شهد مقر هيئة المساحة بالدقي، منذ أيام، توافد مئات المواطنين المتضررين من مشروع محور عمرو بن العاص، في وقفة احتجاجية سلمية رفعوا خلالها شعارات تعكس حجم معاناتهم الممتدة منذ سنوات.

الأهالي، الذين فقدوا منازلهم قبل أكثر من ثلاث سنوات لصالح مشروعات التطوير العمراني، ما زالوا يطالبون بصرف التعويضات العادلة أو توفير بدائل سكنية، وهي وعود حكومية لم تتحقق بعد رغم مرور الزمن.

الهتافات التي صدحت في المكان، مثل: "هديتوا بيوتنا وشردتونا في الشوارع"، عكست حالة الغضب والإحباط التي تسكن صدور هؤلاء المواطنين، بعدما وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها بلا مأوى أو بديل واضح.

 

ورغم أن الجهات الرسمية كانت قد تعهدت بصرف تعويضات مالية تغطي قيمة المنازل وفق التقديرات الحكومية، إلا أن الإجراءات تعثرت، تاركة مئات الأسر في مواجهة مصير مجهول.

وما يصفه الأهالي بـ"سياسات بلدوزر السيسي" لم يعد مجرد تعبير إعلامي، بل واقع يومي يعيشه سكان مناطق عدة بالقاهرة. إذ تسعى الدولة إلى تنفيذ مشروعات بنية تحتية كبرى على حساب الأحياء القديمة، في مسار "التطوير القسري" الذي يتجاهل الأبعاد الاجتماعية والإنسانية للأسر المتضررة.

ويشير مراقبون إلى أن الأزمة ليست مالية فقط، بل تحمل أبعادًا أعمق تتعلق بثقة المواطن في مؤسسات الدولة، خصوصًا عندما تتأخر أو تغيب الحلول البديلة. فغياب التعويضات العادلة يهدد استقرار المجتمعات المحلية ويزيد من حالة التوتر بين الدولة والمواطنين.
 

فجوة بين التخطيط والتنفيذ
بحسب خبراء التخطيط العمراني، تكمن المشكلة في الفجوة الكبيرة بين المخططات على الورق وواقع التنفيذ على الأرض. فبينما تؤكد الدولة أن هذه المشاريع تستهدف "تحسين جودة الحياة" و"تخفيف الزحام"، يجد الأهالي أنفسهم في مواجهة تهديد مباشر لأمنهم الاقتصادي والاجتماعي، بعدما أصبحت بيوتهم جزءًا من ثمن هذا التطوير.
 

استمرار الحراك الشعبي
هذه الوقفة الاحتجاجية ليست الأولى، فقد سبق للأهالي تنظيم مظاهرات مماثلة على مدار الأيام الماضية دون أن تفضي إلى حلول جذرية. ويرى المتظاهرون أن استمرار تجاهل مطالبهم العادلة سيؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات، خاصة مع تزايد أعداد الأسر التي لا تملك مأوى منذ هدم بيوتها.

وبينما اكتفت السلطات بالصمت حتى الآن، يؤكد المتضررون أنهم مستمرون في الضغط حتى استعادة حقوقهم، سواء عبر التعويضات المالية أو بتوفير وحدات سكنية بديلة تعيد إليهم بعضًا من الاستقرار المفقود.