يشكل الشباب في مصر العمود الفقري للمجتمع ومستقبله، لكن واقعهم في 2025 يعكس معاناة عميقة بين بطالة متفشية وضغوط الهجرة غير النظامية، وسط قيود متزايدة من نظام الانقلاب.

يكشف هذا التقرير تفاصيل نسب البطالة، مخاطر الرحلات الهجيرة، وأصوات الشباب المعارضين الذين يواجهون تحديات سياسية واجتماعية كبيرة مع قمع النظام.
 

معدلات البطالة بين الشباب
رغم إعلان حكومة الانقلاب العسكري تراجع معدل البطالة إلى 6.1% في الربع الثاني من 2025، إلا ان هذا الرقم لا يعكس الواقع بدقة.

تشير تقارير رسمية ودراسات مستقلة إلى أن معدل البطالة بين الشباب، خاصة حملة الشهادات الجامعية، لا يزال مرتفعاً للغاية، ويصل إلى 63% من إجمالي العاطلين.

تعزى هذه الأزمة إلى الفجوة الكبيرة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، حيث تتجه الجامعات إلى تخريج آلاف الشباب في تخصصات لا توفر فرص عمل كافية، إلى جانب اقتصاد يعتمد بشكل رئيسي على مشروعات لا توفر وظائف مستدامة.​

يترك هذا الواقع ملايين الشباب في حالة من الإحباط وعدم الأمل في مستقبلهم الوظيفي، مما يدفعهم في كثير من الحالات إلى التفكير جدياً في الهجرة كخيار وحيد للهروب من هذه الأزمة.
 

الهجرة غير النظامية
تعتبر الهجرة غير النظامية من مصر ظاهرة مستمرة رغم جهود حكومة الانقلاب للحد منها عبر سياسات أمنية وإعلامية وتنموية.

حسب خبراء، تعد الأوضاع الاقتصادية والسياسية في مصر هي الدافع الأساسي لهذه الهجرة، حيث يفتقد الشباب الفرص الحقيقية في وطنهم.
كما أن عمليات الهجرة عبر البحر من السواحل الليبية، التي أصبحت بديلاً لمسار الرحلات البحرية السابقة من مصر، أكثر خطورة ومخاطرة بحياة الشباب الوافدين الباحثين عن العيش الكريم.​

تؤكد شهادات وبيانات إحصائية وجود شبكات تهريب واستغلال للمهاجرين الذين يُحتجزون أحياناً في ظروف مأساوية قبل الانطلاق في رحلات محفوفة بالمخاطر.
الهجرة هنا ليست مجرد خيار فردي، بل تعبير عن ضياع الأمل والحاجة الملحة لمستقبل أفضل، في ظل بيئة طاردة تفتقر إلى دعم الدولة للفرص والحقوق.
 

القيود السياسية
بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يواجه الشباب المعارض للنظام قيوداً واسعة على حرية التعبير والتنظيم السياسي.

يبقى النشاط السياسي لشباب المعارضة محاصرًا بحملات الاعتقال والتضييق، مما يقلل فرص مشاركتهم في بناء بدائل سياسية واقتصادية.
رغم ذلك، تظهر بعض المبادرات والجهود السياسية المدنية، مثل تأسيس "أمانة شباب الحركة المدنية الديمقراطية" وبرامج بناء قدرات الشباب في الأحزاب السياسية المستقلة، التي تهدف إلى تعزيز الوعي والمشاركة رغم كل العراقيل.​

لكن غياب المساحات المفتوحة والمأمونة للشباب يجعل من المستحيل انتشال واقعهم السياسي والاجتماعي من الأزمة، ويزيد من إحساسهم بالعزلة والدفع باتجاه البحث عن مهرب سواء داخل البلاد أو عبر الهجرة.
شباب مصر يعيشون بين واقع مرير من البطالة التي تخنق أحلامهم، وهجرة محفوفة بالمخاطر هرباً من وضع محبط، وقمع يحد من حريتهم في التعبير عن مطالبهم.

الأزمة متشابكة وتستلزم حلولاً اقتصادية وسياسية واجتماعية شاملة تشرك الشباب في صنع القرار وتوفر فرص عمل حقيقية وآمنة، بينما تلغي أسباب الطرد والهجرة.
هذا الواقع يشكل تهديداً جاداً لمستقبل المجتمع المصري ومستقره إذا استمرت السياسات الحالية دون تغيير جذري.​

في الختام، يبقى صوت الشباب هو المؤشر الحقيقي على مدى صحة ونجاح أي نظام في مصر، فحدوث قطيعة بين الأجيال الشابة ووطنهم يدفع الجميع نحو متاهات غير محسوبة العواقب على المستوى الوطني والإقليمي.