدر، وسط حديث متصاعد عن "حرب أجنحة" أو عمليات "تخلص من الصناديق السوداء" تديرها أجهزة سيادية بعيداً عن القانون.
العميد وليد بليغ.. هل قتله "الريسين"؟
بينما اكتفت الصفحات الرسمية والمواقع الموالية بنعي "العميد وليد حمدي بليغ" بعبارات مقتضبة تتحدث عن الوفاة الطبيعية، يغلي الشارع ومواقع التواصل برواية مغايرة تماماً. مصادر غير رسمية ونشطاء يتحدثون عن "تصفية" تمت باستخدام مادة سامة تُدعى "الريسين" (Ricin)، يُزعم أنها من إنتاج معامل خاصة بجهاز الأمن الوطني. هذه الرواية الخطيرة تشير إلى أن العميد الراحل، الذي يشغل منصباً حساساً في البحث الجنائي، ربما كان يمتلك معلومات أو اتخذ مواقف وضعته على "رادار التصفية"، ليتحول فجأة من مسؤول أمني نافذ إلى مجرد "نعي" في الجريدة الرسمية، دون أي تحقيق شفاف يوضح سبب الوفاة المفاجئة لرجل في مثل موقعه وعمره.
لغز "انتحار" القاضي سمير بدر
الخيط الذي يربط هذه الحوادث ببعضها يمتد إلى الإسكندرية، حيث عُثر على المستشار سمير بدر عبد السلام، رئيس محكمة جنح مستأنف الرمل، جثة هامدة داخل استراحة القضاة بسموحة. الرواية الأمنية سارعت لإغلاق الملف تحت لافتة "الانتحار بمسدسه الميري" لمروره بأزمة نفسية، وصدرت قرارات فورية بـ"حظر النشر" في القضية. لكن المراقبين يتساءلون: لماذا ينتحر قاضٍ شاب من أسرة مرموقة داخل استراحة حكومية؟ ولماذا التعتيم ومنع النشر؟ الشكوك تشير إلى أن "الانتحار" قد يكون مجرد غطاء لعملية إخراس أبدية لقاضٍ ربما رفض تمرير أجندات معينة أو تورط في صراعات نفوذ أكبر منه، ليصبح "الانتحار" هو المخرج الآمن للنظام لإغلاق الملف.
أنباء عن مقتل العميد وليد حمدى بليغ رئيس فرع البحث الجنائي بالجنوب بمحافظة بنى سويف ، وفيه إشاعات عن أن التصفية لها علاقة بشبهة إنتحار القاضى سمير بدر عبد السلام ضمن قائمة أسماء معرضة لنفس المصير pic.twitter.com/N1FA4TKDh0
— نسرين نعيم (@nesrinnaem144) December 7, 2025
قائمة "المغضوب عليهم".. من التالي؟
المعلومات المتداولة، والتي أشار إليها تقريرك، تتحدث عن "قائمة أسماء" مرشحة لنفس المصير، تضم ضباطاً وقضاة باتوا يشكلون عبئاً أو تهديداً لدوائر صنع القرار العليا. الرابط بين العميد بليغ والمستشار بدر يعزز فرضية أن النظام بدأ عملية "تطهير داخلي" عنيفة، لا تعتمد على الإقالة أو المحاكمة، بل على "الإنهاء البيولوجي". سواء كان السبب هو رفض أوامر عليا، أو الصراع على "كعكة الفساد"، أو حتى الخوف من انشقاقات مكتومة، فإن النتيجة واحدة: لا أحد في مأمن، حتى حراس النظام وقضاته.
نظام يأكل أبناءه
ما يحدث ليس مجرد حوادث فردية، بل هو مؤشر على مرحلة "البارانويا" التي وصل إليها النظام، حيث أصبح الشك هو سيد الموقف، والتصفية هي الحل الأسهل. وفاة العميد بليغ وانتحار المستشار بدر هما جرس إنذار لكل من يعمل في دولاب هذا النظام، مفاده أن الولاء لم يعد عاصماً، وأنك قد تكون اليوم "الجلاد" وغداً "الضحية" في قائمة لا يعرف أحد متى تنتهي.

