يتواصل المشهد الاحتجاجي داخل شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالقاهرة، للأسبوع الثاني على التوالي، حيث دخل مئات العمال والموظفين يومهم الثالث عشر من الوقفات المتتابعة، في أكبر تحرك عمالي تشهده الشركة منذ سنوات. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات وتزايد المشاركة من فروع مختلفة، لم تعد المطالب محصورة في الملفات المالية والوظيفية، بل امتدّت لتشمل الدعوة إلى فتح تحقيقات عاجلة في شبهات فساد مالي وإداري قالت مجموعات من العمال إنها “أضرت بالشركة ونهبت حقوق العاملين”.

 

مطالب تفجّر الاحتجاجات

 

تتمركز المطالب الأساسية حول ملفات تراكمية، أبرزها:

  • صرف العلاوات المتأخرة منذ 2016.
  • تطبيق الحد الأدنى للأجور بما يراعي التدرّج الوظيفي.
  • تثبيت العمالة المؤقتة.
  • صرف فروق الضرائب المستقطعة.
  • إلغاء خصومات وبدلات أُوقفت خلال العامين الماضيين.

 

وبحسب مصادر من العاملين، فإن الإدارات المتعاقبة تجاهلت سنوات من المطالبات، الأمر الذي فاقم الاحتقان الداخلي، ليتحوّل منتصف نوفمبر إلى نقطة الانفجار.

 

شعارات تتجاوز الأجور.. واتهامات بفساد داخل الشركة

 

مع تطوّر الاحتجاجات، رفعت مجموعات من عمال القاهرة شعارات تطالب النائب العام والنيابة الإدارية بالتدخل وفتح تحقيقات فيما وصفوه بـ«وقائع فساد مالي» داخل بعض القطاعات. وأكد المحتجون أن تلك الملفات لا يمكن الصمت عنها بعد الآن، وأنها “أوصلت الشركة إلى وضع إداري ومالي مختل”.

 

وبحسب العمال، فقد تقدّم عدد منهم بالفعل بشكاوى إلكترونية للرقابة الإدارية، مطالبين بالتحقيق فيما قالوا إنه “إهدار للمال العام وسوء استغلال للسلطة”.

 

وتأتي هذه المطالب في ظل خلفية أحكام قضائية صادرة في أبريل الماضي، أدانت مسؤولين سابقين في شركات تابعة للقطاع، بالسجن المشدد 7 و10 سنوات، بعد ثبوت تلقيهم رشاوى مقابل إسناد أعمال المقاولات واعتماد مستخلصات غير مطابقة.

 

انقسام بين المحصلين بعد استجابة جزئية

 

في التطورات الأخيرة، أنهى جزء من محصلي الفواتير مشاركتهم في الوقفات بعد موافقة الشركة على صرف حافز تميّز بقيمة ألف جنيه شهريًا، دون ضمه إلى الحد الأدنى للأجور. إلا أن محصلين آخرين واصلوا الاحتجاج، معتبرين أن الاستجابة “جزئية ومؤقتة”، ومؤكدين تمسكهم بمطلب تثبيت العمالة المؤقتة كأولوية.

 

تضامن حقوقي وسياسي واسع

 

أصدرت منظمات حقوقية وأحزاب سياسية عدة بيانًا مشتركًا، عبّرت فيه عن “قلق بالغ” تجاه الظروف المعيشية التي يعيشها العاملون في الشركة، خاصة مع التضخم الكبير وتآكل القدرة الشرائية للأجور.

 

ووقّعت على البيان كل من:

  • المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
  • المفوضية المصرية للحقوق والحريات
  • المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
  • دار الخدمات النقابية والعمالية
  • مركز الأرض لحقوق الإنسان
  • إلى جانب أحزاب «التحالف الشعبي الاشتراكي»، «الاشتراكي المصري»، «العيش والحرية»، «تيار الأمل»، ومجموعات الاشتراكيين الثوريين.

 

وأكد البيان أن مطالب العمال “مستحقة وأقرتها الدولة نفسها”، محذرين من أن تجاهلها “يهدد الاستقرار الاجتماعي داخل إحدى أهم الشركات الخدمية في البلاد”. وطالبوا وزارتي الإسكان والعمل بفتح تحقيق فوري في مدى التزام الشركة بتطبيق الحد الأدنى للأجور.

 

انتشار الاحتجاجات إلى المحافظات

 

لم تبق الاحتجاجات حبيسة القاهرة. فقد انطلقت وقفات تضامنية في:

  • الجيزة: يومان من التظاهرات في عدد من الفروع.
  • الشرقية: وقفات لعمال التحصيل في الزقازيق.
  • بني سويف: احتجاجات في مركز ببا.
  • المنيا: وقفات داخل المحطة الجديدة في بني مزار.

 

وذلك بالتوازي مع إضراب تباطؤي بدأه محصلو حلوان مطلع الشهر عبر الامتناع عن التحصيل.

 

 

سياق متكرر خلال الشهور الماضية

 

الاحتجاجات الحالية تأتي امتدادًا لتحركات مشابهة خلال العام الجاري، إذ شهدت الإسكندرية والقليوبية في يوليو ومارس وقفات مماثلة للمطالبة بالعلاوات وتطبيق الحد الأدنى وتحرير عقود لأصحاب نظام العمولة.