في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني عن إلغاء مادة الأحياء للصف الثاني الثانوي "الشعبة العلمية" واستبدالها بمادة التاريخ، وفق القرار الوزاري رقم 234 لسنة 2025، المعدل للقرار رقم 138 لسنة 2024 بشأن تطبيق نظام الدراسة والتقييم في المرحلة الثانوية.
القرار، الذي يبدأ تطبيقه من العام الدراسي 2025/2026، جاء بمثابة صدمة للطلاب وأولياء الأمور، وأشعل موجة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تساؤلات عن جدوى هذه التعديلات المستمرة التي أربكت العملية التعليمية منذ تولي الملقب بـ"المزور" محمد عبداللطيف وزارة التعليم.
غضب عارم من الطلاب والأسر
لم يخفِ طلاب الصف الثاني الثانوي استياءهم من القرار، حيث رأوا فيه عبثاً بمستقبلهم العلمي، خاصة أن مادة الأحياء تُعد من الركائز الأساسية للشعبة العلمية، وترتبط ارتباطاً مباشراً بمستقبل طلاب كليات الطب والصيدلة والعلوم. يقول أحد الطلاب عبر منصات التواصل: "كيف أُدرس شعبة علمية بدون أحياء؟ هل سيصبح تاريخ العلماء بديلاً عن دراسة علم الأحياء نفسه؟"
أما أولياء الأمور، فعبّروا عن استغرابهم من سياسات الوزارة التي لا تستقر على نظام واحد، معتبرين أن القرارات المتلاحقة تربك الطلاب وتفقدهم الثقة في جدية النظام التعليمي. كثيرون وصفوا القرار بأنه "مجزرة تعليمية" تهدد بتفريغ الشعبة العلمية من مضمونها.
فكتبت الناشطة شاهيناز طاهر: "ممكن تقرأ الخبر وتفهم وتبحث قبل ما ترد علشان احنا مش بنهاجم حد، احنا بننتقد الخطأ للتقويم. شال مادة الأحياء من تانية ثانوي واستبدلها بتاريخ الحضارات في شبه الجزيرة!!".
ممكن تقرأ الخبر وتفهم وتبحث قبل ما ترد
— شاهيناز طاهر (@ChahinazTaher) September 26, 2025
علشان احنا مش بنهاجم حد
احنا بننتقد الخطأ للتقويم
شال مادة الأحياء من تانية ثانوى واستبدلها بتاريخ الحضارات فى شبه الجزيرة!! https://t.co/BuwiHngcht pic.twitter.com/vq2gDOXgcU
الكاتب والروائي نادر حلاوة: "كبر الصورة ودور على مادة الأحياء في تانية ثانوي (علمي)، ودور بقى على مادة التاريخ برضو في تانية ثانوي (علمي). اللي مش مصدق وبيتهم اللي بينشر بالكذب، دلوقتي هيبتدي يشتغل على نظام التبرير، ونخليها "تبرير" أحسن".
كبر الصورة ودور على مادة الأحياء في تانية ثانوي (علمي) ودور بقى على مادة التاريخ برضو في تانية ثانوي (علمي)
— Nader Halawa (@nhalawa1) September 26, 2025
اللي مش مصدق وبيتهم اللي بينشر بالكدب دلوقتي هيبتدي يشتغل على نظام التبرير ونخليها "تبرير" أحسن pic.twitter.com/8Z4z1uY35M
وقالت تارة: "رايحين يفتشوا عن الشعر واللبس، وهما يلغوا مادة الأحياء من القسم العلمي لتانية ثانوي، بس لازم الطبلة تشتغل برضه من البعض. الطبلة أسلوب حياة".
رايح يفتشوا عن الشعر و اللبس و هما رايحيبن يلغوا ماده الاحياء من القسم العلمي لتاتيه ثانوي بس لازم الطبله تشتغل برضه من البعض .الطبله اسلوب حياه
— Tara dunken (@foreverr_nafruz) September 26, 2025
وأشارت نجلاء: "إلغاء مادة الأحياء؟؟؟ هاتدرسوا مادة الأموات بدالها؟؟؟".
إلغاء مادة الأحياء؟؟؟هاتدرسوا مادة الأموات بدالها؟؟؟
— naglaa wahba (@nogawahba) September 26, 2025
وقالت العنود: "يعني إيه؟ هي الأحياء مادة ما بهاش لازمة هي كمان زي الفلسفة وعلم النفس؟ أومال هايدرسوا طب إزاي؟؟ أنا ويمين الله ما مصدقة اللي بيحصل في التعليم دا.. صحيح خلصنا المراحل دي بس ولاد مصر اللي جايين هايعملوا فيهم إيه؟؟ حد يلغي أحياء وفلسفة ولغات؟ إيه العته دا".
يعني ايه؟ هي الأحياء مادة مابهاش لازمة هي كمان زي الفلسفة وعلم النفس؟ اوومال هايدرسوا طب ازاي؟؟ انا ويمين الله ما مصدقة اللي بيحصل في التعليم دا..صحيح خلصنا المراحل دي بس ولاد مصر اللي جايين هايعملوا فيهم ايه؟؟حد يلغي احياء وفلسفة ولغات؟ايه العته دا
— 🇪🇬🇪🇬تلك العنود (@NefertitEgypt) September 25, 2025
وأوضحت أشجان: "هتدمروا التعليم والبحث العلمي في مصر يا حكومة. إزاي يتم إلغاء مادة الأحياء من أولى وتانية ثانوي؟ من أعطى الحق لذلك الوزير الفاشل ليعربد في مستقبل الشباب المصري ويدمر التعليم والبحث العلمي؟ إقالة وزير التعليم مطلب شعبي".
هتدمروا التعليم والبحث للعلمي ف مصر ياحكومة
— 123456 (@wrdh_aljnh78488) September 25, 2025
ازاي يتم الغاء مادة الأحياء من اولي وتانية ثانوي مين أعطي الحق لذا الوزير الفاشل ليعربد ف مستقبل الشباب المصري ويدمر التعليم والبحث العلمي
اقالة وزير التعليم مطلب شعبي @CabinetEgy@AlMasryAlYoum
انتقادات لوزير التعليم: سجل طويل من القرارات العشوائية
الانتقادات لم تتوقف عند القرار الأخير فحسب، بل طالت وزير التعليم نفسه، إذ ذكّره كثيرون بسلسلة من القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها في وقت سابق. فقد سبق أن ألغى مادة اللغة الأجنبية الثانية من بعض الصفوف، وهو القرار الذي اعتبره خبراء "تراجعاً خطيراً" عن تطوير مهارات الطلاب اللغوية في عصر يعتمد على التعددية الثقافية والانفتاح العالمي.
اليوم، يتكرر المشهد مع إلغاء مادة الأحياء، ما جعل كثيرين يرون أن الوزير يفتقد لرؤية استراتيجية واضحة، وأنه يكتفي بتجريب "الوصفات التعليمية" على الطلاب دون تقييم موضوعي لنتائج قراراته السابقة.
عبث بالمناهج أم تطوير؟
وزارة التربية والتعليم بررت القرار بأنه يأتي في إطار "إعادة هيكلة المناهج وتخفيف الضغط الدراسي على الطلاب"، غير أن هذه الحجة لم تقنع أحداً. فالتخفيف لا يعني إلغاء مواد محورية، خاصة في شعبة علمية يُفترض أن تؤهل الطلاب للالتحاق بكليات عملية.
الخبراء التربويون اعتبروا أن ما يحدث ليس تطويراً، بل "تفكيكاً" للمناهج التعليمية. فبدلاً من تحديث طرق تدريس الأحياء، وتزويد الطلاب بأدوات تكنولوجية حديثة لفهمها، تم إلغاؤها بالكامل، وكأن المشكلة في وجود المادة نفسها لا في أسلوب تدريسها.
مستقبل ضبابي للشعبة العلمية
القرار يثير أسئلة خطيرة حول مستقبل الشعبة العلمية: كيف سيتأهل طلابها للطب أو العلوم من دون دراسة الأحياء في الصف الثاني الثانوي؟ وهل يكفي تدريسها لاحقاً في الصف الثالث الثانوي لتعويض الفجوة المعرفية الكبيرة التي ستنشأ؟
الأمر يشبه – في رأي الخبراء – بناء بيت دون أساس، ثم محاولة إضافة الأساس لاحقاً. وهو ما قد يؤدي إلى ضعف مخرجات العملية التعليمية ويجعل الطلاب غير مؤهلين لمواصلة دراساتهم الجامعية.
غياب الحوار المجتمعي
واحدة من أبرز مآخذ المنتقدين على وزير التعليم هي إصراره على اتخاذ قرارات مصيرية دون أي حوار مجتمعي. لا استشارة للمعلمين، ولا استماع لأولياء الأمور، ولا حتى إشراك الطلاب. وكأن التعليم مجرد ملف يُدار من مكتب مغلق بعيداً عن الواقع.
هذا الغياب للحوار يفتح الباب أمام المزيد من الأخطاء، ويجعل القرارات مفروضة قسراً، وهو ما يفاقم من شعور الطلاب وأسرهم بالظلم والتهميش.
أزمة ثقة في التعليم
قرار إلغاء الأحياء واستبداله بالتاريخ لا يمثل مجرد تعديل في مادة دراسية، بل يعكس أزمة عميقة في إدارة ملف التعليم في مصر. إنها أزمة ثقة بين الوزارة والمجتمع، حيث يرى المواطنون أن وزير التعليم يواصل سياساته العشوائية التي تفتقر إلى الرؤية، بينما يدفع الطلاب الثمن من أعصابهم ومستقبلهم.
إن إصلاح التعليم لا يكون بإلغاء المواد الأساسية أو العبث بالمناهج، بل بوضع خطة استراتيجية واضحة، وتطوير طرق التدريس، وتزويد المدارس بالإمكانيات الحديثة. أما الاستمرار في سياسة القرارات المفاجئة، فلن يؤدي إلا إلى مزيد من الغضب والإحباط، وتراجع مكانة التعليم المصري إقليمياً ودولياً.