تعيش السواحل الشرقية للمتوسط حالة ترقب غير مسبوقة مع اقتراب موعد وصول "أسطول الحرية" إلى قطاع غزة يوم الجمعة المقبل، في وقت تعيش فيه طواقم السفن المشاركة حالة من التأهب القصوى خشية تعرضها لهجوم من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي سبق وأن اعترض عشرات السفن المتضامنة في محاولات مماثلة لكسر الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 18 عاماً.

وقالت هويدا عراف، المتحدثة باسم تحالف "أسطول الحرية" والناشطة الأمريكية من أصول فلسطينية، من على متن سفينة "الضمير": "نحن في حالة استعداد دائم، وندرك أن الاحتلال قد يلجأ لاستخدام القوة لمنعنا من الوصول إلى غزة، لكننا ماضون في رسالتنا الإنسانية والسياسية".

وأضافت أن الأسطول يمثل "موجة من السفن المدنية التي ترفع الصوت عالياً ضد الحصار غير القانوني والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون في القطاع".

 

رسائل إنسانية وسياسية

تحمل سفينة "الضمير"، التي يبلغ طولها 68 متراً، على متنها عدداً من الأطباء والصحفيين والناشطين الدوليين، ممن جاؤوا ليؤكدوا أن "غزة ليست وحيدة"، وفق تعبير عراف، التي شددت على ضرورة أن "ينتفض العالم ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية عبر فرض عقوبات على تل أبيب وإجبارها على إنهاء حصارها الجائر".

وأشارت إلى أن الموعد المتوقع لوصول الأسطول إلى شواطئ غزة هو العاشر من أكتوبر الجاري، مؤكدة: "نحن نبحر لنقول للعالم إن هذا الوضع يجب أن ينتهي. رسالتنا إلى الفلسطينيين في غزة: نحن قادمون، وسنحاول بكل ما نستطيع الوصول إليكم".

 

تحالف دولي متنوع

ويتكون تحالف "أسطول الحرية" من 11 سفينة، انطلقت الأربعاء الماضي من مدينة أوترانتو الإيطالية. الأسطول يرفع أعلام دول مختلفة ويشارك فيه مئات المتضامنين من شخصيات حقوقية وإعلامية، سعياً لتسليط الضوء على معاناة سكان القطاع المحاصر، وللتأكيد على أن القوانين الدولية تكفل حرية الملاحة والعمل الإنساني.

وفي الوقت ذاته، يبحر الأسطول حالياً في المياه الدولية متجهاً نحو منطقة مصنفة بأنها "متوسطة الخطورة" بسبب احتمال تعرضه لاعتراض من البحرية الإسرائيلية، ما يثير قلق المشاركين الذين يؤكدون رغم ذلك أنهم "لن يتراجعوا عن هدفهم".

 

تاريخ طويل من الاعتراضات

وسبق لسلطات الاحتلال أن اعترضت عشرات السفن في إطار ما عُرف بـ"أسطول الصمود العالمي"، حيث استولت على 42 سفينة في عرض البحر، واعتقلت مئات الناشطين الدوليين قبل أن تُرحّلهم إلى بلدانهم. أبرز هذه الحوادث كان اعتراض أسطول الحرية الأول عام 2010، حين قتل الجنود الإسرائيليون عشرة ناشطين أتراك على متن سفينة "مافي مرمرة"، وهو ما أثار أزمة سياسية واسعة حينها.

 

حصار غزة والإبادة الجماعية

يأتي تحرك الأسطول الجديد في ظل ظروف مأساوية يعيشها سكان قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، والتي وصفتها منظمات حقوقية أممية بأنها "إبادة جماعية مستمرة".

ووفق آخر الإحصاءات الموثقة، بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين حتى الآن 67 ألفاً و160 شهيداً، فيما وصل عدد الجرحى إلى نحو 169 ألفاً و679 جريحاً، معظمهم من الأطفال والنساء. كما أدى الحصار إلى مجاعة واسعة النطاق تسببت في وفاة 460 شخصاً، بينهم 154 طفلاً.