استدعى جهاز الأمن الوطني بمحافظة أسوان، عشرة عمال من مصنع سكر إدفو، على خلفية نيتهم الدخول في إضراب عن العمل للمطالبة بتحسين أوضاعهم المالية والمعيشية.

ووفقًا لما أكده عمال، فقد تلقى العمال استدعاءات هاتفية من أفراد يتبعون جهاز الأمن الوطني، طالبوهم بالحضور إلى مقر الجهاز في مدينة أسوان. وهناك التقى بهم ضابط رفيع المستوى، حذرهم من “العواقب الوخيمة” في حال أقدموا على أي تحركات احتجاجية خلال الفترة المقبلة.

وقال أحد العمال، الذي فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية:
“الضابط قال لنا بالحرف الواحد: إحنا عارفين إن ليكم حقوق ومرتباتكم قليلة، ورفعنا مطالبكم، بس ما ينفعش كل شوية تهددوا بإضراب، المرة اللي فاتت سكتنا وسبناكم معتصمين 3 أسابيع، لكن المرة دي العقاب هيكون شديد”.

 

تهديدات قبل موسم الإنتاج

يأتي هذا الاستدعاء في وقت تتصاعد فيه حالة الغضب بين عمال مصنع إدفو بسبب تنصل الإدارة من وعودها التي أعقبت الإضراب السابق في أغسطس الماضي، حين خاض ما يقارب 10 آلاف عامل من مصانع الشركة المختلفة، إضرابًا عن العمل استمر نحو 26 يومًا.

بدأت الاحتجاجات حينها من مصنعي إدفو وكوم أمبو في أسوان، وامتدت إلى مصانع أرمنت بالأقصر ودشنا بقنا والحوامدية بالجيزة، للمطالبة بزيادة الرواتب، ورفع بدل الوجبة، وضم العلاوات المتأخرة منذ عام 2017، وصرف الأرباح السنوية والعلاوات الاستثنائية لمواجهة الغلاء.

لكنّ العاملين يقولون إن الإدارة لم تنفذ سوى زيادة رمزية لا تتجاوز 500 جنيه، خصمت منها الضرائب، لتصبح في النهاية 300 جنيه فقط في أيدي العمال.

وأوضح أحدهم: “إحنا بنطلب بس نعيش بكرامة، الزيادة دي مش حسنة، إحنا بنشتغل في ظروف صعبة وسط حرارة وأبخرة ومعدات تقيلة، والرواتب ما بتكفيش بيت”.

 

استدعاءات وتخوفات من التوسع

أشار أحد العمال إلى أن جهاز الأمن الوطني قد يوسّع دائرة الاستدعاءات لتشمل عمالًا من مصانع أخرى تابعة للشركة، في ظل مخاوف حكومية من تكرار سيناريو الإضرابات مع اقتراب موسم الإنتاج الجديد المقرر انطلاقه في يناير المقبل.

يقول أحد النقابيين السابقين: “العمال مش أعداء الدولة، دول ناس بتطالب بحقها في أجر عادل يعيشها بكرامة. تهديدهم بالاعتقال مش هيحل الأزمة، الحل في الحوار والاستجابة للمطالب المشروعة”.

بحسب أحد المصادر العمالية: “الإدارة خايفة من أي تحرك، وبتحاول تهدي العمال، لكن مفيش حلول حقيقية. الناس خلاص فقدت الثقة بعد ما شافت الوعود بتتكرر من غير تنفيذ”.

 

خلفية الأزمة: إضراب أغسطس والضغوط الأمنية

شهدت مصانع السكر في أغسطس الماضي واحدًا من أطول الإضرابات العمالية في القطاع العام خلال السنوات الأخيرة، استمر قرابة شهر، قبل أن يتم إنهاؤه بوساطة من النقابة العامة للصناعات الغذائية، التي وعدت العمال برفع مطالبهم إلى الجهات العليا.

غير أن مصادر عمالية أكدت حينها أن ضغوطًا أمنية شديدة مورست على العمال، شملت تهديدات بالاعتقال والفصل من العمل، لإجبارهم على إنهاء الاعتصامات، خصوصًا في مصنعي إدفو وكوم أمبو اللذين كانا آخر من علّق الإضراب.

وفي تلك الفترة، هاجم أيمن إسماعيل، رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية، العمال المضربين، وهدّد في اجتماع مع قيادات نقابية بخصخصة المصانع إذا استمرت الاحتجاجات، وفق ما كشفه مصدر نقابي مطلع.

 

رواتب ضعيفة وخدمات متردية

يُذكر أن متوسط رواتب العاملين في مصانع السكر لا يتجاوز 5 آلاف جنيه شهريًا، في وقت يشتكي فيه العمال من سوء الخدمات الطبية داخل المصانع وتراجع مستوى الرعاية الصحية.

وتعتبر شركة السكر والصناعات التكاملية إحدى أقدم وأهم الشركات العامة في مصر، إذ تضم عشرات الآلاف من العمال وتعد ركيزة أساسية في إنتاج السكر المحلي.

ويرى مراقبون أن استدعاء العمال للتحقيق من قبل الأمن الوطني يعكس تزايد الحساسية الأمنية تجاه أي تحركات عمالية، خاصة في مؤسسات الدولة الاقتصادية الكبرى. ويخشى نشطاء عماليون أن تؤدي سياسة الترهيب إلى إخماد أصوات العمال المطالبين بحقوقهم المشروعة.