أثار مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي لطالبة غاضبة من تصرفات زملائها داخل المدرسة جدلاً واسعًا بين رواد الإنترنت، بعد أن عبّرت الفتاة بحدة عن استيائها من المضايقات التي تتعرض لها هي وزميلاتها، منتقدة ما وصفته بـ"انهيار منظومة الأخلاق والتربية داخل المؤسسات التعليمية".
وفي الفيديو، الذي انتشر على نطاق واسع عبر منصة "يوتيوب" ومواقع التواصل الأخرى، ظهرت الطالبة وهي تقول بانفعال: "إيه القرف اللي بقى بيحصل في المدارس ده؟"، في إشارة إلى ما تتعرض له الطالبات من مضايقات لفظية وإشارات غير لائقة من بعض الطلاب داخل الحرم المدرسي، دون وجود رادع من إدارة المدرسة أو أولياء الأمور.
وتضيف الطالبة في حديثها: "البنات سواء محجبات أو مش محجبات بيتضايقوا كل يوم.. مفيش احترام ولا رقابة.. ولا كأننا في مدرسة"، ما فتح بابًا واسعًا للنقاش حول غياب الدور التربوي داخل المدارس في مقابل التركيز على الدروس الخصوصية فقط.
🔹 أزمة قيم وتراجع دور الأسرة والمدرسة
يرى كثير من أولياء الأمور أن ما يحدث في المدارس اليوم يعكس أزمة عميقة في منظومة القيم، إذ لم تعد التربية أولوية، لا في البيوت ولا في الفصول. فبينما كانت المدرسة في الماضي مكانًا للتعليم والانضباط وغرس الأخلاق، أصبحت اليوم – بحسب تعبير بعض المعلقين – "مجرد مكان للمرور الإجباري قبل السنتر".
ويشير عدد من المراقبين التربويين إلى أن ضعف الرقابة داخل المدارس، إلى جانب انشغال المدرسين بالدروس الخصوصية، جعل السلوكيات السلبية تنتشر بين الطلاب، من ألفاظ خارجة وتشاجر متكرر إلى استخدام إشارات خادشة داخل الفصول والساحات.
ويؤكد الخبراء أن هذا الانفلات الأخلاقي ليس مجرد ظاهرة فردية، بل نتيجة تراكمات اجتماعية واقتصادية وتربوية، في ظل غياب الدور الحقيقي للمدرسة كمنظومة تعليمية وتربوية متكاملة، وانشغال أولياء الأمور بلقمة العيش على حساب المتابعة اليومية لأبنائهم.
🔹 التعليم فقد رسالته التربوية
يقول أحد المعلمين، رفض ذكر اسمه، إن "المشكلة ليست في الطلبة فقط، ولكن في النظام كله"، موضحًا أن "المدرس اليوم أصبح مطالبًا فقط بتوصيل المعلومة في الدرس الخصوصي، بينما داخل المدرسة لا يوجد وقت أو دافع لتربية أو توجيه الطلاب".
وأضاف أن كثيرًا من المعلمين باتوا يربطون نجاح الطلاب في المواد بحضورهم الدروس الخصوصية، ما أفقد المدرسة دورها الرئيسي كمكان للتعليم والانضباط.
🔹 دعوات لإعادة "الهيبة" إلى المدرسة
أثار الفيديو موجة تعاطف واسعة مع الطالبة، إذ طالب كثير من المعلقين بضرورة إعادة الانضباط إلى المدارس، ومحاسبة الطلاب المتورطين في المضايقات، إلى جانب فتح نقاش أوسع حول أهمية "التربية قبل التعليم".
كما دعا تربويون إلى تفعيل دور الأخصائيين الاجتماعيين داخل المدارس، وإطلاق حملات توعية للطلاب حول السلوك الأخلاقي والاحترام المتبادل، مؤكدين أن إصلاح التعليم يبدأ من إصلاح السلوك وغرس القيم منذ الصغر.

