على الرغم من أن تعاطي الحشيش في مصر محظور قانونًا إلا أن ذلك لا ينفي انتشاره على نطاق واسع في الأفراح والمناسبات وفي "السهرات" التي تضم الأصدقاء، لكنه لا يعد مخدرًا شعبيًا كما قد يعتقد للوهلة الأولى، فقد عرف بكونه المخدر المفضل لكثير من المثقفين في مصر.
لكن الجديد هو ما كشفه رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) الأسبق، جون بيرنان، الذي أشعل ردود فعل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، بعد تصريح أدلى به حول تدخينه "الحشيش" محشو داخل "شيشة" في مصر.
وقال برينان خلال مقابلة أجراها مع صحيفة "القبس" الكويتية: "هذه الذكريات بسيري عبر شوارع خان الخليلي وسوق الذهب.. أقررت في مذكراتي أنني كنت أذهب إلى السوق والشيشة نعم كنت أدخن الحشيش.. كان يوضع في الشيشة".
وأضاف: "كانت تلك الفترة هي أول ما بدأت فيه تدخين السجائر، أقلعت عن التدخين منذ مدة طويلة، ولكن كنا نأخذ الحشيش ونرشه على التبع داخل السيجارة.. مع أصدقائي المصريين والأمريكيين وغيرهم، وكان ذلك جزءا من الثقافة هناك، الذهب إلى وسط المدينة ليلة الخميس برفقة أصدقائي لتدخين الحشيش وكذلك كانت طريقة لي لممارسة اللغة العربية..".
السادات والحشيش
وعلى الرغم من أن رئيس المخابرات الأمريكية كان يتحدث في مصر خلال حقبة السبعينات، إلا أن الوضع لم يتغير كثيرًا حتى بعد أكثر من 50 عامًا، حيث لا زال مخدر الحشيش ينتشر في البلاد، وكثيرًا ما يجتمع الأصدقاء في "سهرات أنس" لتعاطيه.
بل إن الرئيس الراحل أنور السادات كان أشهر من نسب إليهم تدخين الحشيش ؛ حيث تشير التقارير إلى أنه كان مغرمًا بهذا المخدر، وكان عصره ذهبيًا لرواج تجارته (1970 -1981)، وكان سكان مصر المخضرمين يصفون تلك الفترة بـ"العصر الذهبى لمدخني الحشيش".
وعلى رغم نفى أسرة السادات للأمر، مؤكدة أن الرئيس الاسبق لم يكن يتعاطى الحشيش أو الأفيون، إلا أن كثيرًا من الكتاب والصحفيين أكدوا أنه كان يحب الحشيش والأفيون ويتعاطاهما باستمرار.
أدباء مصريون أحبوا الحشيش
كما عرف عن كثير من الأدباء في مصر عشقهم لتدخين الحشيش، ولعل أشهرهم الأديب العالمي نجيب محفوظ الذي اعترف بأنه كان يدخن الحشيش يوميًا، وأنه أقلع عنه خوفًا من ضبطه بحوزته، خاصة بعد حملات تفتيش الشرطة لمنازل القاهرة بعد انفجار سينما مترو، بحسب ما ذكره كتاب "في حب نجيب محفوظ"، للكاتب رجاء النقاش.
وقال محفوظ إن تدخينه الحشيش في مقاهي القاهرة كان أمرًا عاديًا كشرب الشاي، وكانت أكبر عقوبة لتدخينه في الأماكن العامة هي بضعة قروش، ولذلك كان نعم الصديق للشعب المصري ووسيلته لنسيان الهموم، وفق قوله.
كما عبر الشاعر أحمد فؤاد نجم مرارًا عن حبه للحشيش، إلى الحد الذي وصفه في مقابلة تلفزيونية، بأنه "أجمل نبات خلقه ربنا وأيضا أنه نبات رقم 1".
وقال إن "الحشيش" نوع من التخدير الذي يحبه ويحترمه و"يعزه"، لكن "دلوقت مفيش حشيش الموجود كله مضروب"، وأكد أن تعاطي الحشيش ليس مرتبط بكتابة القصائد المتميزة: "الحشيش ملوش علاقة بالإبداع، الشاعر ده موضوع جوايا".
وفي مقابلة أخرى، وصف نجم نفسه قائلاً: "أنا حشاش هو في حشيش دلوقتي مفيش كل حاجة مغشوشة لو فيه اشرب دلوقتي"، حيث أوضح أنه امتنع عن تناول السجائر والحشيش".
وكان قد ألقي القبض على "الفاجومي" في عام 1967، ومعه توأم روحه الشيخ إمام عيسى، بتهمة تعاطي الحشيش.
أيضًا الروائي خيري شلبي الذي اشتهر بكتاباته في رواياته عن الحشيش، كان ممن اعترف بأنه يتعاطى مخدر الحشيش، ووصف جلسات الحشيش بأنها "تشبّه جلسات الذكر من حيث الانسجام والتوّحد، وتذيب الفوارق الطبقية والإنسانية بين البشر، وكأنها توّحد بينهم"، وفق قوله.
وكتب شلبي الذي تحولت روايته "الوتد" إلى مسلسل تلفزيوني شهير عن الحشيش في روايات عدة مثل: وكالة عطية، موال للبيات والنوم، نسف الأدمغة، لكنه في روايته الشهيرة "صالح هيصة" حكى عن "غُرز شرب الحشيش"، ورصد ما يقرب من 60 غُرزة في شارع واحد فقط,
ممثلون اشتهروا بتدخين الحشيش
كما عرف عن العديد من الممثلين في مصر تدخينهم للحشيش، وأشهرهم رشدي أباظة، الذي توفي في عمر الخمسينات بسبب إفراطه في التدخين. وقد حكى الممثل الراحل أحمد رمزي أنه كان يدخن الحشيش بسبب رشدي أباظة الذي كان يتناوله بشراهة.
واتهم الممثل سعيد صالح بتعاطي الحشيش، وألقت الشرطة القبض عليه، مرة عام 1991، والثانية عام 1996.
واعترف المغني الشعبي الراحل شعبان عبدالرحيم كان يدخن 100 سيجارة حشيش يوميًا.
كما ضبط الممثل الراحل حاتم ذو الفقار مع أحد تجار المخدرات وبحوزتهما 9 جرامات من الحشيش، بجانب عدد من المخدرات الأخرى، وحُكم عليه بالحبس سنة وغرامة 500 جنيه في تلك القضية.
وضبط الممثل الشاب أحمد عزمي مرتين وبحوزته مخدر الحشيش، إلا أنه في الأولى تم تبرئته لعدم استكمال الأدلة، وفي الثانية بُرأ لبطلان إجراءات الضبط.
تقنين الحشيش في مصر
قبل 10 سنوات من الآن، تقدم رئيس رابطة تجار السجائر أسامة سلامة للحكومة المصرية بطلب لتقنين الحشيش في مصر، على شاكلة ما حدث في بلدان أوروبية كهولندا.
وأرجع طلبه للعوائد المادية الكبيرة التي ستعود على الدولة من تقنيه، موضحًا بالقول: "طالما أن الحشيش موجود في البلد بشكل غير شرعي فنحن نرغب بتقنينه بشكل شرعي".
ودعم هذا الطلب بتقتين الحشيش الإعلامي عمرو أديب، لكنه لاستخدامه كدواء مسكن للآلام، تحت رقابة الجهات الصحية، أسوة بالدول الأوروبية.
وقال إنه لا يطالب بإتاحة تعاطي الحشيش، ولكنه يطالب بتقنينه كدواء طبي في مصر. وأشار إلى أن الكثير من الدول الأوروبية تقنن استخدام "زيت الحشيش" كمسكن طبي، للتخفيف من آلام المرضى وخاصة مرضى السرطان والحالات المتأخرة.
وأوضح أديب أن مسكنات الأدوية المتوفرة في مصر غير فعالة بشكل كبير، كما أن الأنواع القوية منها تتاح بأسعار مرتفعة جدا، وبالتالي سيؤدي تقنين "الحشيش" كمسكن طبي، إلى مراعاة المرضى.

