حذّرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من الكارثة التعليمية التي يعيشها أبناء قطاع غزة منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023، مؤكدة أن أكثر من 625 ألف طالب فلسطيني لم يتمكنوا من العودة إلى مدارسهم منذ عام كامل، في أطول انقطاع تعليمي تشهده غزة في تاريخها الحديث.

 

وقالت الأونروا في بيانها الأخير إن أطفال غزة “يُحرمون من حقهم الأساسي في التعليم”، بعد أن تحولت معظم المدارس إلى ملاجئ للنازحين أو دُمرت جزئياً وجزئياً بفعل القصف الإسرائيلي المستمر. وأضافت أن "جيلاً كاملاً من الأطفال مهدد بالضياع"، مشيرة إلى أن بعض الطلاب لم يتلقوا أي نوع من التعليم النظامي منذ عام كامل، فيما يواجه كثيرون منهم صدمات نفسية عميقة نتيجة فقدان أسرهم ومنازلهم.

 

ووفقاً لتقديرات الوكالة، فإن أكثر من 70% من منشآت الأونروا التعليمية في غزة خرجت عن الخدمة بسبب الأضرار الجسيمة أو استخدامها كمراكز إيواء. كما فقدت الأونروا عشرات من موظفيها ومعلميها خلال العدوان، ما زاد من صعوبة استئناف العملية التعليمية حتى في المناطق الأقل تضرراً.

 

الأونروا عبّرت عن قلقها البالغ من أن “تتحول أزمة التعليم إلى مأساة طويلة الأمد”، في ظل استمرار الحصار وانعدام الأمن الغذائي، حيث يعاني الأطفال من سوء تغذية ونقص في الخدمات الصحية، ما يهدد قدرتهم على التعلم مستقبلاً.

 

من جانبهم، أكد خبراء تربويون فلسطينيون أن توقف التعليم يعني تدمير البنية الفكرية والاجتماعية لجيل كامل، إذ لا يمكن تعويض الفاقد التعليمي بسهولة في بيئة تعاني من الدمار وانعدام الكهرباء والاتصال. وقال أحد مديري المدارس التابعة للأونروا إن “الطلاب باتوا يسألون المعلمين عن موعد توقف الحرب قبل أن يسألوا عن موعد الدروس”.

 

ودعت الأونروا المجتمع الدولي إلى توفير الدعم العاجل لإعادة تأهيل المدارس وضمان عودة التعليم الآمن، مؤكدة أن الاستثمار في تعليم أطفال غزة هو استثمار في “مستقبل المنطقة بأكملها”.


لكن حتى اللحظة، ما زال الصمت الدولي يخيم على المأساة، فيما تواصل إسرائيل تدمير ما تبقى من البنية التعليمية، وتُبقي آلاف الأطفال الفلسطينيين أسرى الجهل والحرمان والخوف.

 

وبينما يبدأ العام الدراسي الجديد في معظم أنحاء العالم، يبقى أطفال غزة بلا كتب ولا مقاعد ولا فصول، في مشهد يعكس أعمق صور الظلم الإنساني في القرن الحادي والعشرين.