على خلاف المعلومات الأولية التي زفت إلى الفلسطينيين بشريات بإطلاق سراح عدد من الرموز السياسية والنضالية، وأبرزهم مروان البرغوثي ضمن صفقة تبادل الأسرى، لكن سرعان ما جاءت الأنباء على غير ما يشتهون، في ظل تمسك الكيان الصهيوني برفض الإفراج عنه حتى بعد مضي أكثر من 23 عامًا على اعتقاله، نظرًا لتمتعه بشعبية تؤهله لإعادة توحيد الصف الفلسطيني.

والبرغوثي هو قيادي بارز في حركة "فتح" ظل اسمه يتردد لسنوات كأحد أبرز المرشحين لقيادة الحركة، وخلافة محمود عباس (أبو مازن) على الرغم من وجوده في المعتقل منذ عام 2002، حيث حُكم عليه بالسجن المؤبد 5 مرات.

 

شطب اسم البرغوثي

استبشر كثيرون ممن يراهنون على قدرة البرغوثي في رأب الصدع الفلسطيني، وإعادة ضخ الدماء في عروق حركة "فتح" كحركة مقاومة بعد أن طرح اسمه على طاولة المفاوضات غير المباشرة بين "حماس" والكيان بشرم الشيخ، قبل أن يتفاجئوا بشطب اسمه ضمن مجموعة من القادة والأسرى أصحاب المحكوميات العالية بسجون الاحتلال.

البرغوثي الذي بدأ نشاطه السياسي في سن الخامسة عشرة في حركة فتح، يعد أحد أبرز الساسة الفلسطينيين الذين كانوا في صدارة المشهد عقب اندلاع الانتفاضة الثانية في عام 2000، ولمس فيه المراقبون مؤشرات تنبىء عن زعيم حقيقي مهموم بالقضية الفلسطينية، وتحرير الأرض المحتلة، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

كان البرغوثي يلتحم بالجماهير الفلسطينية، يشاركها آمالها وآلامها معًا، فتراه في المقدمة في جنازات الشهداء، لا يقيده منصب عن أداء واجبه في نصرة القضية، ولم يغره المال حتى يصمت، كان بسيط المظهر، لا يرتدي البزات الفاخرة، ولا يقود السيارات الفارهة كما غيره من الرفقاء في "فتح" والسلطة، لكنه كان غنيًا بمحبة الناس ونظرة الاحترام له.

 

23 عامًا بسجون الاحتلال

اعتقل البرغوثي إثر ​​عملية "الدرع الواقي" التي شنها الاحتلال عام 2002، عندما اتهمه الكيان الصهيوني بتأسيس "كتائب شهداء الأقصى" العسكرية، التي ظهرت خلال "الانتفاضة الثانية"، وتبنت سلسلة العمليات ضد جيش الاحتلال والمستوطنين، كما نفذت عمليات داخل الأراض المحتلة عام 1948.

وليس أدل على مخاوف الاحتلال من إطلاق سراح البرغوثي من ذلك الفيديو الذي بثته وسائل الإعلام في أغسطس الماضي، ويظهر اقتحام وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير لزنزانة  البرغوثي، مهددًا بأنه سيمحو كل من يعبث مع شعب إسرائيل، وأضاف موجها حديثه للبرغوثي "إنكم لن تنتصروا، ويجب أن تدركوا ذلك".

عكس ذلك حالة من الرعب في أوساط قيادات الكيان الصهيوني من شخص البرغوثي، لأنهم يدركون تمامًا حجم شعبيته بين الفلسطينيين، وإلى أي مدى سيكون مختلفًا تمامًا عن القابعين في رام الله، كما عرف عنه في السابق، في ظله رهانه على المقاومة كخيار أساسي لتحرير الأرض، فضلاً عن أنه كونه أكثر قابلية بين الفصائل الفلسطينية، مما يؤهله لأن يكون زعيمًا للجميع وليس لفصيل دون آخر، وهو ما يفسر لماذا رفض الكيان وضعه على قائمة المفرج عنهم في صفقة التبادل.

 

رفض نتنياهو

ووفقًا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، عرض رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، رونالد لاودر السفر إلى مصر الأسبوع الماضي للضغط من أجل إطلاق سراح البرغوثي، ضمن صفقة الرهائن المرتقبة، لكن عرقل هذه الجهود، وقال إن "المخاطر السياسية الداخلية وشعبية البرغوثي الواسعة تجعل اطلاق سراحه خطر على تل أبيب".

وقالت الصحيفة: "يُنظر المسؤولون الإسرائيليون إلى البرغوثي (الذي يعتبره الفلسطينيون رمزًا للوحدة الوطنية وخليفةً محتملًا لمحمود عباس) على أنه يشكل خطرًا سياسيًا على دولتهم".