شهدت بلدتا بيتا وبورين جنوب مدينة نابلس، يوم السبت، سلسلة اعتداءات عنيفة نفذها مستوطنون إسرائيليون استهدفت مزارعين فلسطينيين ومتطوعين ومتضامنين أجانب وصحافيين خلال قيامهم بقطف الزيتون. وأسفرت الاعتداءات، التي استخدمت فيها العصي والحجارة، عن إصابة عدد من المشاركين بجروح متفاوتة، بينهم خمسة صحافيين.

 

تفاصيل الاعتداءات

 

وقعت الهجمات في بلدة بيتا قرب منطقة جبل قماص، حيث كان الأهالي يعملون في أراضيهم بمشاركة متطوعين من الهلال الأحمر ومتضامنين أجانب. وأكدت مصادر محلية أن الاعتداء جاء بشكل مباغت ومُنظم، وأسفر عن إصابة نحو عشرة أشخاص. وتعرض أحد المتضامنين لإصابة خطيرة في الرأس تسببت بنزيف حاد، بينما تفاوتت إصابات الآخرين بين رضوض وجروح وكسور.

 

جرى نقل المصابين إلى المراكز الطبية القريبة، في وقت استمر فيه تجمع المستوطنين في المنطقة مما أثار مخاوف من تجدّد الاعتداءات. وفي بلدة بورين، تكررت الهجمات بشكل مماثل، حيث أصيب أربعة متضامنين أجانب وفلسطيني واحد، بينهم المصور الصحفي ناصر اشتية الذي تعرض للضرب من قبل مستوطنين أثناء توثيق الأحداث.

 

ردود الفعل الفلسطينية

 

أدانت مؤسسات وفصائل فلسطينية الاعتداءات، معتبرة أنها امتداد لسياسة الضغط على المزارعين خلال موسم الزيتون الذي يمثل رمزًا للصمود الفلسطيني. وأكدت جهات مدنية أن استهداف المزارعين والمتطوعين يهدف إلى تقويض النشاط الزراعي ودفع السكان إلى ترك أراضيهم.

 

من جهته، عبّر الهلال الأحمر الفلسطيني عن بالغ قلقه إزاء استهداف طواقمه وعرقلة عملها الإنساني، مشيرًا إلى أن الاعتداءات تشكّل انتهاكًا للقانون الدولي وتعرض حياة العاملين الإنسانيين للخطر.

 

اعتداءات موسمية متكررة

 

تأتي هذه الاعتداءات في سياق تصاعد الهجمات التي ترافق موسم قطف الزيتون في الضفة الغربية. وتشير تقارير أممية إلى تسجيل أكثر من 250 اعتداء منذ بداية أكتوبر، شملت اعتداءات جسدية وإتلافًا متعمّدًا للمحاصيل وتخريبًا للممتلكات الخاصة، إضافة إلى تضييقات على حركة المزارعين.

 

وقد أدى هذا التصعيد إلى خسائر اقتصادية كبيرة، ونزوح بعض العائلات عن أراضيها، ما يهدد موسم الزيتون الذي يُعد ركيزة أساسية لاقتصاد آلاف الأسر الفلسطينية.

 

مخاوف من انفلات أمني

 

مصادر أمنية إسرائيلية حذرت من أن اعتداءات المستوطنين باتت خارج السيطرة، وأن استمرار هذه الهجمات قد يؤدي إلى موجات عنف أوسع، في ظل احتدام التوتر على الأرض وتراجع قدرة الجهات الأمنية على ضبط المشهد.

 

وترى جهات مراقبة أن غياب الحلول السياسية وتفاقم المواجهات اليومية بين المستوطنين والفلسطينيين يخلق بيئة قابلة للانفجار، تؤثر على الاستقرار في مناطق واسعة من الضفة الغربية.

 

تأثيرات على العمل الصحفي والإنساني

 

إصابة صحافيين أثناء تغطية الأحداث تعكس مستوى الخطر الذي يواجهه الإعلاميون في الميدان، خصوصًا في المناطق القريبة من المستوطنات. كما يتعرض العاملون الإنسانيون لتهديدات مباشرة تطال قدرتهم على تقديم الخدمات الطبية والإغاثية، ما يزيد من صعوبة عملهم في أوقات التصعيد.

 

مطالبات حقوقية ودولية

 

طالبت مؤسسات حقوقية محلية ودولية بضرورة وقف اعتداءات المستوطنين وحماية المزارعين خلال موسم الزيتون، إلى جانب توفير保障 لعمل الصحافيين والمتطوعين. ودعت الأطراف المختلفة إلى تحرك دولي جدي للحد من الانفلات الأمني وحماية المدنيين، في ظل مخاوف من اتساع دائرة العنف.

 

واخيرا تسلط أحداث بيتا وبورين الضوء على واقع متصاعد من العنف الذي يواجه المزارعين الفلسطينيين خلال موسم الزيتون، حيث يتحول العمل الزراعي إلى ساحة صراع يومي مع المستوطنين. ورغم الدعوات والمطالبات المتكررة بوقف الاعتداءات، لا تزال الهجمات تتواصل وسط غياب آليات حماية فعالة. وفي وقت يعتمد فيه آلاف الفلسطينيين على هذا الموسم كمورد اقتصادي رئيسي، يبقى تقديم الحماية للمزارعين والعاملين الإنسانيين والصحافيين ضرورة ملحة لضمان استمرار الحياة الزراعية والحفاظ على استقرار المجتمعات الريفية في الضفة الغربية.