استيقظ الفلسطينيون في قطاع غزة قبل فجر اليوم الخميس على مشهد لم يألفوه منذ سنوات، حيث عمّت الشوارع أجواء من الفرح العارم عقب الإعلان الرسمي عن اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال الاسرائيلي وحركة "حماس"، في أعقاب مفاوضات شاقة جرت في شرم الشيخ، برعاية أمريكية مباشرة قادها الرئيس دونالد ترامب.
مشاهد الفرح من قلب الدمار
رغم الركام الذي يحيط بالأحياء المنكوبة، خرج آلاف الفلسطينيين من بيوتهم وخيام النزوح إلى الشوارع والساحات العامة، يرفعون الأعلام الفلسطينية ويرددون التكبيرات وأهازيج الفرح التي اختلطت بدموع الألم على عامين من الحرب المدمرة.
الأطفال الذين فقد كثير منهم ذويهم، ظهروا في مقاطع مصوّرة وهم يلوّحون بالأعلام، بينما وزعت نساء الحلوى على المارة في محاولة لإحياء طقوس الفرح الغائبة منذ زمن.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، تصدّر وسم #غزة_تنتصر قائمة الأكثر تداولًا، حيث شارك ناشطون صورًا ومقاطع مؤثرة تظهر سجود رجال الدفاع المدني في الشوارع، وعودة بعض العائلات النازحة إلى منازلهم المدمّرة، في لحظة وصفها ناشطون بأنها "مزيج من الانتصار والوجع".
أبرز بنود الاتفاق
الاتفاق، الذي وُصف بالتاريخي، شمل في مرحلته الأولى إطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين وعددهم 48، مقابل آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، إضافة إلى انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من القطاع. كما نصّ على فتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية، والشروع في خطة إعادة إعمار تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات بإشراف دولي.
وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن أكثر من 67 ألف شهيد غالبيتهم من النساء والأطفال، عاش سكان غزة، البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، يومًا يوصف بأنه "الأهدأ" منذ سنوات.
بارقة أمل وسط الحذر
الفلسطينيون استقبلوا الاتفاق بفرح كبير، لكنهم لم يخفوا خشيتهم من نكث الاحتلال لبنوده كما حدث في اتفاقات سابقة. ومع ذلك، رأى كثيرون أن ما تحقق يمثل "فرصة ذهبية" يجب التمسك بها لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وإعادة النازحين إلى بيوتهم.
أم محمد، وهي نازحة من شمال غزة، قالت: "عدت اليوم إلى منزلي لأجده مهدّمًا، لكنني رغم ذلك شعرت بالراحة، على الأقل يمكنني أن أبدأ من جديد. ما نحتاجه الآن هو ضمانات حقيقية للإعمار وعدم العودة للحرب."
طريق طويل للإعمار والعودة
الاتفاق فتح باب الأمل أمام مئات آلاف الأسر التي شُردت خلال الحرب. مشاهد العودة إلى الأحياء المنكوبة حملت رمزية كبرى، حيث شوهدت عائلات تدخل بيوتًا نصف مدمرة لتضع داخلها فرشًا بسيطة، في محاولة لاستعادة حياة طبيعية فقدت منذ عامين.